«أنا، اليوم، زوجة حقيقية. وسعادتي بثبوت الزوجية أعظم من يوم عرس زواجي»، كان هذا ما صرحت به خديجة لجريدة الاتحاد الاشتراكي، وكان ذلك لسان حال نساء إقليميالرشيدية وميدلت اللواتي توافدن على الجماعتين القرويتين الرتب وإتزر من المراكز والدواوير المحيطة، خلال الحملة الوطنية للاستماع لدعاوى ثبوت الزوجية المنظمة، مؤخرا، بالإقليمين. فيما يلي تفاصيل هذا الحدث... الحملة تثير فضول حتى المراهقين والعزاب كان يمد عنقه محاولا أن يخترق جدار الأكتاف المتلاحمة أما باب الخيمة الكبيرة، محركا رأسه يمينا ثم يسارا في محاولة لاستطلاع ما يجري داخل هذه الخيمة المنصوبة في الخلاء الشاسع بدوار والغ بالجماعة القروية إتزر بإقليم ميدلت. وهو يتابع باهتمام شديد الحوار الدائر بين الشخصين الواقفين أمام هيئة المحكمة المكونة من خمسة أشخاص (3 ذكور وامرأتين)، كان زهير بوكبير (18 سنة) يضحك أحيانا وقد احمر وجهه خجلا من سؤال القاضي الموجه لعزيز وشريفة عن طبيعة العلاقة بينهما، ويتطلع بفضول وهو يستمع لجواب عزيز أو شريفة ويضحك من ردود فعل شريفة العفوية. كانت هذه الأخيرة تقف أمام هيأة المحكمة على يمين زوجها وقد ضمت كلتا يديها إلى صدرها. كان الارتباك باد على كلا الزوجين الشابين. سأل القاضي عزيز: - العلاقة بينكما ليست علاقة فساد؟ صعقت شريفة لسؤال القاضي المقتضب والحازم، وأخجلها، فأشاحت بوجهها عن زوجها وهيأة المحكمة وقد أدخلت رأسها بين كتفيها وهي تضم يدها اليمنى إلى صدرها بينما غطت فمها بكفها الأيسر لتحبس قهقهة انفلتت من بين شفتيها وقد اعتصرت الدماء في خديها خجلا من السؤال، ثم تطلعت لزوجها الذي كان يجيب بارتباك واقتضاب عن أسئلة القاضي المتتالية: - لا. ترن ضحكة شريفة، فتزيد من ارتباك زوجها، فيرمقها بنظراته ناهيا إياها بصمت عن الضحك وهو يجاهد بدوره في كتم ابتسامته. يستمر القاضي في طرح الأسئلة متجاهلا أو متساهلا ومتفهما لوضع شريفة: - هل أقمت لها عرسا؟ تستمر شريفة في الضحك ويستمر حلم القاضي. - نعم. - هل حضر والدها ووالدك هذا العرس؟ - نعم. - هل مازلتما متزجان لم تتطلقا. ترن، مرة أخرى، ضحكة شريفة وكأنها تستنكر سؤال القاضي ولسان حالها يقول (لو طلقنا، فلما نحن أمامك الآن؟!..). يستمر القاضي في طرح الأسئلة: - كم قدمت لها كصداق؟ - 35 ألف ريال. يلتفت القاضي إلى كاتب الضبط عن يساره قائلا: - سجل 1750 درهما. يسأل القاضي شريفة، فتعتدل في وقفتها وهي تضم يديها إلى صدرها تزم شفتيها. وقبل أن تجيب عن أسئلته، كانت تنظر إلى زوجها كأنها تستأذنه أو تستشيره أو تستمد منه القوة والجرأة على الجواب. كانت أجوبتها مقتضبة كأنها تستعجل القاضي للنطق بالحكم الذي سيمنحها الاستقرار. ينادي القاضي على الشاهد، ينظر إليه بنظرات ثاقبة. وقبل أن يأمره بأداء اليمين، يحذره من عاقبة شهادة الزور في الدنيا والآخرة... ثم يقسم الشاهد أنه يقول الحق، فيسأله القاضي: - هل تعرفهما؟ هل أقاما العرس؟ هل حضره والديه والديها؟ هل مازالا مع بعضهما؟... كان الشاهد يجيب عن كل الأسئلة بنعم. ثم يلتفت القاضي يمينا نحو ممثل النيابة العامة سائلا إياه عن رأيه في الملف، فيلتمس ممثل النيابة العامة قبول الطلب. عندها يتوجه القاضي ببصره نحو عزيز وشريفة وينطق بالحكم: - قبول الطلب والاستماع إلى الحكم في آخر الجلسة. يتهلل وجها عزيز وشريفة ويعودان بسرعة لمقعدهما داخل الخيمة في انتظار مغادرتها مع الحكم الذي انتظراه لسنوات. كان صاحبنا زهير يتفاعل مع ردود فعل كلا الزوجين: إن ضحك أحدهما ضحك وإن خجل خجل، ثم يستدير نحو رفيقيه الواقفين وراءه يشرئبان بدورهما برأسيهما لاستطلاع ما يحدث داخل الخيمة بفضول طفولي. لفتني أمره وأمر رفيقيه، فتوجهت نحوه، سألته: - هل أتيت لتوثيق عقد الزواج؟ تفاجأ زهير لسؤالي وعلت وجهه حمرة شديدة، وقال بارتباك وخجل طفولي: «لا أنا لست متزوجا عمري 18 سنة فقط؟ جئت لأرى وأفهم ما يجري بعد أن سمعت عن هذه الحملة. في الحقيقة، أردت أن أرى عن قرب مشاكل هؤلاء الناس وكيف سيتم حلها، خصوصا أن لي أبناء وبنات أقارب وجيران عانوا من هذا الوضع. تزوجوا بدون عقد، لأن الزوجات كن قاصرات». كانوا ثلاثتهم ذوي قامات وسحنات توحي بأنهم في العقد الثاني من العمر. بينما لا تتجاوز أعمارهم 15 و16 و18 سنة. وبعفوية وحماس أضاف رشيد، طالب في القسم الأول ثانوي: «جئت وصديقاي لأستفيد حتى لا أقع في مثل ما وقع فيه هؤلاء». وأشار بسبابته إلى القابعين داخل الخيمة موضحا: «أنا لن أتزوج بقاصر، ومن سأتزوجها سأعقد عليها في الحين حتى لا أعذبها وأعذب نفسي وأعذب أبنائي. لقد رأيت ماعاناه ابن الجيران وابنة عمي، تزوجا لسنوات بدون عقد وأنجبا. لقد جمعا 12 شاهدا وأنجزا الوثائق الإدارية، إلا أن بعد المحكمة وتعقيدات المسطرة القانونية وتكاليف ذلك قبل تعديل المدونة، حال دون توثيق زواجهما. لكن هذه الحملة سهلت كل شيء... فهم لم يحتاجوا إلا لشاهد واحد فقط وجلسة واحدة كما سمعت من حكم القاضي، فالحكم سيصدر اليوم في آخر الجلسة». أما عبد الله صديق زهير ورشيد فيؤكد بحزم: «لن أقبل بزواج من هذا النوع، زواج يجعل زوجتي تشعر بالنقص ويجعلني أستجدي شاهدا يشهد لي لإثبات زواجي بها وسط حشد من الأغراب. سأعقد عليها قبل الدخول بها وسط الأهل والأحباب». أما محمد 26 سنة فله حكاية أخرى دفعته لتوثيق زواجه، يحكي: «مادفعني إلى توثيق زواجي هو إلحاح زوجتي علي للقيام بذلك، بعد أن تعرضنا، مرة، لتوقيف من طرف رجال الأمن بدعوى الفساد. ولولا وجود صور لدى زوجتي عن حفل زواجنا بحقيبتها اليدوية، لزج بنا في السجن. لقد بهدلنا يومها لعدم توفرنا على عقد الزواج. وقد لامتني زوجتي حينها كثيرا وحملتني مسؤولية ما جرى لها. