o كيف هي وضعية التبرع بالأعضاء وزراعتها في المغرب؟ n عملية زرع الأعضاء هي من الطرق العلاجية التي وبكل أسف لم تتطور بعد بالشكل المطلوب في المغرب، إذ أنه وبناء على الأرقام المتداولة والتي تعرف نوعا من التباين، فإن زراعة الأعضاء لم تشمل إلا ما يقارب 400 مريض، من بينها 30 حالة زرع فقط تمّت بناء على تبرع من شخص متوفّ، علما أن عدد الأشخاص المرضى الذين يخضعون لعمليات تصفيات الكلي، نموذجا، هو يقدّر بحوالي 20 ألف مريض، وبالتالي فنحن أمام رقم ضعيف وهو ما نتأسف له حين نعاين كيف أن بلادنا تشهد تأخرا في زراعة الأعضاء بشكل عام والكلي بصفة خاصة، في وقت هناك رجال ونساء وأطفال يموتون كل يوم بسبب عدم تمكنهم من زرع الأعضاء في الوقت المناسب، ويغادرون هذا العالم في الوقت الذي كان الطب بمقدوره إنقاذهم، خاصة وأن عدد الأشخاص الذين عبروا عن نيتهم في التبرع بالأعضاء بعد وفاتهم هو الآخر لايتجاوز 1000 شخص. o هل يرجع ذلك إلى ضعف حملات التحسيس والتوعية؟ n هذا الوضع لا يعني بأن مستوى التحسيس بثقافة التبرع في المغرب هو ضعيف، إذ أنه في السنوات القليلة الأخيرة وبفضل مجموعة من الجهود تطور مؤشر النقاش بشأن موضوع التبرع بالأعضاء وسلّطت على العديد من جوانبه الأضواء، لكن واقع الحال يؤكد أن هذه المجهودات المبذولة لم تترجم بشكل قوي على المستوى العلمي ولا تعكسها أرقام أعداد المتبرعين والمتبرعات، وهو أمر أؤكد مرة أخرى أنه لا يشرّف المغرب، لأن هذا السجل هو الذي يترجم الرغبة الفعلية والعملية ومستويات المتبرعين وينقلها مما هو نظري إلى ما هو عملي، فالتبرع بالأعضاء وزراعتها تحيط بهما مجموعة من الإشكاليات التي ترتبط بما هو اجتماعي، ثقافي، مادي...، ويجب أن تتظافر الجهود لتطوير هذه الثقافة حتى يمكن لنا أن ننجح في تطوير هذا الشكل العلاجي، الذي من شانه أن يجب عن حاجيات كل مريض في حاجة إلى كلية أو قرنية أو غيرهما، من أجل البقاء على قيد الحياة أو تحسين جودتها، وعليه فالطريق أمامنا ما تزال طويلة، ونحتاج لنفس جديد للتشجيع على هذا العمل الإنساني. o ماذا تقترحون كإجراء عملي للرفع من أعداد المتبرعين؟ n بناء على الأشواط العديدة التي قطعتها «جمعية كلي»، الجمعية المغربية لمحاربة أمراض الكلي، من خلال تنظيم حملات تحسيسية وطنية متعددة بالتبرع، وإطلاق عريضة من أجل عقد حوار وطني، يتم فيه تشخيص الاختلالات واستعراض المعيقات، وتقديم الأجوبة بشأنها، وكذا مباشرة عمل ميداني بشكل يومي، أصبحت لدينا قناعة اليوم بضرورة تغيير القانون حتى يصبح جميع المواطنين متبرعين باستثناء من يعبرون عن عدم رغبتهم ورفضهم لذلك بتسجيل أنفسهم في سجل رسمي للرفض، وما دونهم توضع أعضائهم وأنسجتهم رهن إشارة المتخصصين وفقا للضوابط القانونية من أجل المساهمة في إنقاذ غيرهم ولتطوير البحث العلمي. o كم يمكن لشخص واحد متبرّع أن ينقذ من حياة؟ n يمكن لمتبرع واحد أن ينقذ حياة ما بين 4 و 5 أشخاص على الأقل، فالمتبرع يمكنه أن يمنح قلبا لمن هو في حاجة إليه، وكليتيتن، إضافة إلى الكبد، بالنسبة للأعضاء الحيوية، إلى جانب القرنية التي تمكّن من إعادة البصر إلى إنسان فقده، وكذا الأنسجة التي يمكنها أن تساهم في جودة الحياة لمن سيكون بإمكانه الاستفادة من هذا التبرع. o ما هي أبرز العوائق التي تحول دون تطور ثقافة التبرع بالأعضاء؟ n النقص في المعلومات هو الذي يفتح الباب عريضا للشك والخوف وللإشاعات التي تجعل معدلات التبرع بالأعضاء متدنّية، وهو ما تبيّن لنا من خلال كل استطلاعات الرأي التي قامت بها الجمعية، بحكم أن الموضوع ظل نتيجة لذلك مصنّفا ضمن خانة الطابوهات التي لا يتم فتح نقاش فيها، بل أن حتى عددا كبيرا من المثقفين في مجتمعنا هم يجهلون طبيعة وتفاصيل القانون المؤطر لعملية التبرع بالأعضاء، وموقف الدين، والتقنيات والوسائل المتوفرة، والنتائج التي يحققها التبرع لفائدة الأشخاص المرضى ومن خلالهم للمجتمع برمته. علما أنه حتى التعاطي الإعلامي مع الموضوع كلّما تحقّقت عملية زرع يتم كما لو أننا أمام معجزة، والحال أنه يجب أن يصبح هذا النوع من العمليات ضمن البديهيات إذ ما بين 50 و 60 في المئة من العمليات التي تجرى في الدول المتقدمة هي نتاج للزارعة وللتبرع بالأعضاء. (*) رئيسة الجمعية المغربية لمحاربة أمراض الكلي.