كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي صدر مؤخرا والذي ننقل جزأه الأول بخصوص شركة «ليدك» عن مجموعة من الاختلالات المرتبطة بهذه الشركة، والتي كانت جريدتنا وصحف وطنية أخرى قد عرت عنها في عدة مناسبات، كما كان يطرحها فريق الاتحاد الاشتراكي داخل مجلس مدينة الدارالبيضاء منذ 2003 إلى الآن، واعتبرت من طرف الأغلبية المسيرة للمجلس بأنها مزايدات سياسية. كما تطرقت لهذه الاختلالات المعارضة الحالية فاتهمت بأنها تتجه إلى «البوليميك» لافشال عمل الأغلبية. تقرير المجلس الأعلى كان واضحا وفاضحا إذ قال بأن شركة «ليدك» لم تحترم التزاماتها اتجاه الدارالبيضاء، يقول التقرير : « خلال العقد الأول، لم يكن أداء المفوض له مطابقا لمقتضيات العقد، إذ أن استغلال الملف الخاص بالإستثمارات- بعد استبعاد المصاريف الملحقة بالنسبة للعينة المختارة لسنة 2006 - يثبت أن إنجازات المفوض له فيما يتعلق بالبنية التحتية و أشغال التقوية لا تتجاوز 100 مليون من أصل 350 مليون مبرمجة. وقد تبين، من خلال التتبع المادي، أن ما يفوق ثلاثين مشروعا لم يتم إنجازها من بينها مشروع مكافحة التلوث بمبلغ يتجاوز 1010 مليون درهم (قيمة 1996) . بالإضافة إلى عشرات المشاريع في طور الإنجاز تعاني من التأخير . و ترجع » ليدك « أسباب التأخير إلى وتيرة التعمير التي ترتب عنها ارتفاع الطلب و دخول مناطق جديدة للتعمير و صعوبة اقتناء الأراضي المخصصة للمشاريع و ضعف التنسيق بين مختلف المتدخلين و عدم الحصول على التعرفة المتعاقد عليها. إلا أن هذه المعيقات لا تشكل شروطا لوقف تنفيذ بنود العقد، إذ أن الشرط الوحيد الذي يخول للمتعاقدين تعليق تنفيذ المشاريع يكمن في عدم الحصول مجانا و في الوقت المناسب على التراخيص الإدارية و كذا «المسالك » الضرورية للقيام بالأشغال». مشكل جودة المياه التي طالما اشتكى منها مئات المواطنين في مختلف الأحياء المتوزعة على الدارالبيضاء، وشكلت موادا دسمة في مختلف المنابر الاعلامية، وطرحها بعض أعضاء مجلس المدينة في أكثر من مناسبة، كان محط اهتمام المجلس الأعلى للحسابات، إذ يقول تقريره « لاحظ المجلس الجهوي للحسابات وجود أحياء يتم تزويدها بماء مشبع بالصدأ، و هو ما يسمى «بالمياه الحمراء »، وتعزى هذه الظاهرة إلى قنوات الفولاذ الرمادي العتيقة التي تسرب مادة الصدأ . و قد تم تسجيل عدة شكايات منذ سنة 2006 لم يتم أخذها بعين الاعتبار إلى حدود نهاية مهمة المراقبة. وعوض إرساء سياسة جادة وفعالة لتجديد شبكات التوزيع، كما ينص على ذلك العقد، يلجأ المفوض له إلى حلول ترقيعية كالضخ بالماء «hydrocurage » و تغيير العدادات و التنقيب على مواقع التسريبات . إلا أن هذه االحلول، رغم كونها ضرورية، تبقى غير كافية على المدى البعيد. أما المشاريع التي تخص محاربة التلوث و معالجة المياه العادمة، فلازالت في طور الدراسات. كما أن هدف الربط الشامل لكافة الأسر بشبكات الماء و التطهير لم يتم تحقيقه، ويظهر الفرق واضحا بالنسبة للربط الإجتماعي. عدم احترام الالتزامات لم يكن وحده محط انتقاد تقرير المجلس الأعلى للحسابات وإنما طال كذلك مسألة ضعف الوسائل المبذولة قصد إنجاز المشاريع التعاقدية، حيث