دعا الأكاديمي عبد الرحيم العطري، الباحث في علم الاجتماع، نهاية الأسبوع الماضي بالرباط، إلى تربية وحكامة رقميتين من أجل تجاوز تحديات الثورة الرقمية التي يشهدها العالم، ويتأثر بها المجتمع المغربي إلى حد كبير. وشدد العطري، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، في لقاء نظمه ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء حول موضوع «المجتمع المغربي والثورة الرقمية»، على ضرورة حل معادلات الترسبات الثقافية، وأشكال التمكين الاقتصادي والسياسي والهوياتي للمواطن، والتدبير المؤسساتي وغيرها. ورأى الباحث، في هذا اللقاء المنظم بمقر الوكالة بشراكة مع جمعية الفكر التشكيلي، أن استعراض التحديات لا يشكل نوعا من جلد الذات الجماعية، بقدر ما يكشف عن نوع من الانهجاس بالتألق الذي عرفته بلدان أخرى عرفت طريقها للنمو. واستشهد الأستاذ العطري بنموذج النمور الآسيوية التي آمنت بالعلم، وانتصرت للقيم، وصنعت الشرائح الإلكترونية، وملكت صغار الفلاحين، وشجعت الإعفاء الضريبي، والقروض دون فائدة، وأنجزت إصلاحا اقتصاديا جريئا، وتحديثا سياسيا، فارتفع الدخل وانتفى وجود العاطلين، موجزا أعطاب القراءة في التعامل مع الثورة الرقمية في انتصار خطاب النهايات (نهاية التاريخ، موت المؤلف، موت المعنى...)، وانتصار خطاب المظلومية والنوستالجيا، وخطاب التلبس الإيديولوجي الذي يوجد خارج النسق العلمي، وخطاب التضخم الهوياتي ... إلخ، داعيا إلى تنسيب الحقيقة والتفكير بمنطق السياق الكفيل بإنتاج المعنى. وفي مداخلة للجامعية العالية ماء العينين، الأستاذة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، قدمت بورتريها عن عبد الرحيم العطري، الأستاذ الباحث والمثقف والإنسان، والمتصالح مع ذاته، الذي يشتغل على مشروع علمي سوسيولوجي بعدما شحذ أدواته العلمية الدقيقة، مضيفة أن العطري يسعى في دراساته العميقة إلى خلخلة البنيات التقليدية والعلائق الملتبسة (المقدس، القبيلة، الأعيان ...)، وإلى المتابعة السوسيولوجية الدقيقة لأحوال المجتمع (الشباب، آليات إنتاج العنف، أشكال الاحتجاج، صناعة النخب...)، ما يشكل قيمة مضافة للفكر المغربي الحديث. وبخصوص موضوع الندوة، طرحت الباحثة كيفية إيجاد خارطة طريق، والحفاظ على القيم والمبادئ، وتفادي السقوط في شرك العبودية الرقمية، في ظل الرجات التي أحدثتها الثورة الرقمية والتحولات المتسارعة التي تتسبب فيها التقنيات الحديثة. وكان الكاتب العام لجمعية الفكر التشكيلي، محمد الشيكر، أكد، في كلمة في مستهل هذا اللقاء، الخامس من نوعه، أنه يرمي إلى تدارس الثورة الرقمية وتداعياتها على منظومات القيم وبنى التفكير والممارسة، باعتبارها ثورة فينيمولوجية خلخلت المجتمع ونقلته إلى علاقات افتراضية مع الذات ومع الآخر، ما أدى إلى موت الواقع وحلول الواقع الافتراضي مكانه.