يشكل اليوم العربي لمحو الأمية مناسبة لإبراز الانخراط القوي للدول العربية في حراك عالمي لاجتثاث آفة لا تزال تثقل كاهل المنطقة العربية، وتعيق مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية بمعظم دولها. وبحسب ما أوردته قصاصة لوكالة المغرب العربي للأنباء، فقد كانت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، من خلال الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، قررت أن يكون اليوم الثامن من يناير من كل سنة يوما عربيا لمحو الأمية وتعليم الكبار يحتفل فيه بالجهود الحثيثة لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة. ويرمي هذا اليوم إلى حشد مزيد من الدعم للمبادرات والبرامج الموجهة لمحاربة الظاهرة على الصعيدين الوطني والدولي، وكذا البحث عن حلول مبتكرة لمواصلة تعزيز محو الأمية في المستقبل. وتشكل معظم دول المنطقة العربية بؤرا سوداء للأمية على المستوى العالمي وبالمقارنة مع الدول النامية، وذلك بالنظر لتفشي ظواهر أخرى تصنف من بين مسبباتها، من قبيل الفقر والعوز الاجتماعي وانعدام الوعي وضعف البنيات والمناهج التعليمية. وبهذه المناسبة، كشفت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) أن معدل الأمية في الدول العربية بلغ 27،1 في المائة مقارنة ب16 في المائة على مستوى العالم. وأبرزت المنظمة أن عدد الأميين في الوطن العربي يقارب ال54 مليون شخص، وهو عدد مرشح للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية المتردية والأزمات التي تمر منها المنطقة، إلى جانب النزاعات المسلحة التي تسببت إلى الآن في عدم التحاق قرابة 13،5 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي. وجددت الألسكو دعوتها إلى كافة الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية دعم مبادرتها لتعليم الأطفال العرب في مناطق النزاع، والعمل بحزم في إطار تعزيز العقد العربي لمحو الأمية 2015-2024، وتعزيز المبادرات الوطنية لتعليم الكبار وتوفير التعليم للجميع. وأهابت المنظمة بكافة منظمات وجمعيات المجتمع المدني في الدول العربية أن تدعم مبادرات محو الأمية وتعليم الكبار، باعتبارها شريكا حقيقيا في النهوض بالتنمية في المجتمعات العربية. وشددت على جعل اليوم العربي لمحو الأمية مناسبة سنوية للوقوف على ما تم إنجازه على الصعيدين الوطني والقومي في مجال مكافحة الأمية، وتشجيع الخطط والاتجاهات المستقبلية لمحو الأمية، وتعليم الكبار بوصفهما سبيلا لتحقيق التنمية المستدامة. وعلى الصعيد الدولي، تتطلع منظمة اليونسكو إلى تحقيق اهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، حيث تتماشى رؤية محو الأمية، في هذا السياق، مع فرص التعلم مدى الحياة مع تركيز خاص على الشباب والكبار. ويشكل محو الأمية جزء من الهدف الرابع للتنمية المستدامة الذي ينص على "ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع"، حيث تتمثل الغاية في ضمان إلمام جميع الشباب، ونسبة كبيرة من الكبار، رجالا ونساء على حد سواء، بالقراءة والكتابة والحساب بحلول عام 2030. وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن واحدا من كل خمسة أشخاص على كوكب الأرض أمي بالفعل، وأن ثلثي الأميين هم من النساء، حيث تعرف قارة إفريقيا أكبر معدل للأمية بلغت نسبته 60 في المائة، كما أن معدل التركيز على برامج محو الأمية بلغ 98 في المائة في ثلاث مناطق هي جنوب وغرب آسيا وإفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى. ومنذ سنة 2000، ارتفعت معدلات القدرة على القراءة والكتابة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 15 سنة، لتصل إلى 85 في المائة على الصعيد العالمي، كما ارتفع معدل محو الأمية بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة إلى 91 في المائة، وذلك بفضل تحسين فرص الولوج إلى التعليم، لكن الآفة لا تزال تكلف الاقتصاد العالمي 1،19 تريليون دولار. وكانت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو قالت، في كلمة بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية، "لقد تغير العالم منذ عام 1966 بيد أن عزمنا على تمكين الناس كافة، رجالا ونساء، من اكتساب المهارات والقدرات اللازمة واغتنام الفرص المتاحة لتحقيق كل تطلعاتهم وهم ينعمون بالكرامة والاحترام، ما يزال عزما ثابتا لا يتزعزع ولا يتغير، إن محو الأمية هو السبيل إلى بناء مستقبل أكثر استدامة للجميع".