أثار التقرير السنوي الذي تصدره وزارة الخارجية الأمريكية عن حالة الحريات في بلدان العالم جدلا ساخنا بين الجزائر والولايات المتحدة ألقى ظلالا على العلاقات الثنائية بعد التحسن الكبير الذي طرأ عليها في الفترة الأخيرة. وانتقد التقرير ما وصفه ب››سوء معاملة المساجين›› في المعتقلات الجزائرية، واللجوء إلى ‹›الحبس المؤقت›› بشكل مفرط، ما تسبب في حالات اكتظاظ في السجون. وتطرق إلى المشهد الإعلامي الذي اعتبره «أسود»، مؤكدا غياب حرية الصحافة والتعبير عن الرأي، وأشار إلى أن هذا الوضع «لا يتطابق ومنصوص الاتفاقات الدولية التي تضمن الحريات الفردية والجماعية». كما حمل على اللجوء إلى ذرائع ‹›أمنية›› لتبرير التضييق على الحريات، وانتقد الرقابة على الحياة الخاصة للأفراد، معتمدا في ذلك على تقارير حقوقيين جزائريين سجلوا ‹›ترصد اتصالات معارضين سياسيين، نشطاء حقوق الإنسان وأشخاص ملاحقين بتهم إرهاب››، ولاحظ التقرير توفر الأنترنت وحرية دخولها، لكنه عاب ‹›التربص بالبريد الإلكتروني ومساحات للنقاش››. وفي هذا الشأن قدم التقرير ما سماه تناقضات ما بين بنود الدستور والممارسات القائمة التي تطال ‹›خصوصيات الأفراد››. كما لاحظ تنوعا إعلاميا لكن تزايد ‹›الرقابة الذاتية›› داخل وسائل الإعلام. وتطرق التقرير للوضع الاجتماعي، وتحدث عن ‹›شفافية مفقودة›› وتوسع دائرة الفساد في وجود خطاب سياسي مناهض لذلك. كما أوضح التقرير أن الحد الأدنى للأجور لا يرقى في الجزائر ل››ضمان الحد الأبسط للعامل الجزائري››. ‹›مبالغة فاضحة›› وفي رد فعل اعتُبر جوابا رسميا على تقرير الخارجية الأمريكية، رأى فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان وجود ‹›مبالغة فاضحة›› في التقرير بخصوص الجزائر. وقال قسنطيني ‹›هناك مبالغة في حق الجزائر تتطور سنويا ما يعكس الطابع السياسي البحت في جرد هذا التقرير››. وقدر أن ‹›مسألة حرية التعبير ليست بالقتامة الواردة والتي تشبهنا بالوضع في ليبيا››. وزاد: ‹›لسنا الدانمارك لكننا لسنا كما جاء في التقرير والذي يصورنا دكتاتورية عسكرية بوليسية››. وتساءل قسنطيني عن عدم الإشارة إلى قرار رفع حالة الطوارئ، وربما تناسى قسنطيني أن التقرير يركز على العام الماضي، فيما رُفعت حال الطوارئ في (فبراير) الماضي. وتابع: ‹›الأمريكان كان عليهم تشجيع الجزائر للاستمرار في تحسين أوضاع حقوق الإنسان لكن هم هكذا يحبطون البلاد ويتصادمون معنا والغريب أنهم يصنفون إسرائيل جنة الديمقراطية وحقوق الإنسان››. وذهب قسنطيني إلى حد إنكار وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في السجون الجزائرية مع أن تقارير عدة اتفقت على انتقاد مثل تلك الانتهاكات. كما نفى أيضا وجود رقابة على الإنترنت. وقال معلقا «هكذا يصوروننا كما لو أننا نسخة طبق الأصل لممارسات الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي››. واتهم قسنطيني التقرير الأمريكي بأنه ‹›يقوم على حسابات سياسية». وقال إن واشنطن ترغب في تركيع الجزائر التي جعلتها ثورة التحرير لا تركع وأتصور أن ضغط الأمريكيين سيستمر سنويا».