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ترفض الخروج أو السفر معي بدون عقد. لكن بعد المسافة والفقر وصعوبة الإجراءات والخوف من الدخول في دوامة المحاكم ومصاريف ذلك، جعلني أؤجل الفكرة مرارا، إلى أن جاءت هذه الحملة، حيث أصرت زوجتي على أن أنفذ وعدي لها. لقد هددتني بعدم الإنجاب إلا بعد توثيق زواجنا...». توضح زوجته خديجة التي انتظرت طويلا عقد زواج شرعي: «بدون عقد، كنت أشعر أنني امرأة ناقصة، لست مثل باقي النساء المتزوجات بعقد شرعي. لقد كنت أغير منهن وأحس أنهن أفضل مني وأنهن زوجات حقيقيات وأنا لا». رغب محمد في الإنجاب من خديجة، لكن هذه الأخيرة وجدتها فرصة للمقايضة، فساومته، توضح: «طلب محمد مني الإنجاب، لكنني رفضت، لأنني لا أريد لأبنائي أن يشعروا بما أشعر به بأنهم أبناء زواج بدون عقد وكأنهم أبناء حرام. واشترطت عليه توثيق زواجنا، قبل الإنجاب». وبفرحة وبنبرة واثقة، أضافت: «أنا، الآن، سعيدة أكثر من سعادتي يوم عرسنا. أشعر بالافتخار وبالثقة في النفس، لأن القاضي قبل طلبنا. ولو أننا لم نتسلم الحكم بعد، بل حتى آخر الجلسة، إلا أنني أشعر، اليوم، بأنني أصبحت زوجة حقيقية. وأنا مستعدة لأصبح أما حقيقية لأبناء حقيقيين». خديجة أشبار 21 سنة، من دوار تامانوست، أم لطفل تقول: «تزوجت عندما كان عمري 15 سنة. وبمجرد سماعي عن الحملة تتبعتها. وعندما حلت بالمنطقة طلبت من زوجي أن نشارك فيها لأعرف أنني متزوجة ولأضمن لابني الدخول إلى المدرسة». تؤكد:« فعلت ذلك من أجل أوراقي ومن أجل تمدرس ابني». وتحكي نزهة الحمزاوي، 28 سنة أم لطفل (4 سنوت)، عن الأسباب التي منعتها وزوجها من توثيق زواجهما فتقول: «قضيت 8 سنوات زواج بدون عقد بسبب ظروفنا المادية، الكراء والمصروف وازدياد الولد. لكن عندما سمعت عن الحملة، جئت لأُثَبِّت زواجي ولأسجل ابني في دفتر الحالة المدنية لكي يدرس. لقد شهد لنا صديق زوجي». كانت الفرحة بادية على محيا نزهة وأخواتها الثلاث اللواتي يرافقنها بعد سماعهن القاضي يعلن قبول طلب أختهن وزوجها. احتاج القاضي مع الحسين وزهرة (7 سنوات زواج) إلى عبد القادر المترجم للتواصل معهما، فهما لا يتقنان اللغة العربية، كانت الأسئلة نفسها تتكرر، كان القاضي يسأل الحسين وزهرة بالتتالي وكانا يجيبان بعد أن يترجم عبد القادر لهما سؤاله:(هادي الزوجة دياليك؟ هذا الزوج ديالك؟ أشنو درتوا باش عرفوكم الناس مزوجين؟ هل حضر الحفل والديك والديها والقبيلة؟ هل أعطيتها صداق؟ كم أعطاك؟) وبين الفينة والأخرى كان يدون في الملف الموضوع بين يديه بعض الجمل ويلتفت إلى كاتب الضبط يحثه على التدوين بدوره. ثم يسأل النيابة العامة عن رأيها في الملف وينطق بالحكم لينادي بعد ذلك على الزوجين التاليين. إقبال كبير من الشباب والكهول لقد أثارت الحملة الوطنية لثبوت الزوجية التي حلت، يوم الاثنين والثلاثاء 28 و29 مارس 2011، بإقليمالرشيدية بجماعة الرتب وإقليم ميدلت