بدأت مخاوف الفلاحين من إنهاء الموسم الفلاحي الجيد بخسارات عوض تحقيق أرباح تناسب الحصاد الذي توقعت المصالح الرسمية أن يكون في حدود 70مليون قنطار. فبعد أن أسفرت مفاوضات المهنيين مع ممثلي وزارة الفلاحة عن تحديد السعر المرجعي في 270 درهما للقنطار عوض 300 درهم التي كانوا يطالبون بها، فإن تواصل تفريغ ونقل الحبوب من ميناء الدارالبيضاء إلى مراكز التخزين في ظرفية متميزة بشلل حركة النقل الطرقي العمومي في مختلف أنحاء المغرب، وبصعوبة التوصل إلى توافق بين مهنيي قطاع النقل والوزارة الأولى حول مشروع مدونة السير، أصبح يفرض التساؤل عن مدى قدرة محطات التخزين على استيعاب المحصول الوطني، علماً بأن المستوردين استغلوا فرصة تدني أسعار الحبوب في الأسواق الدولية إلى حوالي 180 درهما للقنطار أي بسعر يقل بحوالي 70 درهما عن السعر المتفق عليه بين الحكومة وممثلي الفلاحين، وشرعوا في ملء مراكز التخزين المتوفرة بالحبوب المستوردة، غير مبالين بانعكاسات الإفراط في الاستيراد على مآل المنتوج الوطني الذي يرتقب الشروع في جنيه بعد أسابيع. والملاحظ أن ضعف القدرة الاستيعابية الاجمالية لمراكز تخزين الحبوب، وسوء تدبير العديد من هذه المراكز، ظل مند عدة سنين يشكل عرقلة حقيقية أمام التأقلم مع متطلبات السوق الداخلية، وأمام التوفيق بين المصالح الحيوية للمنتجين وبين تمكين المستوردين من حرية أكبر في اتخاد قرار الشراء وتحديد موعد الاستلام. والجدير بالذكر أن تقلبات السوق الدولية، ومخاطر شح العرض صارت تفرض حماية الإنتاج الوطني، والحرص على تطويره في الاتجاه الذي يؤمن رفع الإنتاج وتقليص الكلفة. فالتوفر على ما يكفي لسد الحاجيات، ولو بكلفة تزيد عن كلفة الاستيراد، خير من الاعتماد على ممونين أجانب لا أحد يضمن أنهم سوف لن يلجأوا إلى اتخاذ قرارات قد تصل إلى حد الامتناع عن التصدير أو فرض أسعار تضاعف بعدة مرات الكلفة الحالية للإنتاج الوطني،. فعندما يتعلق الأمر بمادة غذائية أساسية، فإن الواجب الوطني يفرض اعتماد سياسة فلاحية توفق بين الإنتاج والاستيراد والتخزين والتسويق والتصنيع، سياسة تضع مصالح المستهلك فوق كل اعتبار.