«كنا كانتخلصو كل شهر ف دار الضريبة. المرة الأخيرة علمونا باش نمشيو الْ بُوسطا». بهذه العبارة أجاب العديد من المتقاعدين الشيوخ ، الذين أفنوا زهرة أعمارهم بالوظيفة العمومية، وتجمهروا في بهو مركز البريد، وأمام مدخله، الموجود بشارع المنظر العام، في طابور طويل ، حيث ضاق بهم فناء بناية البريد مما جعل العديد منهم يختارون الجلوس بجوار الأشجار المتواجدة في رصيف المركز . أغلبهم حضر متكئا على أحد أفراد عائلته، بالإضافة إلى عكازته التي أصبحت لا تفارقه . عدد كبير منهم حل بالمركز قبل وصول الموظفين، بل هناك من كان أمام المدخل منذ فجر ذلك اليوم... كل هذا من أجل تسلم مبلغ المعاش الذي لا يتعدى أوراقا نقدية معدودة ! صحيح أن «دار الضريبة» الموجودة خلف بناية الملحقة الادارية المصلى، قد أخبرت زبناءها من المتقاعدين بالالتحاق بمراكز البريد ابتداء من شهر مارس، هذا التغيير في الوجهة تسبب في هذه المعاناة لشريحة كبيرة في السن، ولا تتحمل الوقوف أو الجلوس لمدة طويلة، أغلبهم يعانون من أمراض مزمنة كالسكري الذي لا يتحمل المصاب به الوقوف أو الجلوس الطويل! النظام المفروض داخل مركز البريد، والذي يتجلى في سحب ورقة من آلة قرب المدخل تحمل رقما يشير الى عدد المواطنين المنتظرين لدورهم، جعل مجموعات تتكون لتخلق جواً من الاحتجاج الخفيف الذي لا يصل الى المعنيين بهذا المركز، أو جوا من التعارف وتبادل الحديث عن المغامرات الشخصية كل في مجاله. لكن ما أن عرفوا بوجود الجريدة وسطهم، حتى بادرالعديد منهم الى البوح بما يخالجهم من جراء هذا الانتظار. ومن حسن حظهم أن موظفي هذا المركز البريدي شعروا بهذه المعاناة وحاولوا قدر الإمكان تلبية حاجتهم. إلا أن هناك إجراءات صاحبت دفع معاشهم ، وتتمثل في طلب بعض الوثائق من المتقاعدين لفتح حساب للشباك البريدي. ذلك أنه بداية من الشهر المقبل لن تعود هناك طوابير للمتقاعدين ولن يصبحوا ملزمين بالوصول قبل الموظفين، فيكفي الذهاب الى الشباك الأوطوماتيكي البريدي لسحب مستحقات المتقاعد عبر البطاقة الخاصة أو إرسال أحد أفراد عائلته لنفس الغرض. وقد قدم رئيس المركز البريدي للمنظر العام توضيحات للجريدة حول عملية فتح حساب بالشباك البريدي وحول الترتيبات المتخذة للإسراع بهذه العملية حتى يتسنى لكافة المتقاعدين الاستفادة من خدمات هذا الحساب عبر البطاقة الخاصة. وقد استحسن العديد من المتقاعدين هذه المبادرة التي أقدم عليها بريد المغرب ونوه بها ذووهم. ويرجع سبب اكتظاظ المتقاعدين أمام مراكز البريد الى توقف العمل نتيجة الإضرابات التي شهدتها المراكز التابعة لبريد المغرب في الأسبوع الأخير، حيث كان الازدحام سمة العديد من الشبابيك المتخصصة في مجالات متعددة!