انتفضت، أخيرا، عشيرة الرياضيين، ورفعت صوتها مطالبة بموقع لها في الحراك السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي يشهده المغرب حاليا.. سمعنا من يقول إن « إقصاء المقاربة الرياضية لحقوق الإنسان من التعديلات والإصلاحات، إن على مستوى الدستور، أو مشروع الجهوية الموسعة، هو إقصاء لمجموعة من الحقوق التي تتداخل وتتفاعل في إطار المفاهيم الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية »، ورأينا ردود فعل غاضبة تجاه ذلك الإقصاء، «لم تحضر الرياضة ضمن النقاشات الدائرة حول التعديل الدستوري رغم كونها مقوما إنسانيا وحضاريا لا محيد عنه في المجتمعات المعاصرة، فاللجنة المكلفة بالتعديلات الدستورية لم تبرمج أي لقاء مع التنظيمات الرياضية على اختلاف حجمها وانتماءاتها»، وعاينا كيف يدافع آخرون عن هذا القطاع الرياضي المهمش، « هذا القطاع ركيزة أساسية في التقدم والازدهار، لذا ينبغي إيلاؤه الأهمية الكبرى التي يستحقها بالعمل على الارتقاء به إلى مؤسسة دستورية لتكريس مكانة له وتحصينه ضمن مؤسسات الحكامة الجيدة في إطار منظومة دستورية ديموقراطية متقدمة لمغرب الحاضر والمستقبل». انطلق إذن التداول والنقاش بين مكونات المشهد الرياضي الوطني، آخذا شكلا جديدا ومضمونا لم نعتد عليه من طرف رياضيين اكتفوا دوما بالبحث عن النتائج الرياضية فقط، وبالبحث عن حلول لأزماتهم المادية أو تلك المرتبطة بآليات ووسائل الممارسة، وفي أحسن الأحوال، كان صوتهم يرتفع منتقدا تدبير المؤسسات المشرفة على التسيير الرياضي، مركزيا أو محليا، في حدود المطالبة بالدعم، أو التدخل لفك بعض النزاعات والخلافات.. تغير الحال اليوم، وهاهم معشر الرياضيين ينضمون وينخرطون في السجالات الخاصة بالدسترة، هاهم يؤسسون لخطاب جديد بمضمون سياسي وتوقيع رياضي. لنقر أمام هذا المستجد في المنظومة الرياضية الوطنية، أن هذا الخطاب الجديد سطر ورسمت عناوينه «نخبويا»، أي أنه جزء فقط من خريطة مكونات هذه المنظومة الرياضية من بادر وأعلن عن وعي واضح بضرورة الارتباط الرياضي السياسي، على الأقل ذلك ما أدركناه ونحن نعد لهذا الملف، إذ ووجهنا بردود، من طرف لاعبين مدربين تقنيين وعدد كبير من المسيرين للأندية الرياضية، تؤكد غياب رؤية واعية بالموضوع، وفي عدة حالات، كانت الإجابات صادمة، من قبيل: «حدثونا عن البريمات، عن الاحتراف، مالنا احنا مع الدستور والسياسة؟..». إنها الحقيقة المرة، إنه سؤال القلق: هل تتوفر منظومتنا الرياضية على عدد كاف من الكفاءات ذات التكوين العلمي والأكاديمي والسياسي، أيضا، لفرض تصور الرياضي في مسألة فكرية وسياسية؟ هي «النخبوية» مرة أخرى تحضر في النقاش الحالي، وفي هذا الطرح الجديد المتعلق بدسترة الحق الرياضي وغيره من المطالب السياسية الرياضية. إنهم «باطرونات» الرياضة الوطنية من يفكرون نيابة عن باقي مكونات المشهد الرياضي.. لكنهم، للأسف، فكروا وخططوا، ليأتي الوزير بلخياط ويقطف كل الأثمار. إذ لم يكد خبر تحرك رؤساء جامعاتنا الرياضية يبارح مدينة بوزنيقة، حيث اجتمع «باطرونات» الرياضة الوطنية ، خلال الأسبوع الماضي، لرفع صوت المطالبة بدسترة الرياضة وإحداث مجلس أعلى لها، حتى تناقلته رياح المدينة الشاطئية بسرعة فائقة، في اتجاه الرباط العاصمة، ليلتقطه منصف بلخياط الوزير «الميريكاني»، وليضعه في مختبر تحليلاته وماكيناته التفتيشية.. طبعا، وكما هي عادته و« استراتيجيته»، فالوزير لا يمكن أن يمر عليه قرار أو نقاش في الشأن الرياضي، دون أن يجره إليه، سيما إذا كان مناسبا ومربحا. جميل أن يغطي الوزير بلخياط مبادرة رؤساء الجامعات بقبعته، ويبصم عليها ويُحَفِّظْها في ملكيته الخاصة، لكن، كان سيكون أجمل لو بادر من قبل، وطرح الفكرة والمقترح إياه، عندما كانت الفرصة أمامه وهو يلتقي، بصفته الحزبية والسياسية، مع اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور! إننا أمام محاولة أخرى لبلخياط ل «مخزنة» هذا الخطاب السياسي الجديد للرياضيين. والخوف أن تحضر لغة التجارة والماركوتينغ و«الفكر الميريكاني» في هذه المحطة من جديد، ويتحول «المجلس الأعلى للرياضة» القادم، إلى «حانوت» للوزير بلخياط، أو ملحقة إدارية أو وزارية!