سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الشاهد .. عبد الواحد الراضي في المؤتمر 124 للاتحاد البرلماني الدولي ببنما: للبرلمانيين والبرلمانيات دور مركزي في حماية وحراسة وتطوير الديمقراطية وترسيخ قيمها في المجتمع
« بداية أود أن أتوجه بأحر التشكرات للجمعية الوطنية لبناما رئيسا وأعضاء على حسن تنظيم المؤتمر 124 للاتحاد البرلماني الدولي، وعلى كرم الضيافة، وما تم بذله من جهود من أجل توفير أفضل الشروط لانعقاد هذا المؤتمر. أود أيضا أن أجدد الإشادة، بالأهمية القصوى التي تكتسيها مؤتمرات اتحادنا البرلماني الدولي، كفضاءات للنقاش حول مختلف القضايا التي تستأثر باهتمام شعوب العالم، وتعميق روابط الصداقة والتعاون بين البرلمانيين والبرلمانيات، خدمة لقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، والسلم والتعايش على الصعيد العالمي. إن التحولات الاجتماعية والسياسية التي عرفتها البشرية قد أكدت اليوم بما لا يدع مجالا للشك أن الديمقراطية كمنهج للتدبير السياسي هي الشرط الضروري لضمان السلم والأمن والاستقرار، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والإبداع الفني والثقافي، والتطور العلمي والتكنولوجي. ولذلك فإن دور البرلمانيين والبرلمانيات ممثلي الشعوب يعتبر دورا مركزيا في حماية وحراسة وتطوير الديمقراطية وترسيخ قيمها في المجتمع، من خلال الاستحضار الدائم للمبرر الأول والهدف الأسمى لانتخابهم من طرف المواطنين والمواطنات، والمتمثل في الاستجابة لتطلعات الناخبين، والتفاعل المستمر مع انشغالاتهم. إن هذا التفاعل بين البرلمانيين والبرلمانيات من جهة والناخبين من جهة أخرى يتطلب من البرلمانيين تفعيل سياسة القرب، والإنصات الدائم لاهتمامات المجتمع وطنيا ومحليا وقطاعيا سواء في أداء وظائف التشريع أو مراقبة العمل الحكومي أو الدبلوماسية البرلمانية. إذ يجب أن يظل البرلمان فضاء مفتوحا على المجتمع، متفاعلا مع الناخبين عبر توظيف مختلف آليات التواصل الكفيلة بالإنصات لانشغالاتهم وانتظاراتهم، سواء من طرف الفرق النيابية أغلبية ومعارضة، أو اللجان النيابية المختصة الدائمة أو المؤقتة. وفي هذا الإطار أود أن أذكر بالخلاصات الوجيهة لمجموعة العمل الدولية التي أشرفت على تحضير وثيقة الاتحاد البرلماني الدولي حول البرلمان والديمقراطية في القرن الحادي والعشرين، دليل الممارسة الجيدة التي كان لنا شرف المساهمة في أشغالها، تلك الخلاصات التي تضمنت عددا من المعايير والممارسات البرلمانية الجيدة التي ينبغي استحضارها من طرف كافة برلمانات العالم بهدف تطوير العمل البرلماني، وضمان تفاعل أرقى بين الممارسة البرلمانية وانتظارات المجتمع، وبالتالي ترسيخ الديمقراطية وثقة الناخبين في الأداء البرلماني. إن البرلمان هو المؤسسة المركزية للديمقراطية، التي يتم من خلالها التعبير عن الإرادة الشعبية وإقرار القوانين التي تنظم مختلف مجالات المعاملات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكذلك مساءلة الحكومة حول الانشغالات الأساسية للمجتمع، ولذلك فإن البرلمانيين بحكم المهام المنوطة بهم في الوساطة بين الدولة والمجتمع، وفي مواكبة اهتمامات ومشاكل الناخبين، مطالبون من أجل ضمان تفاعل منتظم مع انشغالات الناخبين بالحرص على شفافية العمل البرلماني، بتوفير كافة المعلومات بمختلف الوسائل حول أشغال البرلمان، وإتاحة الفرصة لكافة مكونات المجتمع للاطلاع عن قرب على الأداء البرلماني، بما يجعل البرلمان مفتوحا للجميع وخاضعا للمساءلة، ومتجاوبا مع حاجيات الناخبين، وفعالا في أداء وظائفه التشريعية والرقابية. إن الشفافية والانفتاح والتواصل كمحددات لعمل برلماني متطور في عالم سريع التغير، هي التي ستمكن أيضا من ضمان حضور أقوى للبرلمان في الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات، من خلال المساهمة في حل النزاعات والتوترات الاجتماعية، وإقرار قوانين جيدة شكلا ومضمونا، وتحقيق الغاية المطلوبة من المراقبة والمتمثلة أساسا في الحكامة الجيدة، وتحسين أداء مختلف المؤسسات خدمة للمصالح العامة للمجتمع. كما أن تقديم حصيلة العمل البرلماني للناخبين بعد كل دورة أو ولاية تشريعية والإنصات لاقتراحاتهم وانتقاداتهم والتشاور معهم، وتأطير مبادراتهم عبر مختلف الأشكال الحديثة للتواصل المباشر وغير المباشر سواء في الدوائر الانتخابية، أو على الصعيد الوطني، يعتبر في صميم التعاقد السياسي والاجتماعي بين البرلمانيين والبرلمانيات والمجتمع، ويشكل أيضا وسيلة من ضمن وسائل أخرى للمساهمة في تأطير المجتمع، وتعميق المشاركة الشعبية في تدبير الشأن العام وطنيا، ومصاحبة حركية التطور الديمقراطي. وإننا إذ نساهم بهذه المداخلة في النقاش العام حول الموضوع الأساسي للمؤتمر في هذه الدورة، نجدد مرة أخرى إرادتنا القوية للانخراط في كل المبادرات التي يتخذها الاتحاد البرلماني الدولي من أجل تفعيل خلاصات وقرارات مؤتمراته وأجهزته بهدف تعزيز الديمقراطية، ودفاعا عن مبادئ السلم والعدل والإنصاف على الصعيد العالمي، معبرين عن متمنياتنا الصادقة لأشغال مؤتمرنا بكامل التوفيق والنجاح».