بطلب من الفريق الاشتراكي ودعم من فريق العدالة والتنمية استدعت لجنة المالية بمجلس النواب الرئيس المدير العام للخطوط الملكية المغربية إدريس بنهيمة بهدف استفساره عن مجموعة من القضايا المرتبطة بالشركة الوطنية، وخاصة ما يرتبط منها بالمديونية والتدبير وجودة الخدمات والأسعار والآفاق المستقبلية. عقب الجلسة الأولى التي انعقدت يوم الأربعاء الأخير، خصنا بنهيمة بحوار تناولنا فيه أهم الجوانب التي تشغل بال الرأي العام الوطني ، بما في ذلك النتائج المحققة والآفاق المستقبلية والتعامل مع الموارد البشرية والآفاق المستقبلية. الشركة لا تخضع فقط لمراقبة الحكومة ولكنها تخضع كذلك لمراقبة الجهات الأجنبية الممولة مثل أكسيم بنك، ايكاس، وشركات التأجير التي تبني بدورها قراراتها التمويلية على معايير اقتصادية تقتضي أول ما تقتضيه تمويل المشاريع والشركات التي لها مصداقية ووضعية مشجعة على الاستثمار. وتعزيزا لهذا الدور فإن أدوات مراقبة أخرى توجد في طور الإنشاء وهي لجنة الاستراتيجية والاستثمار المنبثقة عن المجلس الإداري ولجنة مشتريات الخطوط الملكية المغربية، وهناك كذلك مشروع اتفاقية حول تقوية مراقبة الدولة قيد الإنشاء لتفعيل القانون رقم 00-69 المتعلق بالرقابة المالية على المؤسسات العمومية، فالقول بأن الخطوط الملكية غير خاضعة لرقابة السلطات العمومية لا أساس له من الصحة ومخالف لما هو معمول به في الواقع { أنتم تتحدثون عن تطوير الشركة في ظل مناخ شفاف بينما الشركة التي عانت بدورها من انعكاسات أزمة 2009 العالمية غارقة في الديون التي تصل إلى حوالي 6 ملايير درهم، أليس في هذا خطر على مستقبل الشركة؟ نحن أقل مديونية من أغلب باقي الشركات العمومية، وارتفاع قيمة الديون إلى 6 مليارات ليس فيه ما يدفع إلى المبالغة أو التهويل لأنه يجب مقارنته مع حجم المبيعات الذي يرتفع إلى حوالي 15 مليار درهم سنويا، وكما سبق أن ذكرت من قبل ، فإن ديون الخطوط الملكية المغربية غير مضمونة من طرف الدولة المغربية وإنما هي مضمونة من طرف شركات التمويل والتأمين الدولية التي لاتوافق على مطالبنا إلا بعدما تتأكد من أننا نوفر جميع المعايير التي تعتمدها، وبصفة عامة فإن نسبة الديون المحصل عليها في البرامج الاستثمارية مرتبطة بالتمويل الذاتي، إذ تصل حصة التمويل الذاتي إلى 15 % في حين أن 85% المتبقاة تغطيها شركات التمويل. بالمناسبة أود أن أؤكد أن المديونية لا تطال صندوق التقاعد الذي يوجد في وضعية مالية متوازنة، وكل ما في الأمر هو أن الافتحاص الذي نقوم به بين الفينة والأخرى أسفر عن التوصل إلى أن أحد الأشخاص كان يتعامل بأموال التعاضدية ، فقدمنا شكاية حول اختلالات مالية خلال سنتين بقيمة 600 ألف درهم أي 60 مليون سنتيم. وقد سبق لنا أن نشرنا بيانا في الموضوع وفي انتظار الحكم في النازلة، فإن مالية التعاضدية متوازنة وحجم تدخلاتها هو 5,4 مليار سنتيم . وعلى العموم فإن دينا من هذا الحجم يعتبر عاديا في إطار تدبير النقل الجوي. - وماذا عن حجم الخسارات التي تكبدتها الشركة؟ * للجواب عن هذا السؤال يجب التذكير بأن سنة 2009 تميزت بمواجهة مشاكل استثنائية كالانسحاب من شركة الخطوط السنغالية والارتفاع الحاد لأسعار الوقود وإضرابات الربابنة، وكل ذلك في ظل وضع دولي كان فيه قطاع النقل الجوي هو ثاني القطاعات الأكثر تضررا بالأزمة الاقتصادية العالمية بعد قطاع صناعة السيارات. لقد قدمنا حينها للمجلس الإداري أرقاما وبيانات مقارنة حول خسائر الشركة وبينا أن خسارة كل طائرة كانت من أقل الخسائر المسجلة مقارنة مع طائرات باقي الشركات العالمية وحينها بيننا دوافع ارتفاع حجم الخسارة إلى 850 مليون درهم. بالنسبة لسنة 2010 بلغت الخسارة 1,4 مليار درهم بفعل المراجعة الضريبية، أما بالنسبة لسنة 2011 فإن الخطوط الملكية المغربية لم تسجل لحد الآن أي انخفاض في مستوى نشاطها، بل سجلت ارتفاعا ضئيلا، ولكن هناك تخوفات من الآتي بفعل ارتفاع أسعار البترول إلى ما يزيد عن 110 دولارات للبرميل، ثم بفعل تقارير جل الخبراء التي تتخوف من تقلص حجم المسافرين بفعل الأحداث التي يشهدها العالم العربي. فبالنسبة للبترول كنا قد