ترسو خلال الأيام الجارية بالقرب من ميناء الدارالبيضاء، حوالي 15 باخرة محملة بالحبوب في انتظار السماح لها بالشروع في التفريغ. فالتحرير الذي كان يرتقب منه أن يخفض الأسعار عند الاستهلاك، تحول إلى احتكار يفرض على المستهلكين أداء فاتورة رسو البواخر التي تكلف ما لا يقل عن 200 ألف درهم «20 مليون سنتيم»عن كل باخرة في اليوم لتصل بذلك قيمة الخسارة الناتجة عن سوء التدبير إلى أزيد من 300 مليون سنتيم في اليوم. يحدث هذا في ظرفية متميزة بارتفاع عدة أصوات مطالبة بالتخفيف من الأعباء التي يتحملها صندوق المقاصة، وداعية إلى حماية المستهلكين من الوسطاء الذين لا يترددون في استغلال أدنى الفرص لرفع الأسعار إلى مستويات لا تطاق. فبعد أن كان المكتب الوطني البيمهني للحبوب والقطاني يتولى تنظيم مواعيد وصول الشحنات إلى المغرب لتفادي وصول عدة بواخر في نفس الوقت إلى المغرب، صار منطق التحرير يسمح لكل مستورد بالتصرف حسب ما تمليه عليه مصالحه، لكن عندما يتعلق الأمر بالحصول على رخصة الشروع في التفريغ، فإن الكل مطالب بالعبور على نفس الرصيف لأن الاحتكار المفروض في مجال التفريغ، تحت ذريعة الانضباط لمعايير الجودة والمرور بالضرورة عبر خزان الحبوب الوحيد الموجود بميناء الدارالبيضاء، حول التحرير من سلوك يخدم مصالح المستهلك إلى تقنين يحمي مصالح اللوبيات ويؤمن لهم المزيد من الغنى السريع. العالم كله يشتكي من ارتفاع كلفة مواد الحبوب ومن عودة ارتفاع كلفة الشحن عبر البواخر بفعل ارتفاع أسعار البترول وارتفاع حجم المبادلات، وهذه المعطيات تفرض على كل من يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار أن يدبر الخدمات اللوجيستيكية والتسويقية بالشكل الذي يؤمن تفادي المصاريف الزائدة، أما الهرولة إلى إرساء قواعد خدماتية تعطي عكس النتائج المعلن عنها في المنطلق، فهذا ما يزيد من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وما يفرض التوصل إلى حلول بديلة وقبل ذلك إلى مساءلة المسؤولين عن هذا الوضع.