انطلق الكاتب عبد الكريم الجويطي في تقديمه لرواية «المغاربة» والتي وصلت الى اللائحة الطويلة لجائزة بوكر 2016 ،خلال لقاء بالمعرض الدولي للكتاب وسير أطواره عبد الرحيم العلام رئيس اتحاد كتاب المغرب من سؤال استفزازي : ما معنى أن تكون مغربيا؟ وهو السؤال الذي لازمه لوقت طويل ليتجسد روائيا بوقائع تاريخية صهرها متخيل تحركه الريبة والشك من تاريخ لم يكن المغاربة صانعيه، ولم يتساءلوا يوما عن نسبة الحقيقة فيه . الجويطي اعتبر الرواية تشريحا لحالة الخراب عبر محكي تخييلي تمسك بخيوطه شخصيتان رئيسيتان: السارد الاعمى ثم العسكري المعاق الذي يعاني بدوره خرابا جسديا بعد عودته من حرب الصحراء. شخصيتان تنوء الاولى بأعطاب الذات وانكساراتها في الحياة والحب فيما الثنية ناقدة ومتمردة على تاريخ عاشت أجزاء منه وساهمت في صنعها، قبل ان تلجأ الى الكتابة كملاذ أخير يكسبها مناعة ضد الخراب. المغاربة كما قدمها الجويطي، التي تطلبت منه كتابتها 10 سنوات من البحث بين كتب التاريخ والفقه والرحلة، اقتضاها احترامه للكتابة ولشعبه، تطرح سؤال الهوية الحارق وتفكك بنية المخزن من زاوية التاريخ الذي لا تعني العودة اليه ترفا بل محاولة استرجاع للحق في كتابته لأن التاريخ الرسمي ليس كله صحيحا معتبرا أن الرواية هي «امبراطورية الشك» وعليها تبعا لذلك أن تهدم الاساطير المؤسسة، مضيفا أن المغرب بلد صنعه التقليد، وكلما ظهر جديد يلتف حوله هذا التقليد ويغتاله. التأني في الكتابة ميسم الروائي الجويطي الذي يحافظ على مسافة تامة بين نصوصه، مؤكدا أن الحضور لا يتم بالضجيج، ومعتبرا أن الغزارة في الانتاج ليست مقياسا لهذا الحضور لأن الكتابة الحقيقية، حسبه، هي الكتابة التي تنضجها العزلة، مضيفا أنه وهو يكتب «المغاربة» كتبها وكأنها وصيته الاخيرة ولهذا كتبها «بدقة وروح وكذا بحب»، وهذا ما يدفعه الى التريث بين عمل وآخر وهو تريث يسمح له بالتحرر من الجلد الذي كتب به الرواية السابقة مخافة أن يكرر نفسه، معترفا بأنه مدين للكتابة لأنه «لولا الكتابة لانتهيت». ولم ينس الجويطي فضل الكاتب المغربي الراحل ادموند عمران المليح الذي اعتبر أنه اختصر عليه الطريق في الأدب من خلال اطلاعه على نصوص مهمة ومن حيث علاقته بالكتابة، وهي علاقة امتدت منذ 1991 سنة حصوله على جائزة اتحاد كتاب المغرب عن روايته «ليل الشمس»، مشيرا الى أنه بصدد إصدار كتاب عنه بعنوان «مربي الكلمات» يتضمن بورتريها عن الراحل و12 مقالة كتبت عنه اختارها المليح بنفسه وأودعها لدى الجويطي قبل وفاته، معتبرا أن الراحل إرث للمغاربة جميعا. وعن علاقته بالجوائز ما بين 1991 و2017 ، أكد الجويطي أنه طيلة حياته الأدبية لم يكتب إلا للرواية ، معتبرا أن صرخته لا تسعها الا الرواية وأن حصوله على أول جائزة كان بالنسبة إليه رهانا على المستقبل بما يفتحه هذا الرهان من تطوير وبحث حتى يشكل العمل الثاني إضافة بالنسبة إليه كروائي، وإضافة الى المتن الروائي في حركيته، وهو رهان أيضا أثبت صحته بين كل نص نص بدءا من «ليل الشمس»، «زغاريد الموت» «الموريلا الصفراء»، «كتيبة الخراب»، «محكيات «رمان المجانين» و»مدينة النحاس» بالإضافة الى ترجمته للطاهر بن جلون، خوان غويتيصولو، إميلي نوثمب وآخرين.