من المرتقب أن يكون المجلس الاقتصادي والاجتماعي قد أنهى يوم أمس الجولة الأولى من جلساته بالمصادقة على مشروع قانونه الداخلي، وهو المشروع الذي سيحال على المجلس الدستوري قصد التأكد من مطابقته مع الدستور لتتواصل بذلك أوراش التأسيس والهيكلة. الجلسات التي وصفت بالماراطونية انطلقت بعد حوالي أسبوع واحد من تنصيب المجلس، إذ أسفر أول جمع عام عن تكوين لجنة كلفت بصياغة قانون داخلي مستمد من النصوص الواردة في الدستور ومن القانون التنظيمي، كما أنه أعطى الانطلاقة لأشغال باقي اللجان المكونة من ممثلين اثنين عن كل فئة من الفئات الخمس الممثلة في المجلس. * اللجنة الموضوعاتية عملت على تحديد المواضيع من قبيل القضايا الاقتصادية والمشاريع الاجتماعية - السياسات الاقتصادية والمالية - قضايا النمو والتنافسية - حماية المستهلك - العلاقات الاقتصادية الدولية . * لجنة قضايا التكوين والتشغيل اهتمت بالسياسات القطاعية والتكوين والتكوين المستمر والتعليم العالي والبحث العلمي. * لجنة القضايا الاجتماعية والتضامن اهتمت بملفات من قبيل النوع الاجتماعي - الأسرة - وضعية الأشخاص ذوي الحاجيات الخاصة - سياسة توزيع الدخل . * لجنة القضايا البيئية والتنمية الجهوية اهتمت بملفات من قبيل حماية البيئة والتنوع البيولوجي - التنمية القروية- تحسين ظروف عيش السكان - السياسة الطاقية. * لجنة القضايا الثقافية والتكنولوجيا الحديثة اهتمت بملفات من قبيل الإعلام والاتصال والرهانات المرتبطة بهما. * لجنة تحليل الظرفية الاقتصادية والاجتماعية وتعنى بالتتبع والتقييم وإعداد بنوك المعطيات وتحيينها. ومن المرتقب أن يتبنى مشروع القانون الداخلي في اجتماع يوم أمس صيغة تشكيل المكتب من 12 عضوا هم الرئيس وأعضاء المكتب المنصوص عليهم ورؤساء اللجان السالفة الذكر، مع الأخذ بقاعدة ترجيح كفة الرئيس في حالة تعادل الأصوات عند التصويت. وفي انتظار تعميم الصيغة النهائية لمشروع القانون الذي تم التوصل إليه، فإن الرأي العام، الذي تتبع باهتمام كبير مضامين الخطاب الملكي الذي تم على أساسه تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي يوم 21 فبراير 2011 ثم مضامين الخطاب الملكي ليوم 9 مارس 2011 الذي تناول الإصلاح الدستوري، يترقب عن كثب نتائج التحولات الجارية بما في ذلك المجلس الاقتصادي والاجتماعي. (تابع ص.1) وإذا كانت الشعارات والمطالب المعلن عنها حتى الآن ترجح كفة إناطة اختصاصات وصلاحيات جديدة للغرفة الثانية الحالية لفائدة توسيع صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي، فإن التركيز على الفعالية يدفع إلى استحضار الجوانب السلبية التي ميزت العمل البرلماني وخاصة منها ظاهرتي الغياب والترحال، ويفرض التساؤل عما إذا كان الاقتصار في الجلسات الماراطونية التي عقدها المجلس حتى الآن يدشن منهجية عملية تقوم على خدمات قلة قليلة من الأعضاء أو ما يعرف ب «النواة الصلبة» أم أن ظاهرة الغياب ستعالج بصيغ جديدة مؤطرة بإطار قانوني يؤمن معاقبة المتغيبين بدون عذر حتى ولو كانوا معينين بظهير. الجانب الثاني الذي يطرح نفسه بإلحاح يرتبط بنظام الجهوية الذي تضمنه الخطاب الملكي. فإذا كان المجلس الاقتصادي والاجتماعي المنصب يكتسي صبغة وطنية، فهل معنى هذا أنه سيشكل عائقا أمام قيام المجالس الجهوية بمهامها علما بأن تجارب بعض الدول الأوربية في هذا الشأن تعطي للمجالس الجهوية صلاحيات أكبر من صلاحيات المجالس الوطنية، وعلما بأن الخطاب الملكي أمر بالانفتاح على المناخ الاقتصادي والاجتماعي؟ القطيعة مع كل الصيغ التي تسمح بتعدد التأويلات تقتضي وضع حد للجدل القانوني القائم حول سلطات الرئيس، وتوفير التوازن الضروري بين أجهزة المجلس الخمسة مع التنصيص على أن تكون الجلسات العمومية مفتوحة دون قيد أو شرط. إن القطيعة مع كل الممارسات التي تشجع على توسيع الهوة بين الأفراد والقطاعات والجهات، تضع أعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي البالغ عددهم 100 أمام مسؤوليات جسيمة، مسؤوليات تفرض عليهم وضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. فالتمثيلية في المجلس ليست مجرد وسيلة للدفاع عن حقوق ومطالب الهيئة التي ينتمي إليها العضو، وإنما هي وسيلة لتطوير آليات الاشتغال من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمغرب ولكل المغاربة.