أشار التقرير إلى أن شركة «ليدك» لم تقم ب « إعداد البرنامج السنوي للمشاريع استنادا على الحاجيات التي تم إحصاؤها ، ولكن انطلاقا من إكراهات الميزانية، إضافة إلى عدم تحيين دراسات المشاريع قصد تقييم الكلفة بأكبر قدر من الدقة. كما أن الميزانية رغم ضعفها، لم يتم تخصيصها كليا للمشاريع، كما هو الشأن بالنسبة للسنتين 2006 - 2005 حيث قررت «ليدك » الاحتفاظ بجزء غير مخصص للمشاريع. وبتصرفها التلقائي بخفض نسبة الإنجازات لأسباب تتعلق بالتعريفة و العقار، تكون «ليدك » قد ألحقت ضررا بالجماعة على صعيدين: الأول مرتبط بكلفة التخلي عن المشروع، قد تكون أكبر بكثير من المتوقع في حالة وقوع أضرار تمس بالصحة العمومية )التلوث( أو السلامة ) الفيضانات(؛ والتسبب في التأخير في الإنجاز بارتفاع التكلفة الناتج عن ارتفاع أثمنة الأراضي و مواد البناء. علاوة على ذلك، فقد تظافرت مجموعة من العوامل في تعميق هوة الفارق في إنجاز المشاريع. و تتمثل في: تأخير تحرير رأس المال والتوزيع الإستباقي للأرباح و التعويض المزدوج للمساهمين عن طريق المساعدة التقنية و سوء التدبير للعقار». أما فيما يخص تدبير العقار، « فقد تخلت الجماعات المعنية عن بعض التزاماتها المسطرية في إطار المشروع قصد اقتناء الأرض، و اقتصر دورها على تثبيت الثمن و مصادقة المجلس. وقد ساهمت بعض الممارسات في استفحال الوضع كما هو الشأن بالنسبة لبرمجة مشاريع دون تصفية وضعيتها العقارية؛ و عدم تصفية الملفات داخل آجال معقولة، كما هو الشأن بالنسبة للأرض المخصصة لصهريج دار بوعزة حيث تم تجميد المسطرة بين 2003 و 2007 . في حين توجد ملفات عالقة منذ 1999 و 2002 إلى غاية تاريخ انتهاء المهمة». ضعف الشفافية في تدبير المشاريع من طرف الشركة بالاضافة إلى اختلالات مالية وترشيد نفقات البنية التحتية كانت هي الأخرى محط تركيز تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي سجل غياب التتبع المادي للمشاريع المنجزة جزئيا أو كليا. كما لوحظ نقصان الملف التقني في غياب وثائق كدراسات الجدوى و الصفقات و محاضر التسلم. ولقد تم الوقوف على اختلالات فيما يخص تدبير وحفظ ملفات الصفقات حيث أن قاعدة البيانات الخاصة ب «ليدك » لا تخزن المعلومات الخاصة بالصفقات أو سندات الطلب مما يحول دون إرساء قواعد الشفافية في التتبع و التنفيذ. كما لم يتم احترام مقتضيات المادة 17 من العقد و التي تنص على ضرورة عرض مشاريع الصفقات التي يتم إبرامها بصفة مباشرة أو غير مباشرة مع مجموعة «ليونيز للمياه » أو أحد فروعها أو مساهماتها على اللجنة التقنية للتتبع. وسجل التقرير أيضا ثغرات فيما يتعلق بضبط و تحيين جدول الأثمان الأحادية، إذ أن النسخة المعتمدة تعود إلى 2004 ، وهي غير مصادق عليها. ويضيف المفوض له إلى كلفة التجهيزات المصاريف المالية المرتبطة بالنشاط الكلي للشركة و حصة جزافية تمثل % 10 من مصاريف الإدارة العامة. إلا أن هذه الممارسة مخالفة للمدونة العامة للتنميط المحاسبي بالمغرب. كما أن المصاريف المرتبطة باقتناء التجهيزات يتم تسجيلها في بعض الأحيان انطلاقا من جداول المنجزات عوض الفاتورات دون تدارك الوضع فيما بعد. التقرير ضبط أن شركة «ليدك» ليس