سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
زبغنيو بريزنسكي، الخبير في العلاقات الدولية والمستشار السابق في الأمن القومي الأمريكي .. لو تركنا ليبيا تحت رحمة النوايا الإجرامية للقذافي، لتحول زعيما لقوى عنصرية ومتطرفة
زبغنيو بريزنسكي، الخبير في العلاقات الدولية، والمستشار السابق في الأمن القومي في عهد الرئيس جيمي كارتر من (1977 و 1981) هو أحد مسيري مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) الذي يعتبر أحد أهم دوائر التفكير الأمريكية في مجال السياسة الخارجية، في عهد كارتر، تميز بريزنسكي وهو ديمقراطي، برغبته في دعم المجاهدين الأفغان ضد الجيش السوفياتي، وكذا برغبته في دعم المنسقين في المعسكر الشرقي، في بداية سنوات 2000 عارض «المحافظين الجدد» الذين كان لهم نفوذ قوي لدى الرئيس بوش. ولد بريزنسكي في بولونيا سنة 1928 من عائلة دبلوماسية استقرت في كندا خلال الحرب العالمية الثانية له. العديد من المؤلفات منها «رقعة الشطرنج الكبرى »(1977) و«فرصة ثانية: ثلاثة رؤساء وأزمة القوة العظمى الأمريكية »(2008). في هذا الحوار المطول الذي نشرت مقتطفات منه جريدة لوموند (عدد الجمعة 1 أبريل 2011) (الحوار الكامل في طبعة 2011 من «الحصيلة الاستراتيجية» الذي تصدره ومجموعة لوموند) يحاول بريزنسكي قراءة التحولات الجارية في العالم العربي ومناطق أخرى من العالم وآثارها على الزعامة الأمريكية في هذ القرن. - تدخل دولي في ليبيا من أجل حماية المدنيين والمساهمة في الديمقراطية، لكن لا شيء من ذلك في البحرين أو اليمن أو سوريا... هل يتبع الغرب، وبشكل خاص إدارة أوباما الاستراتيجية الجيدة في العالم العربي؟ - كوننا لا نتدخل في كل مكان لا يعني أنه لا يجب أن نتدخل في أي مكان . كل مشكل يجب التعامل معه وفق مميزاته الخاصة من خلال تقييم الوسائل المتوفرة لمواجهته وكذا طابعه الاستعجالي، فلو تركنا ليبيا تحت رحمة النوابا الاجرامية للقذافي، لتحولت إلي قوة مزعومة للاستقرار في محيطها الاقليمي ولأصبح القذافي زعيما لقوى عنصرية ومتطرفة في الشرق الأوسط. ولهذا، فإن تدخل قوات التحالف سيكون فشلا سياسيا حتى وإن كانت نجاحا عسكريا جزئيا إذا لم يكسب الليبيون حرية القيام باختياراتهم السياسية الخاصة، سيكون الأمر أيضا سلبيا إذا كانت النتيجة هي ليبيا مقسمة يحتفظ فيها القذافي بجزء تحت سيطرته سيكون بؤرة عدم استقرار في المنطقة. - خلال الأزمة في مصر، نصحتم إدارة أوباما بالتزام الحذر تجاه حسني مبارك وصرحتم بأن «الكثير من التسرع سيكون مضرا» ماذا كنتم تقصدون؟ - كون مبارك غادر السلطة قد يكون مفيدا للديمقراطي شريطة أن يترافق رحيله بمسلسل سياسي من شأنه أن يؤدي إلى ديمقراطية تعمل ولكن يمكن أن يكون هناك مخرجان آخران: دكتاتورية عسكرية بنظام على نمط بينوشي أو تطرف ديني بنظام على النمط الإيراني. ولذلك علينا أن نطرح السؤال الاستراتيجي لمعرفة أي مصير نريد، وكيف نتموقع لتعزيز فرص تحقيقه، وهذا يقتضي وضع مسلسل سياسي يسمح ببزوغ الديمقراطية تم ترسيخها. (...) ولكن هناك حل ثالث، وهو على سبيل المثال ما حدث في بولونيا حول مائدة واحدة، أما في مصر فنحن أمام فوضى سياسية، أمام لا تبلور سياسي، علينا أن نشجع بروز تمثيل سياسي حقيقي. - هل الولاياتالمتحدة في موقع يسمح لها بلعب دور حاسم في الدول العربية التي يحتج مواطنوها؟ - من الواضح لا، لدينا نوع من النفوذ، وهذا النفوذ يختلف من بلد إلى آخر نعتقد أنه بمقدورنا دون شك ممارسة تأثير في مصر أقوى منه في اليمن مثلا، ليس فقط بسبب المساعدة المالية التي نقدم لمصر، ولكن أيضا بالروابط القائمة بين الجيش المصري والجيش الأمريكي وأيضا بسبب العلاقات الشخصية التي ربطناها على طول سنوات مع النخبة المصرية وهذه أشياء لا يجب تحديدها من خلال تسرع مبالغ فيه (...). - بخصوص الشرق الأوسط، ذكرتم أن «لا أحد يسير وراء زعيم متردد» ماذا تقصدون؟ - إذا اضطلع الرئيس أوباما بالزعامة، سيتبعه الناس، أود أن ألاحظ ذلك بشكل أكثر وضوحا ولكنني أعرف أيضا أنه بدأ مهامه مع أسوأ أزمة اقتصادية ومالية منذ 1933... ولكن إذا لم ينتقل إلى الهجوم، فستسوء الأمور أكثر لأنه برأيي ليس هناك أدنى شك بأن شرقا أوسطا ديمقراطيا سيكون ولا يجب أن يساورنا أدنى وهم حول هذه النقطة - أقل تأييدا للسياسة التي بقينا أوفياء لها، ولذلك من المهم أكثر أن يتقدم مسلسل السلام بشكل قوي وذكي بزعامة أكيدة... - كيف يمكن لأمريكا أن تدفاع عن مصالحها في عالم متعدد الأقطاب؟ - العالم متعدد وغير متعدد الأقطاب فهو ليس عالما يتشكل فقط من العمالقة والأقزام، فهو عالم تتواجد فيه قوى جهوية مهمة يمكن لبعضها في يوم ما، ولو أن هذا الاحتمال يبقى بعيدا في الوقت الراهن، أن تصبح قوى عالمية بطبيعة الحال الصين ربما الهند، ولكن هذا يبدو لي احتمالا ضعيفا ولا أدري أي مرشح في الوقت الحالي... أن تصبح البرازيل قوة اقليمية هذا أمر لاشك فيه، بالتأكيد تصبح فاعلا على الساحة الدولية ولكن هل سيكون جنود برازيليون مرابطين في كوريا؟ في العمق نحن في عالم لا متماثل، وهذا سيبقى واقعا، إلا إذا ما «انتحرت» الولاياتالمتحدة ببلادة. - تقصدون إذا لم تقم بإعادة تنظيم الأموال العمومية؟ - إذا لم تقم بأشياء كثيرة إذا لم تبدع إذا لم تعد التفكير في الاشياء الزعامة الأمريكية ناتجة في نفس الوقت عن روح المبادرة الأمريكية والعديد من الكوراث، فهي نتاج ظروف تزامنت من خلالها الانفرادية التي أرادتها الولاياتالمتحدة مع الكوارث الفظيعة التي ألحقها الأوربيون بأنفسهم. وعلينا نحن أن نقرر ما نريد أن نكون وما يقلقني أكثر بخصوص أمريكا هو هذا النوع من الجهل المريع الذي تبديه، نلاحظة ذلك حتى على أعلى المستويات ولكن المقلق أكثر هو أن ذلك الجهل يظهر في كل شيء في بلدنا، يجب أن نتخذ القرارات حول المشاكل الكبرى بشكل ديمقراطي لكن هذه القرارات لا يقدرها الجمهور أحيانا إلا وفق راحته الراهنة الضيقة. وبخصوص الكثير من القضايا المتعلقة بالشؤون الخارجية نصطدم بجهل عميق جدا إلى حد أنها تصبح مزعجة . إنه مشكل كبير. - كتبتم في يوم من الأيام بأن الديمقراطية يمكن أن تشكل عائقا أمام السياسة الخارجية؟ - صحيح، وهذا يصبح أكثر تعقيدا عندما نعيش في مجتمع تسلل إليه الخوف من خلال حدث رهيب تم عممته حكومة ديماغوجية ليصح مؤامرة عالمية أمريكا تقف وراءها ديانة محددة الاسلام فنحن مازلنا نعيش ارث 11 شتنبر، عمل رهيب يتطلب اليقظة وليس الديماغوجية - ألم يساهم باراك أوباما في تغيير صورة امريكا في العالم الاسلامي؟ - خطبه كانت موجهة لتغيير طريقة تفكير الامريكيين. ،،الحماس الذي ابديه تجاهه نابع من قناعتي بانه يفهم ماذا ينتظر القرن 21 من أمريكا. ولكن هناك قطيعة بين افكاره، الطموحة، وبين الاستراتيجية الضروري تنفيذها - ماذا ننتظر من أمريكا في القرن 21؟ ان تؤكد مجددا زعامتها؟ - والتزامها بالنسبة لبعض المبادئ الاساسية، العدالة، الكرامة، المساواة: الخطاب الانساني لامريكا. فالامر يتعلق ببلد فريد من نوعه، بمعنى أنه جمع عددا كبيرا من الناس المختلفين حول الفرصة المادية التي توفرها لهم امريكا ولكن ايضا مثاليتها. وتمازج المثالية والمادية شيء قوي جدا، ويشتغل. { قبيل زيارة الرئيس الصيني هوجينتيا لواشنطن في يناير 2011 ركزتم على ضرورة التقارب مع الصين. وكان العلاقة الصينية - الامريكية قد توثرت سنة 2010. هل استطاع اوباما ايجاد التوازن الامثل؟ البيان الختامي لهذا اللقاء، مدهش تماما. تطرق لثمانية قطاعات كبرى. ابدت بخصوصها الصين وامريكا استعدادا لقيام شراكة تعاون { هل يعني هذا البيان بان الصين فهمت انه لا تستطيع ان تبدو عدوانية بالقدر الذي ظهرت به سنة 2010، باثارة توثرات مع اليابان؟ هل فهم الصينيون انهم سيصطدمون مع الامريكيين؟ ما تقولونه صحيح، وهو صحيح ايضا بالنسبة لنا.م لا يمكن ان نقتصر فقط على أن نطلب منهم ان يرفعوا قيمة اليوان (العملة الصينية) ان يحترموا حقوق الانسان، ان يرسوا حرية التعبير، ان يسمحوا بالانترنيت.. الخ. علينا ان نقبل بضرورة التوافق، ان نفهم انه لا مصلحة لنا ولهم في الدخول في نزاع. بامكانناا ن نحصل على فوائد كبيرة من توافقات معقولة. ولكن يجب ان يتم ذلك بطريقة ملموسة ومفكر فيها. { هل العلاقة الصينية- الامريكية عنصر مهيكل للقرن 21؟ نعم، لحد الان ليس هناك اي سبب لعدم الاعتقاد بأن الصين ستواصل زيادة قوتها، ولو انها تواجد مشاكل داخلية. هل هناك اليوم بديل عن الصين على الساحة الدولية؟ الهند ليست كذلك، واليابان هرمت كثيرا، واوربا منشغلة كثيرا بنفسها. { هل الهند ميزة بامكان الولاياتالمتحدة استعمالها في التوازن الاقليمي مع الصين؟ الهند ليست الورقة الأقوى. مستقبل الهند، لا سيما على مستوى الديمقراطية ليس مضمونا تماما. فهي قبل كل شيء بلد متعدد الديانات، متعدد الأعراق متعدد اللغات، صحيح انما تتوفر على نظام ديمقراطي، ولكن هذا النظام لا يغذي المجتمع بعمق { ادارة اوباما تتحدث عن تقليص للقوات الامريكية في افغانستان، وعلاقتها مع باكستان، أصبحت معقدة. ما رأيكم في سياستها في المنطقة؟ اعتقد عموما انها تقوم بما يجب ان تقوم به، اي وضع اسس ملائمة وتفاهم مع بعض عناصر طالبان، مع القضاء على اية امكانية لتمكين القاعدة من تشكيل معقل لها. وهذا يسمح بعد ذللك، بتخفيف التصعيد، تدريجيا للمجهود العسكري. ولكن يتعين في وقت من الأوقات نشر مظلة اقليمية، مع عقد مؤتمر.. يجب ان يجمع باكستان وكل دول «ستان» وايران، ووراء هذا الصف الاول الهند وروسيا والصين والولاياتالمتحدة او الحلف الاطلسي حسب الاختيار، من أجل خلق اطار للاستقرار الاقليمي (...) وسيركز علي كون أهم تواجد سياسي- عسكري خارجي يجب ان يحسب مع الابقاء على تواجد ذكي. و هذا بالضبط ما لم ننجح في تحقيقه سنة 1989وفي السنوات الموالية، والذي ادى الى ظهور طالبان وحتى القاعدة. - هل تعني انه كان على الولاياتالمتحدة ان تبقى في افغانستان بعد انسحاب السوفيات ؟ - هذا بالفعل ما كان علينا القيام به. لكننا كنا مهملين ونحن نؤدي ثمن ذلك اليوم.