أقدمت إسرائيل في بداية الأسبوع على إصدار قانون جديد يشرعن سياسة الاستيطان والاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية، ويفتح أمام المستوطنين إمكانية سلب ممتلكات الفلسطينيين . ولهذا القانون خطورة كبرى، لأن له من جهة، مضامين استيطانية، وثانيا لكونه يصيح بأعلى صوت بنوده أنه ضد مسار السلام وإقامة الدولة الفلسطينية. ولإبراز صورة هذا القانون، الذي أتى به اليمين الاسرائيلي ممثلا في «البيت اليهودي»و»الليكود» إلى الكنيست، لأطلق عليه «قانون تبييض الاستيطان» ، أي يحول ما تمت مصادرته من أرض فلسطينية من طرف إسرائيليين فرادى أو جماعات إلى ممتلكات تشكل امتدادا لإسرائيل ، و ينص على أنه يحق لسلطات الاحتلال مصادرة أرض فلسطينية خاصة من أصحابها لغرض الاستيطان، كما يسعى إلى قطع الطريق في وجه الفلسطينيين للجوء إلى القضاء من أجل إنصافهم . القانون، اعتبرته السلطة الفلسطينية بمثابة»إعلان حرب»، كونه يمكّن سلطات الاحتلال من مواصلة نهب وسرقة ما تبقى من الأرض الفلسطينية المحتلة، بأساليب استعمارية مختلفة، تقوم على قوة الاحتلال والاحتيال على القانون، في إطار مساعيها للقضاء على أي فرصة لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة،لكن عدة عواصم عالمية أدانت هذه الخطوة الإسرائيلية. إن إسرائيل تعمل الآن على تقطيع أوصال ما تبقى من الأرض الفلسطينية لتحولها إلى جزر منفصلة في بحر الاستيطان، وهي بذلك تنهج سياسة مصادرة أكبر ما يمكن من أراضي الضفة، وغرز ما يمكن من المستوطنات، ومنح امتيازات واسعة للمستوطنين، كي ينشئوا تجمعات سكنية لهم . هكذا نجد اليوم، أكثر من 400 ألف مستوطن بالضفة و375 ألفا بالقدس الشرقية، وعشرات المشاريع الاستيطانية التي برمجتها اسرائيل . ولعل المثير في الأمر، أن إصدار الكنيست الإسرائيلي قانون «تبييض المستوطنات»، جاء أسابيع فقط، بعد مصادقة مجلس الأمن الدولي على قرار يطالب إسرائيل بأن توقف فورا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، ويؤكد عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ، وبأن تتقيد سلطة الاحتلال إسرائيل تقيدا صارما بالالتزامات والمسؤوليات القانونية، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب. فالقرار إذن، شجب سائر التدابير الرامية إلى تغيير التكوين الديمغرافي، ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة والتي تشمل إلى جانب تدابير أخرى المستوطنات وتوسيعها، ونقل المستوطنين الإسرائيليين ومصادرة الأراضي وهدم المنازل وتشريد المدنيين، في انتهاك للقانون الدولي والقرارات ذات الصلة. إنه تحدٍّ إسرائيلي جديد للمنتظم الدولي في سياق التحديات التي دأب الكيان الإسرائيلي على انتهاجها منذ اغتصابه لفلسطين قبل أكثر من سبعة عقود . وهذا التحدي تدعمه الإدارة الأمريكيةالجديدة التي وضعت من أولوياتها نقل سفارتها إلى القدس .