توقعنا أن يكون معدل الأسعار هو 85 دولارا للبرميل أي بما يزيد عن توقعات الدولة التي كانت قد حصرت السعر في 75 دولارا، وهذا في حد ذاته مؤشر إيجابي على حسن التدبير المعتمد من طرف الشركة. إن الخسائر المسجلة لا تجد تفسيرها في التدبير الداخلي للشركة، وإنما في المناخ الدولي لسنة 2009 وفي المراجعة الضريبية لسنة 2010 . وبالمناسبة لابد من التذكير بأن بعض عناصر الكلفة المرتفعة موروثة عن زمن الاحتكار المتميز بارتفاع الأجور وبالاستفادة من بعض الامتيازات. فبالمقارنة مع أغلبية الشركات الدولية المنافسة ذات الكلفة المنخفضة يتضح أنها تدبر مواردها البشرية وفق نظام يختلف تماما عن نظام لارام الموروث عن زمن الاحتكار، ورغم أن هذا الوضع مكلف بالنسبة للشركة إلا أننا نحترم مكتسبات المستخدمين الذين التحقوا بالشركة في عهد الاحتكار. من بين المجالات المكلفة الموروثة عن زمن الاحتكار هناك كذلك تكوين وتدريب الربابنة الذي يكلف 1,5 مليون درهم لكل ربان بينما المنافسون، المغاربة منهم والأجانب لا يتحملون كلفة التكوين لأنهم يختارون الربابنة من بين المكونين والمتوفرة فيهم الشروط التي تناسب شركة الطيران، فبينما تعتمد باقي الشركات على ربابنة أجانب، فإن لارام تعتمد على الربابنة المغاربة, الجانب الثاني من الكلفة الموروثة عن زمن الاحتكار يتمثل في كوننا نقوم بصيانة طائراتنا اعتمادا على وسائلنا الخاصة، فلنا منظومة خاصة بطائرات بوينغ 757 في حين أن حجم أسطولنا لا يكفي لتبرير التوفر على منظومة خاصة للصيانة، ولتجاوز هذا الخلل فإننا خلقنا فرعية مع «إير فرانس أنديستري» لجلب طائرات من شركات أخرى. إلى جانب كل هذه المشاكل هناك مشكل آخر يكتسي طابعا هيكليا، وهو يرتبط بالمناخ الجبائي للنقل الجوي، فهناك تناقض صارخ، فعوض أن تكون مرحلة الشروع في تطبيق نظام السماء المفتوحة مصحوبة بإقرار مناخ جبائي مماثل لمناخ الشركات المنافسة ، تم تطبيق العكس إذ تم حذف كل التسهيلات التي كان القطاع يستفيد منها مثل الضريبة على القيمة المضافة على الطيران، لهذا فإننا نطالب من الدولة دعم الشركة بتوفير مناخ ضريبي من نفس النسق المعتمد في دول الشركات المنافسة. - إذا استحضرنا كل ما سبق لكم أن تطرقتم له، كيف تنظرون إلى الآفاق المستقبلية؟ * خلاصة ما تطرقنا إليه هو أن الخطوط الملكية المغربية سجلت نموا رفيعا ومستمرا مبنيا على المواصلات الدولية عبر الدارالبيضاء، فإدارة لارام بنت للدولة وسيلة مهمة على المستوى القاري والسياحي وعلى مستوى النقل الداخلي، وكل ما تحقق تم في ظل وضع مالي هش لأسباب جزء منها هيكلي والجزء الثاني مؤقت واستثنائي. الحل الذي اقترحناه على الحكومة لتقوية الأسطول وبلوغ 100 طائرة في أفق سنة 2025 ولاستثمار 10 ملايير درهم عوض 20 مليار درهم المحققة خلال 20 سنة، هو تسريع وتيرة الاستثمار الذي يمر بالضرورة عبر النمو. وضعنا هدفا طموحا يرمي إلى أن نتحول إلى أكبر شركة في القارة الإفريقية في أفق 2020 ، والمغرب يتوفر على جميع مؤهلات بلوغ هذا الطموح، وبالنسبة لنا، فإننا نطلب من الحكومة وضع العقدة - البرنامج الملائمة لمتطلبات الوجهات السياحية ولتقوية العلاقات مع إفريقيا كما نطلب منها أن ترفع حصة مساهمتها في البرامج الاستثمارية لتصل على الأقل إلى 25 في المائة التي تعتبر أقل نسبة يعمل بها في المشاريع الاقتصادية الكبرى التابعة للقطاع الخاص. من جانبنا سنخلق سياسة تهم تحسين الجودة من خلال تجديد المقصورات والأسطول مع احترام التوقيت، أما بالنسبة للأنشطة الملحقة، كالصيانة، فسنرى كيف نحولها من عنصر خسارة إلى مصدر ربح. على مستوى الموارد البشرية سنحافظ على مكتسبات المستخدمين الذين التحقوا بالشركة في زمن الاحتكار كما سنحافظ على مكتسبات مستخدمي «أطلس بلوو» وسنقوم بتحديث العنصر البشري دون مساس بالمكتسبات. إن الآفاق المستقبلية تحتاج إلى مساندة الرأي العام، وتحتاج من النواب والسلطة التنفيذية فهم الوضعية الحقيقية للخطوط الملكية المغربية والعمل سويا على حمايتها، ومساندتها لتستفيد من المؤهلات المتاحة لها وتتحول فعلا إلى شركة وطنية ذات بعد قاري ومكانة متميزة على المستوى الدولي.