اعتبر نوري الجراح المدير العام للمركز العربي للأدب الجغرافي (مؤسسة ارتياد الآفاق) في ندوة "الرحلة العربية بعدد ألف عام" والمنظمة أول أمس الاثنين على هامش فعاليات الدورة 23 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، اعتبر أنه رغم وجود دراسات قديمة تناولت أدب الرحلة بشتى تخصصاته سواء من من ناحية الابداع أوالتوثيق أوالبحوث، فإن تعريف المتن الرحلي مازال قاصرا وفي حاجة إلى طرح العديد من الأسئلة، بدءا بتعريفه والبحث في أدب الرحلة ودلالاتها وحركيتها وآفاقها عبر التاريخ العربي. من جهته قدم الدكتور شاكر لعيبي الفائز بجائزة ابن بطوطة لسنة 2016 عن فرع الرحلة المحققة. نبذة موجزة عن تحقيق رحلة أبو دلف المسعري في القرن العاشر الميلادي، والتي تعوب إلى 1000 سنة، مركزا اهتمامه حول رحلات القرنين التاسع والعاشر ميلادي، مشيرا إلى أن البحث والتحقيق في هذه الرحلات يطرح تحديات إنسانية وجغرافية وأنتربولوجية على الباحث، حيث أن المتن الذي يشتغل عليه الباحث محدود توثيقيا فيما الدراسة التي تتناوله تتجاوز مساحة المتن. وتأتي أهمية الدراسة التي قدمها من أهمية الصين منذ القدم بالنسبة للعالم العربي وهو ما تطلب منه بحثا مطولا وتنقلا للتدقيق في الأماكن والأسماء التي ذكرت في رحلة أبو دلف إلى الصين، وهو البحث الذي يقوده شغف لازم الباحث طيلة مسار عمله، شغف فيلولوجي وثقافي وجغرافي، وكل ذلك بدافع تجسير العلاقة مع الآخر، مشيرا إلى أنه في هذا النوع من الأدب هناك تواطؤ بين الرحالة والقارئ الذي يصدق أكثر الأمور غرائبية وعجائبية في الرحلات، هذا العجائبي الذي تحدث عنه الدكتور خالد التوزاني الفائز بجائزة ابن بطوطة لهذه السنة عن فرع الدراسات ببحثه »"الرحلة وفتنة العجيب« "،حيث اعتبر أن موضوع »العجيب« موضوع شائق ومثير للفضول لهذا قرر دراسته بعد متون أخرى. فانطلاقا من التراث العربي النقدي، يحضر مصطلح «العجائبي» أو العجيب كما يفضل التوزاني تسميته مرتبطا بالرعب والخوف، كما شكل دوما تمردا على الذات وتلذذا بالفراغ والفوضى، إلا أنه في أدب الرحلة العربية، يشير التوزاني، ارتبط بالجميل والممتع وشكل في الرحلة بوابة للتغيير الذاتي وتحويل العجيب إلى مألوف والمستحيل إلى ممكن، معتبرا أن المغرب بلد الرحلة بامتياز، حيث كان الاعتراف بصفة العالِم مرتبطا بسجل الباحث العلمي الذي لا يكتمل إلا بالرحلة لهذا، يضيف، يصعب أن تجد عالِما مغربيا لم يدون رحلته، وهو ما يفسر غزارة المتن الرحلي المغربي. في تقديمه للكتاب الفائز عن صنف السرد الرحلي والمتخيل للسعودية أريج بنت محمد سليمان سويلم، اعتبر الدكتور شعيب حليفي أن الكتاب مهم لاعتبارين أولهما: لندرة الدراسات البحثية بشبه الجزيرة العربية في هذا المجال، مما جعلها أجناسا مهمشة، وثانيا: لأنه اعتمد مرجعيات عربية ومغربية وشكل بذلك إضافة للسرد الرحلي من جهة وللمتخيل من جهة أخرى، ولاختيار «رحلة السيرافي والغرناطي» رغم ندرة الأبحاث التي تطرقت لرحلتهما. كما أن هذا البحث الفائز اكتسب أهميته من ارتباط العجيب فيه بقيمة المتخيل في الثقافة العربية بشكل عام وليس السرد الرحلي فقط، داعيا الدرس الجامعي في دول الخليج إلى الانفتاح على أبحاث ومسالك جديدة في البحث العلمي. البحث الضخم الذي قدم للجنة جائزة ابن بطوطة هذه السنة للباحث الجزائري عيسى بخيتي حول «الأدب الرحلي بالجزائر في الفترة الاستعمارية» اعتبره الدكتور الطائع الحداوي عضو لجنة تحكيم الجائزة بمثابة موسوعة لكونه يضم سبعة أجزاء بالإضافة الى دراسة مطولة، مشيرا الى أن الباحث نظر الى النص الرحلي من زاوية العلاقة بين النص والخطاب، وكيف يمكن اعتبارها حينا نصا، وحينا آخر خطابا، متطرقا الى الناحية المنهجية في البحث، وهو البحث الذي قال بصدده الباحث عيسى بخيتي أنه يعتبره ذخيرة مهمة في تاريخ أدب الرحلة، متطرقا الى المعاناة التي كابدها في تحصيل المادة البحثية، متنقلا بين الجامعات والمعاهد الجزائرية والفرنسية.