افتتحت ذ. خديجة السلاسي ندوة «الشباب والسياسة والمرأة والسياسة» التي نظمها القطاع النسائي الاتحادي بفاس، بتنسيق مع الكتابة الجهوية يوم السبت03/19/2011 بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بكلمة توجيهية دحضت فيها مقولة عزوف الشباب عن السياسة، مؤكدة أن المغرب يعيش يقظة شبابية وحراكا سياسيا مستمرا من خلال شعارات اجتماعية واقتصادية، ثم تساءلت لماذا الشباب ولماذا المرأة؟ «لأننا في حاجة إليهما معا» . واعتبرت أن هذا اللقاء الذي حضره جمهور هام من الشباب والشابات من القطاع التلاميذي، يعتبر حلقة أولى نحو المواطنة من أجل المزيد من المشاركة الشبابية والنسائية. ذ جواد شفيق عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي اعتبر يوم 8 مارس العيد العالمي للمرأة هو من القضايا التي يجب أن نحتضنها، كما اعتبر الخطاب الملكي ل 9 مارس يعد تقوية لدور الأحزاب السياسية والمنظمات النقابية والمجتمع المدني حتى تتمكن هذه الهيآت من مخاطبة الشباب في الفضاءات العمومية، لأن المغرب يعيش بعد20 فبراير تحولا عميقا في علاقة الشاب بالسياسة. فرغم أن الدولة خفضت سن المشاركة والترشيح في الانتخابات بفضل نضال المناضل عبد الرحمان اليوسفي، غير أن الشباب لايزال عازفا عن الممارسة السياسية، ولعل ما طرحه شباب 20 فبراير في بعده السياسي شكل استثناء في الحراك السياسي، بينما الواقع أن الشباب المغربي ساهم في السياسة، من خلال القادة الوطنيين كالشهيد المهدي بنبركة والمرحوم عبد الرحيم بوعبيد، وكذا مشاركته في انتفاضة مارس 1965 وأحداث 14 دجنبر فاس سنة 1990 وغيرهما ، إلا أن العمل السياسي في السابق كان محفوفا بالمخاطر وخاصة في عهد الاستبداد وسنوات الرصاص، بدعوى أن المغاربة يحتاجون إلى الخبز، أما حقوق المواطنة فلا يستحقها المغاربة، علما بأن الديمقراطية يقول ذ جواد هي ممارسة واحتكاك ومشروع متواصل، إلا أن ناهبي المال العام والمستغلون أفرغوا مفهوم الديمقراطية من مضمونها، بالإضافة إلى احتواء الأحزاب وتمييع عملها النضالي والتأطيري. ثم انطلق ذ جواد شفيق للحديث عن تفريخ الأحزاب قصد القضاء على إشعاع الأحزاب الديمقراطية وفي طليعتها، الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال، لينتقل بعد ذلك للحديث عن مفهوم السياسة حاليا والتي تتجلى في الاهتمام بالقضايا المحلية والجهوية والوطنية، والعمل على تحسين الظروف المعيشية، والاهتمام بالمتطلبات، مؤكدا على أن أغلبية الشعب المغربي من فئات شبابية، لذا فهم مدعوون للانخراط في العمل السياسي داخل الأحزاب الوطنية التي تحمل مشاريع اجتماعية لتخليص المغرب من أزماته، ثم تطرق للحديث عن كيفية تعامل الأحزاب مع الحركات الشبابية، والعمل على احتضانه عبر آليات محكمة لتحقيق طموحاته في الشغل والتعليم والتطبيب والبيئة وغير ذلك من القضايا التي أصبحت تأخذ باهتمام الشباب. وبالنسبة لتغيير القيادات التي شاخت، فإن ذلك ينطلق من الانخراط في العمل الحزبي خاصة وأن وسائل الاتصال المتطورة أصبحت في متناول الجميع، فإذا كان ملك البلاد استجاب لمطالبنا، فعلينا حماية هذه المطالب لأن هناك جيوبا لمقاومة التغيير تستفيد من الوضع الراهن، فالواجب على الشباب أن يبتعد عن العفوية ويبحث عن الإطار سيما أن بالمغرب حركات ظلامية لا تريد أن ينفتح الشباب ليظل مادة خام تسيرها كيفما شاءت. وخلص الأخ شفيق في مداخلته الى سقوط أطروحة العزوف السياسي انطلاقا من العدد الهام المشارك في الندوة، مشيرا أن المؤهل لحل مشاكل الشباب هم الشباب أنفسهم، ومفهوم الصراع في السياسة هو صراع من أجل الأفكار، وممارسة السياسة هي مد الجسور بين الماضي والحاضر والمستقبل، فإذا كان آباؤنا أدوا الثمن في مشاركتهم السياسية، فإن شباب المغرب الحالي عليه الانخراط في السياسة لبناء مستقبل الغد لأجيال حاضرة وآتية.