بجماعة إتزر، والتي أعطيت انطلاقتها في كل من تارودانت وقلعة السراغنة وتمت التعبئة لها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة بتنسيق بين وزارتي العدل والداخلية وبتعاون مع فعاليات المجتمع المدني، فضول الشباب والمراهقين وولدت لديهم حب الاستطلاع، استطلاع مايجري ولماذا؟... وكان لها صدى وتأثير، بل لقيت تجاوبا وإقبالا من الشيب أيضا... العجوز عبيد الذي قضى 43 سنة زواج (من مواليد 1942 بأرفود، أب لخمسة أبناء و4 بنات) أضاع منذ حوالي 30 سنة عقد زواجه بعد وفاة والده الذي كان يحتفظ بعقود زواج أبنائه، يقول: «حاولت مرارا الحصول على عقد جديد بدون جدوى، فيئست وتركت الأمر جانبا... وعندما سمعت عن الحملة أتيت، اليوم، للحصول على عقد زواج جديد يثبت زواجنا». تتدخل زوجته الواضحة (من مواليد 1947)، موضحة:«بعد وفاة حماي، تَحَوَّز أخ زوجي صنوق والده الذي كان يجمع به وثائقه الخاصة بملكية أراضيه وبعقود زواج أبنائه، وكان من بينها عقد زواجنا. وبعد مدة رغب زوجي في تَحَوُّز عقد زواجنا، فطالب أخاه به، فأخبره أنه ضاع منه. ومن يومها ونحن بدون عقد. إلى أن جاءت المدونة وهذه الحملة التي نتمنى أن تحل لنا هذا المشكل». كانت الخيمة الثانية تغص بالناس من مختلف الأعمار المنتظرين لدورهم للمثول أمام هيأة المحكمة والقادمين من الدواوير المنتشرة بإقليم ميدلت. وقد كان الارتباك باد على بعض المتقاضين الذين كانوا يرغبون في توثيق زواجهم خوفا من ضياع هذه الفرصة برفض أو تأجيل طلباتهم مرة أخرى لما عانوه من قبل بسبب تعقد المسطرة وصعوبة الإجراءات بالإضافة إلى مصاريف إنجاز الوثائق والتنقل من أجل ذلك... لكن الكل كان ممتنا وفرحا بهذه الحملة التي وجدت صدى وتجاوبا لدى المواطنين... وكم كان جميلا بريق الأمل المشع في عيون الراغبين في توثيق زواجهم، وأجمل منه الفرحة التي علت الوجوه بعد إعلان النيابة العامة قبول الطلب وإعلان القاضي رئيس الهيئة محمد الخير صدور الأحكام في نهاية الجلسة، وتسجيل الأبناء في دفتر الحالة المدنية في نفس اليوم، في ظرف قياسي الهدف منه تقريب القضاء من المتقاضين والقضاء على الظاهرة في أفق لا يتعدى 2014. صعوبة ضبط الحالات لدى الرحل خلال هذه الحملة التحسيسية التي أطلقتها وزارة العدل في 31 يناير 2011 من مدينة تارودانت، تحت شعار: «جميعا من أجل إنجاح الحملة التحسيسية حول تطبيق المادة 16 من مدونة الأسرة»، والتي تندرج في إطار تفعيل مقتضيات المادة 16 من مدونة الأسرة التي وقع تمديد العمل بها لمدة 5 سنوات تنتهي يوم 5 فبراير 2014، تم تنظيم العديد من الجلسات التنقلية الخاصة بالنظر في دعاوى ثبوت الزوجية بمختلف مراكز القضاة المقيمين وكذا الأسواق، خاصة منها النائية، بالعديد من المناطق المغربية. في إقليم ميدلت تم عرض 31 ملفا للمناقشة وصدرت 10 أحكام بقبول ثبوت الزوجية وتمت