في كثير من المحطات السياسية يكون مطلوبا من المناضل إعادة قراءة سلوكه السياسي وفقا لمستجدات طارئة أو مبادرة وجيهة... أو انحراف قد يقع في استراتيجية موضوعة...يهجم فيها التكتيك على الأسئلة الكبرى.. وذاك بالتحديد ما وقع داخل حركة 20 فبراير بآسفي.. وبإصرار مفكر فيه، حيث التقى المناضلون من مختلف المشارب والحساسيات.. يوحدهم هدف استراتيجي، مناهضة الفساد ومحاربة الفاسدين.. والدفع باتجاه تسريع وحماية مداخل الانتقال الديمقراطي الذي بدأت معالمه تظهر واضحة بعد خطاب 9 مارس التاريخي.. لكن الذي يحدث وحدث في آسفي داخل الحركة المذكورة.. باتت له خلفيات واضحة تحركها أصابع معلومة «قررت» أن تشتغل بحركة شباب 20 فبراير بمنطق «حصان طروادة».. وهنا سقط الريال الذي يريدون البحث عنه بالبنادير.. لكن لن نرقص معهم عليه.....!!!.. لماذا يجب أن يعيد المناضل حساباته...؟؟. ولماذا يتوجب أن يقول المرء وبكل استقلالية ووضوح وموضوعية.. أن هذه الحركة لم تعد تلزمني في شيء.. على الأقل في آسفي..؟.. أولا: في البداية كانت المطالب واضحة.. والشعارات محسوم فيها.. والباب مفتوح للجميع.. إلى أن بدأ يتسرب كلام وسلوك وتصرف سياسي يأتيه بعض «المناضلين».. لا نقبل مثلا أن تنعت لجنة فيها مثقفون وخبراء وفقهاء دستور ب»العصابة».. لجنة المنوني ليست عصابة.. ومن دفع بهذا الشعار يوم الأحد 17 أبريل يجب أن يحاسب.. ثانيا: وقبل 17 أبريل أراد البعض أن يحول آسفي إلى ساحة حرب وكر وفر مع الأمن والسلطة.. اصطدامات مفتعلة.. احتكاكات مقصودة.. تحويل الاحتجاجات والوقفات إلى الأحياء الشعبية والأسواق في وقت الذروة.. بدون تأطير.. وبمنطق لا يتغيا سوى توتير الأجواء.. وإرهاق العقل الأمني بهذه اللعبة التي تكشف جيدا أهداف»مقترفيها».. ثالثا: لا يمكن اللعب بشباب عاطل غير مسيس واللعب على وتر الحاجة وتخوين الأحزاب الوطنية والقوى الحية.. وغرس فكرة عدائية ضد المؤسسات السياسية بطريقة لا تراعي الظرف الدقيق الذي تعيشه بلادنا.. رابعا: الاختفاء وراء مقولات الاختلاف واحترام الآخر.. ودعم احتجاجات الحركة.. أمر كان مقبولا قبل شهرين.. أما اليوم والآن.. فالاشتغال تحول إلى صيغ أخرى.. وضع الحركة في «الجيب» وتوزيع الأدوار بين التطرف العقدي والتطرف اليسراوي.. خامسا: لا نقبل كمناضلين في اليسار أن يتوهم البعض أنه بإمكانه «استعمالنا» باسم حسن النية والمشترك الوطني وأبناء المدينة.. نحن فقط كنا نراقب الوضع.. وندعم.. ونفضح.. ونتصدى لأي عنف أمني أو تجاوز سلطوي.. من منطلق مبدئي ليس إلا.. وهؤلاء .. لن يعولوا علينا بعد اليوم.. واجهوا مصيركم لوحدكم.. وواجهوا عاقبة خططكم السرية والعلنية.. فنحن في حل من أي التزام نضالي بعد 17 إبريل. سادسا:هذا الوضع يرتب مواقف بسيطة.. أولها.. إنني أعلن انسحابي من حركة 20 فبراير بآسفي.. وانسحابي من صفحة الحركة المحلية في الفيسبوك، والصفحة الخاصة باتحاديي 20 فبراير الوطنية.. لسبب وجيه.. لم تعد النقاشات في مستوى اللحظة التي يعيشها المغرب.. بدأت التسريبات و»الخطط الإعلامية».. الهدف العميق ضرب مصداقية الأحزاب السياسية ومنها على الخصوص حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكل الخلفية اليسارية والتقدمية في هذا البلد العزيز. ولدينا كل ما يثبت هذا الكلام.. ولا نتجنى على أحد أو نزايد على فصيل أو جماعة.. ما حدث هذا ولن يحدث قط.. سابعا: البلد وطبقته وسلطته السياسية تعيش في خضم نقاش مسؤول حول الورش الدستوري.. والمسألة اليوم مرتبطة بسؤال الوطن.. والوطن له كل الأولوية، وتسقط أمامه كل الحسابات والمزايدات والاجندات غير المسؤولة والمفضوحة أيضا.. لذلك اخترنا أن نكون مع الوطن ومع قواه الحية.. فالتوتر والتصعيد لا يخدم بالتأكيد سوى بعض مراهقي السياسة. ثامنا وأخيرا: النضال أخلاق ومروءة ورصانة ونزاهة.. تختفي أمامه كل الذاتيات.. فنحن نناضل من أجل مجتمع ديمقراطي ودولة ديمقراطية.. تفاصيل ذلك ناضلنا عليها لأكثر من خمسين سنة.. واليوم يأتي من يأتي والذي لم يعرف الشارع والسياسة والفصل 19 والملكية البرلمانية إلا في لافتات 20 فبراير.. أي شهرين أو ثلاثة.. ويريد أن يستأسد على المناضلين الذين كانوا في الساحة وفي أتون الفعل السياسي منذ عقود.. لهذه الأسباب مجتمعة، أصر على الانسحاب من هذه «الحركة» التي لم تعد تمثل أهدافها التأسيسية وحادوا بها عن سؤال الإصلاح، وهم ذاهبون بها إلى «كشك» التطرف والتطرف والتطرف، والذي لا يستحق غير الطلاق بالثلاث وبلا رجعة.......