ذ. فتيحة عبد الله: استهلت عرضها بتوجيه تحية إكبار للنساء المناضلات بمناسبة عيد المرأة، واعتبرت أن الممارسة السياسية هي حق من حقوق المرأة لأنها أصبحت شريكة للرجل، وأصبحت تمارس نفس الأعمال التي يقوم بها، فهي الأستاذة والطبيبة والمحامية والعاملة، وهي حاضرة في المجالات الحياتية وأكثر إلماما بحاجيات المرأة، لذلك فمساهمة المرأة في العمل السياسي شيء حاسم لإعطاء الديمقراطية المفهوم الحقيقي، تفعيلا للالتزامات الوطنية من خلال التصريحات الحكومية علما بأن المرأة المغربية حققت كثيرا من المكاسب، وخاصة مدونة المرأة التي تعتبر ثورة في الحياة الديمقراطية المغربية لأن ما جاءت به المدونة جعلها في مساواة حقيقية، ولعل مساهمة المرأة في الحياة السياسية لم يكن وليد اليوم بل إنه ناتج عن انخراط المغرب في اتفاقيات دولية وأجرأتها. ثم انطلقت بعد ذلك للحديث عن المشاركة السياسية للمرأة المغربية انطلاقا من الستينات إذ كانت تمثيليتها ضعيفة، حيث أن الفكر الذكوري هو السائد حتى داخل الأحزاب السياسية والذي لم يكن يعطي للمرأة المناضلة حقها في الترشح للانتخابات الجماعية والبرلمانية، حيث كانت نسبة نجاحها ضعيفة جدا وكانت لا تحظى بالثقة خلال الترشيحات الفردية. إلا أن المغرب عرف تطورا ملموسا أدى إلى تغيير وضعية المرأة، حيث تطور نجاحها. وأصبحت برلمانية ووزيرة، إلا أن مشاركتها في البرلمان والحكومة ليست في المستوى المطلوب، نظرا لما أصبحت تملكه من قدرات علمية وكفاءة عالية في مختلف المجالات. ثم انطلقت بعد ذلك للحديث عن تطور القوانين الخاصة بالمشاركة السياسية للمرأة بين الفترة 2002- إلى 2008، واعتبرت أن ظرفية 2007 كانت مخيبة للآمال، وبصدور قانون الأحزاب تطورت حظوظ المرأة بفضل اللائحة الوطنية حيث ارتفع عدد النساء المشاركات في البرلمان وكذا الجماعات المحلية. وخلصت في مداخلتها للتطرق إلى المشاكل التي يعرفها القطاع النسائي الاتحادي، وما شابه من خروقات خلال انتخاب أجهزته الوطنية مؤخرا، داعية إلى الاهتمام بهذا القطاع والعمل على رأب الصدع تجنبا للخلل الذي يعرفه التنظيم الحزبي. ومما يثلج الصدر أن مشاركة الشباب والشابات الذين واكبوا الندوة كانت مكثفة وهامة، حيث لامسوا عددا من القضايا الوطنية والسياسية، إذ طرحوا إشكالية عزوفهم عن الانتخابات وتعامل المنتخبين بعد نجاحهم معهم بالتعالي، والاهتمام بالمصالح الشخصية مما يفرغ السياسة من مفهومها ويجعلهم يصنفون الجميع في صف ناهبي المال العام، كما أكدوا أن عزوفهم أيضا يرجع إلى البيروقراطية الحزبية وتفشي شراء الأصوات وغياب التواصل بين الأحزاب والشباب، وطالبوا بالقيام بحملات تحسيسية في الإعداديات والثانويات للتحسيس بأهمية الانخراط في العمل الحزبي ومحاربة الرشوة والفساد واقتصاد الريع، وإعادة الاعتبار لمادة الفلسفة لما لها من أهمية في تنوير الفكر الإنساني، كما تساءلوا عن ماهية حركة 20 فبراير وكيفية الانخراط في الأحزاب السياسية؟ وفي ردودهما، أكد جواد شفيق ود. فتيحة عبد الله، أن ما ورد في تدخلاتهم يعد مدخلا سياسيا هاما، وأن هذه الندوة سوف تتلوها ندوات أخرى للتحسيس بأهمية الانخراط في العمل السياسي حتى لا يكونوا ضحية للعفوية والاستقطابات الظلامية.