فيها الاستجابة للطلب، وأجلت ملفات أخرى لغياب الشهود. بينما كانت هناك حالات تم فيها رفض الطلب، يوضح أحد القضاة: «حالات نادرة هي تلك التي يتم فيها رفض الطلب، لأنها حالة فساد غير مبنية على زواج في محاولة لتوثيق علاقة غير شرعية أو تحايل لعقد زواح ثان بتوثيق علاقة غير شرعية كذلك، ويتم رفضها لأنها تصطدم بقواعد فقهية». ويوضح الأستاذ أحمد الموامي، رئيس المحكمة الابتدائية بميدلت: «تم البت في 31 حالة سيحصل أصحابها في عين المكان على نسخ عن الإشهاد على الزواج، وسيقوم ضابط الحالة المدنية بتسجيل الأبناء في دفتر الحالة المدنية». وأضاف معلقا: «أحسن الحملات هي التي تمت بأنفكو». ويضيف موضحا: «تم التهويل في الأوقام إعلاميا في قناة الجزيرة، لكنني كقانوني لم أجد شيئا من ذلك... هناك حالات لكن ليس بالحجم الذي أعلن عنه في هذه القناة، حيث تم البت في 66 حالة في أنفكو والدواوير المحيطة بها. أما مركز بوميا ولا ملف، ميدلت المركز 6 حالات زايدة المركز 3 حالات إتزر 22 حالة». ويضيف: «المشكل الذي نواجهه هو المتعلق بالرحل، حيث يتم تسجيلهم في منطقة وبعد 15 يوما ينتقلون إلى منطقة أخرى، فيتعذر الوصول إليهم. حتى في الإحصائيات يصعب ضبطهم نظرا لعدم استقرارهم». وبخصوص الحالات التي يكون فيها نزاع بين الزوجين يوضح: «هناك حالات تدعي الزوجة أن الرجل زوجها وأبو أبنائها، لكن الزوج ينكر هذه العلاقة. مثل هذه الحالات لا تنتهي بالرفض، ولكن لها شكليات تحتاج مثلا إلى 12 شاهدا، ثم يتم توثيق الزواج وتسجيل الأبناء في الحالة المدنية». وأضاف: «هناك حالات سجل فيها الأبناء في الحالة المدنية، دون أن يكون للوالدين عقد زواج، لأن الأب يقر بأبوته لهم». ويؤكد بنيحيى أوسعيد، مقدم دوار أيت عثمان مشيخة أيت حمامة بإقليم ميدلت، أن الحملة لاقت إقبالا من طرف المواطنين وأن ال 4 حالات الموجودة بدواره جاءت كلها لتوثيق عقد الزواج. ويوضح نقيب هيأة المحامين بمكناس، عبد الواحد الأنصاري، أنه:«يتم التعامل مع الملفات حسب ما تستدعيه كل حالة، فإذا كان الملف مستوفيا لشروطه من حيث الشكل والحجة والموضوع، أي الإثبات سواء بمقتضى شواهد إدارية في بعض المناطق أو بمقتضى شهادة شهود، فأعتقد أن المحاكم تستجيب لجميع الطلبات بما ينسجم مع القانون».أثناء هذه الحملة، وفي إطار المساعدة الاجتماعية، يؤكد أحمد موامي، أن مصالح وزارة الداخلية تسلم الوثائق وشهادة الاحتياج للمواطنين بالمجان، وأحيانا يتم نقلهم إلى مقر الجلسة. كما تقدم لهم المساعدة القضائية تشجيعا لهم للانخراط في الحملة. ويضيف نقيب هيأة المحامين بمكناس، موضحا: «هناك المغرب القريب من المراكز الإدارية ومراكز التواصل والمغرب العميق الذي نحن في إحدى محطاته وهناك المغرب الأعمق. المغرب لا يمكن أن يكون منسجما ومتوازنا إلا إذا كان ما يحكم الأسرة داخل المدينة هو ما يحكها خارج