فقط لاتفي بالتزاماتها وببنود دفتر التحملات وإنما تعمد إلى التغليط من خلال إعلان أرقام مالية مبالغ فيها، ولاتمت للواقع بصلة، إذ يقول التقرير « إن المجلس خلص إثر تحليل الملف الخاص بالتجهيزات لسنة 2006 تم اختياره لاعتبارات موضوعية- إلى أن 44 % من الإنجازات المعلنة من طرف المفوض له هي عبارة عن مصاريف المالية المرتبطة بالنشاط الكلي للشركة و حصة جزافية تمثل 10 % من مصاريف الإدارة العامة و اليد العاملة. وبهذا، عوض 687 مليون درهم المعلن عنها ، فإن الإنجازات المادية قد لاتتعدى 358.5 مليون درهم مما يدل على أن الإنجازات المادية قد تم تضخيمها بنسبة 78 % حسب دراسة المجلس الجهوي». كان محور الربط الاجتماعي موضوع نقاشات حادة بين ساجد وأعضاء المعارضة ممثلة في الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال خلال الولاية السابقة، إذ أكد كمال الديساوي باسم المعارضة بأن شركة «ليدك» لم تف بالتزاماتها فيما يخص الربط الاجتماعي لكن هذه الملاحظات كانت تجابه بقوة من طرف أغلبية ساجد ليأتي التقرير ويؤكد ملاحظات المعارضة بالقول « يحدد الملحق الثاني من العقد مبلغ 40 مليون درهم )قيمة 1996 ( كاعتماد لإنجاز الربط الإجتماعي خلال المدة العشرية الأولى، يمول من صندوق الأشغال أو عن طريق القروض الممنوحة من طرف البنك الدولي. إلا أنه، و منذ دخول العقد حيز التنفيذ إلى غاية شتنبر 2005 ، لم يتم إنجاز سوى معدل 9000 ربط عوض 45000 ربط كل خمس سنوات. و على الرغم من أن العقد الإطار لسنة 2005 و المتعلق بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية حدد الأهداف بوضوح ، فإن نسبة الإنجاز لم تتجاوز 6 % إلى غاية انتهاء مهمة المراقبة، علما أنه من المفترض إنهاء العملية في 31 دجنبر 2009 ». المساعدة التقنية التي أسالت الكثير من المداد وكانت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» قد تطرقت لها في مناسبات كثيرة بالأرقام والتوثيق، معتبرة أن المساعدة التقنية التي تلجأ لها شركة «ليدك» لاتعدو أن تكون تهريبا للأموال، ونقلت إذاك بالكشوفات أن بعض التعويضات المصروفة في إطار هذه المساعدة التقنية تصل للبعض إلى أربعين مليون سنتيم دون مراقب أو ترخيص من المفوض أي مجلس مدينة الدارالبيضاء، هذا الأمر اعتبره تقرير المجلس الأعلى للحسابات مخالفا لقوانين الصرف والجبايات، يقول التقرير « تعتبر المساعدة التقنية «مساهمة عينية/رأسمال علمي» موازية للمساهمة المالية، وبالتالي تكون التزاما تعاقديا يتقاضى بموجبه مساهمو الشركة تعويضا حسب مقتضيات عقد التدبير المفوض. إلا أن المفوض له لجأ خارج إطار العقد و بصفة أحادية إلى إبرام اتفاقية للمساعدة التقنية مع المساهمين المؤسسين لشركة «ليدك» تم تغييرها بثلاث ملحقات، التزمت الشركة من خلالها بأدائها للمساهمين من أجل: ) تعويض جزافي يتم احتسابه على أساس نسبة من رقم التعاملات الذي تحققه الشركة على ما أسمته المساعدة التقنية المستمرة مبلغ المصاريف والتحملات التي تتم فوترتها على كل تدخل في إطار ما أسمته المساعدة التقنية الدقيقة والتكوين (. وتجدر الإشارة، في هذا الصدد، إلى أن المبالغ و المصاريف التي تحملتها الشركة