تم خلال اجتماع عقد الثلاثاء بالرباط إطلاق التقرير العالمي الثالث بشأن تعليم الكبار لفائدة الدول العربية، وذلك بحضور أعضاء عدد من منظمات المجتمع المدني وباحثين في مجال محو الأمية وتعليم الكبار من عدد من الدول العربية. وتدارس هذا الاجتماع المنظم من طرف المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (ايسيسكو) ومكتبا اليونيسكو الإقليميان في الرباط وبيروت، ومعهد اليونسكو للتعلم مدى الحياة، الطرق المبتكرة من أجل تنفيذ سياسات تعلم الكبار وتعليمهم في الدول العربية، وتطوير المنظور التشاركي بين القطاعات المعنية، من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والاطلاع على التجربة الناجحة للمدارس الجماعاتية في المغرب في هذا المجال. ويستند هذا التقرير العالمي بشأن تعلم الكبار وتعليمهم في نسخته الثالثة إلى استطلاعات استقصائية شاركت فيها 139 دولة من الدول الأعضاء في اليونسكو، لتقييم التقدم العالمي المحرز في تطبيق إطار عمل بيليم (بي اف أ 2009) ، وهو يدرس أيضا تأثير تعلم الكبار وتعليمهم على ثلاثة مجالات رئيسية تتمثل في الصحة والرفاه والتوظيف وسوق العمل،والحياة الاجتماعية والمدنية والمجتمعية. ويزود التقرير صانعي السياسات والباحثين والأخصائيين بأدلة دامغة عن فوائد تعلم الكبار وتعليمهم على نطاق أوسع على صعيد هذه المجالات كلها. وبغية تسليط الضوء على أهمية تعلم الكبار وتعليمهم في سياق إطار العمل الخاص بالتعليم حتى عام 2030 وخطة التنمية المستدامة لعام 2030، سيتم إجراء جولة من فعاليات الإطلاق الإقليمية للتقرير العالمي الثالث بشأن تعلم الكبار وتعليمهم عبر المناطق الخمس الخاصة باليونسكو. يشار إلى أن ثلاثة عشر بلدا من منطقة الدول العربية قاموا بتقديم إجاباتهم على الاستطلاع الاستقصائي الخاص بالتقرير، وأظهرت المعطيات أن هذه البلدان أحرزت تقدما في جميع مجالات إطار عمل بيليم وهي السياسة والحوكمة والمشاركة والتمويل والجودة. علاوة على ذلك، وافق 75 في المئة من البلدان المستجيبة على أن تعلم الكبار وتعليمهم يعود بالفائدة على الصحة والرفاه، في حين أفاد 88 في المئة بأن البرامج القرائية تعزز القيم الديمقراطية، والتعايش السلمي، والتضامن المجتمعي. كما وافق 19 في المئة على أن تعلم الكبار وتعليمهم يخلف أثرا إيجابيا على قابلية التوظيف وسوق العمل، مما يؤكد أهمية اتخاذ مقاربة شمولية مشتركة بين القطاعات لإعادة تفعيل تعلم الكبار وتعليمهم في الدول العربية. وفي كلمة بالمناسبة أكد نجيب الغياتي المشرف على مديرية التربية بالايسيسكو أن التقرير يتضمن مقترحات مهمة ووجيهة، تتقاطع في مجملها مع أهداف ومضامين الوثيقة التي أصدرتها الايسيسكو العام الماضي حول رؤيتها الجديدة لمحو الأمية وتعليم الكبار في العالم الإسلامي، مشيرا إلى أنه أصبح من اللازم أن ترتكز البرامج ذات الصلة، أكثر من السابق، على المرجعيات والاحتياجات المتعلقة بمهارات ومتطلبات الحياة اليومية للمستفيدين في مجالات الصحة والبيئة ومحاربة الفقر والبطالة وتيسير العيش المشترك. وأبرز الغياتي أهمية دمج برامج تعلم الكبار وتعليمهم في الأهداف التي حددها التحالف العالمي لمحو الأمية في إطار مقاربة التعليم مدى الحياة، وإحداث شبكات قطاعية وشاملة لعدة قطاعات بين البلدان العربية والمنظمات الإقليمية والدولية المختصة، وتعبئة جمعيات المجتمع المدني التي تحرص الايسيسكو على تشجيعها ودعمها. ومن جهته، قال صلاح خالد، مدير مكتب اليونسكو بالإنابة إن الدليل يقدم رسائل هامة دائما ما تنادي بها منظمة اليونسكو والشركاء لتحقيق تقدم ملموس في مجال تعليم وتعلم الكبار، وأهمها دمج تعلم الكبار وتعليمهم ضمن منهج كلي ومشترك بين القطاعات، مبرزا أن ذلك يتطلب توثيق شراكة بين هيئات محو الأمية والوزارات والهيئات الوطنية المختلفة، كوزارات الصحة والعمل والتدريب المهني والشؤون الاجتماعية. وأشار إلى أنه مازال أمامنا الكثير في مجال محو الأمية بالرغم من التقدم الذي سجله هذا التقرير في مجال وضع السياسات والحوكمة والمشاركة. أما عبد السميع محمود مدير الوكالة الوطنية لمحو الأمية بالمغرب فقد أكد أن الأمية تشكل حاجزا يمنع التنمية في البلدان العربية ،مشددا على ضرورة صياغة برامج قريبة من المواطنين وتستجيب لمتطلباتهم. وشدد على أن مجال تعليم الكبار يعود بالنفع والرفاه على جميع نواحي حياة المواطن، مبرزا أن هذا التقرير يشكل جوابا عن انشغالات المواطنين الطامحين لحياة أفضل. وقد تم على هامش هذا الاجتماع توقيع اتفاقية تعاون بين الوكالة المغربية لمحو الأمية واليونيسكو.