المدينة وفي المناطق البعيدة. ومن هنا تأتي فائدة هذا اليوم التحسيسي. لا أشك في أن هذه الأيام التحسيسية ستكون لها مردودية في توثيق الزيجات بين المغاربة غير الموثقة التي من شأنها أن تؤمن النواة الأساسية للمجتمع المغربي التي هي الأسرة». وفي تصريح لزير العدل، محمد الطيب الناصري، لإحدى القنوات التلفزية عن هذه الحملة، قال: «الحملة تجسد مفهوم القضاء في خدمة المواطنين الذي نادى به جلالة الملك في خطابه التاريخي يوم 8 أكتوبر المنصرم بمناسبة افتتاح دورة السنة القضائية الجديدة الدورة الخريفية. ثم إن القضاء يقترب من المواطنين، فبدل أن يأتي المواطنون إلى القضاء يأتي القضاء إليهم لتسهيل المأمورية عليهم ولتجنيبهم بعض النفقات التي تعد أحيانا العائق الأساسي في توثيق هذه الزيجات. ثم إنها وسيلة للتسريع في البث في القضايا. الأمر الذي سيسوي أوضاع الزوجين سيسوي أوضاع الأطفال سيمكنهم من الحصول على دفتر الحالة المدنية وعلى البطاقة وطنية. كما سيمكنهم من إعطاء الأسرة جميع الضمانات ومن التحامها أكثر وتفادي النزاعات التي قد تقع بسبب مثلا تنكر الزوج لزوجته». يضيف وزير العدل: «هذه المناطق القروية والنائية بصفة خاصة من الصعب أن تصل إليها وسائل الإعلام. وأحسن شكل للتعريف والتحسيس بضرورة توثيق الزواج وبالمقتضيات الجديدة لمدونة الأسرة كما تم تعديلها هو القدوم إلى عين المكان، إلى وسط السكان، إلى دواويرهم، إلى أسواقهم للتعريف بهذه الفرصة التي أعطاها لهم المشرع ولتمكينهم من توثيق زواجهم بسرعة. وقد رأينا أمثلة على ذلك، حيث حضرنا جلسة سابقة بقلعة السراغنة جميع الدعاوى سجلت يوم 7 مارس وجميعها تم البث فيها يوم 8 مارس». وأضاف معلقا: « لا يمكن أن يكون القضاء أسرع من هذا. وكذلك القضايا التي أدرجت منذ أسبوع تم البث فيها وتسلم المعنيون بالأمر نسخا من الأحكام المتعلقة بزيجاتهم. إذن، هذا الزواج أصبح موثقا بمقتضى حكم قضائي وليس فقط بمقتضى عقد عدلي. هذا من شأنه صيانة حقوق الزوجين أولا، المرأة بصفة خاصة وحقوق الأبناء، لأنه سيمكن الزوجين كذلك ليس فقط من توثيق زواجهم ولكن من التقييد في الحالة المدنية والحصول على أوراق كالبطاقة الوطنية وكذلك من التمدرس بالنسبة لأبنائهم». وللإشارة، فقد تطور عدد أحكام ثبوت الزوجية خلال الفترة 2004 إلى 2010 من 6918 ملفا محكوما من ضمن 8114 ملفا مسجلا إلى 14473 ملفا محكوما من ضمن 30439 ملفا مسجلا. وبالنسبة لإحصائيات قضايا ثبوت الزوجية خلال نفس السنة، فقد تم تسجيل 21867 ملفا قبل التعديل و8572 ملفا بعد التعديل، أي ما مجموعه 30439 ملفا. وبلغ عدد الملفات المحكومة بالقبول 11856 ملفا وبالرفض 2087 ملفا وبعدم القبول 530 ملفا، أي ما مجموعه 14473 ملفا. وتم التنازل في 53 ملفا. وبلغ متوسط أمد إصدار الحكم 54 يوما. وبلغ عدد الجلسات التنقلية خلال نفس السنة 131 جلسة.