برسم المساعدة التقنية الدقيقة التي تتم فوترتها على كل تدخل بالإضافة إلى مصاريف المغتربين تفوق 50 مليون درهم سنويا. وقد خلص المجلس إلى أن التعويض الجزافي برسم المساعدة التقنية المستمرة يعتبر بمثابة تحويل للأرباح بين الشركة ومساهميها بلغ حسب المعطيات المحاسبية ل «ليدك» 927 مليون درهم بين 1997 و 2008 دون احتساب الرسوم التي تتحملها «ليدك». وبهذا، مكن هذا التعويض الذي حددته الشركة من جانب واحد المساهمين من استرجاع ما يعادل الرأسمال المستثمر في أقل من عشر سنوات. كما تعتبر هذه المبالغ التي تم صرفها دون مقابل غير مبررة و مخالفة لقوانين الصرف و الجبايات». التقرير في سطوره سيعرج على تجاوز الأرباح المتعاقد عليها مسجلا أن غياب المراقبة من طرف المفوض جعل «ليدك» تفعل ما تشاء سواء في الأرباح وفي طريقة صرفها، هذا الغياب جعلها وجها لوجه أمام المستهلك الذي اكتوى بنيران مزاجيتها في التعامل مع التسعيرة، هكذا جاء في التقرير: « قام المجلس الجهوي للحسابات بتقييم الأثر الناتج عن عدم احترام المقتضيات المالية للعقد خاصة ما يتعلق بالرأسمال والأرباح و المساعدة التقنية، وذلك استنادا إلى المعطيات الحقيقية بين 1997 و 2008 و التوقعات المالية للعقد من 2009 إلى 2027 ، حيث تبين أن الممارسات التي تقوم بها «ليدك» أدت إلى تجاوز الربح المتعاقد عليه، إذ بلغت نسبة المردودية الداخلية ) 18,5%TRI ( دون احتساب المساعدة التقنية المستمرة و فاقت 25.6 % مع احتساب المساعدة التقنية، علما بأن التوقعات المالية تمت على أساس 15 % ) تشمل تحمل المفوض له للمخاطر( ». مضيفا، « بأن عدم مطابقة احتساب و أداء حقوق السلطة المفوضة طبقا لبنود العقد، يخول للمفوض له صلاحية الاستخلاص المباشر من الزبناء للمستحقات و الواجبات الناتجة عن توفير خدمات توزيع الكهرباء و الماء و التطهير السائل و الخدمات الأخرى المنصوص عليها. في المقابل، يلتزم بتعويض سنوي للسلطة المفوضة تتم تصفيته على أساس رقم المعاملات. إلا أن هذا التعويض لم تتم تصفيته وفقا لبنود العقد للأسباب التالية: تعديل سعر التعويض تعديل رقم المعاملات تطبيق سعر التعويض على رقم معاملات غير نهائي دون تسوية الوضع فيما بعد. أما فيما يخص أداء التعويض، فقد عرف عدة فوارق أهمها: لا يتم الأداء السنوي دفعة واحدة داخل الآجال التعاقدية : لا يؤدي المفوض له سنويا مستحقات التعويض للسلطة المفوضة حيث لم يتم تسجيل أي أداء في بعض السنوات مما يؤثر سلبا على تمويل المشاريع بالمدينة؛ لجأت شركة ليدك و إلى غاية تاريخ إنهاء مهمة المراقبة إلى أداء مبلغ 39 مليون درهم نقدا إلى أشخاص لا يحملون صفة المحاسب العمومي استنادا على بروتوكولات اتفاقية شهرية بين المفوض له و السلطة المفوضة و سلطة الوصاية. و قد كان الهدف المعلن من العملية هو أداء رواتب العاملين و مصاريف الصيانة بحديقة الألعاب التابعة لمدينة الدار البيضاء)خارج إطار الميزانية(. كما تم استعمال الأموال الخاصة بالمدينة كتعويض عما تعتبره «ليدك» ضررا ناتجا عن عدم الترخيص لها بالزيادة في التعريفة، مما يشكل خرقا للقوانين و الأنظمة المعمول بها. وقد بلغ المبلغ المذكور 16 مليون درهم بين 2002 و 2005».