من المحقق أن اللحظة التي يعيشها المغاربة، يومه الاثنين 30 يناير، سيكون لها ما بعدها، وستسجل في التاريخ باعتبارها بداية زمن مختلف، مغاير وجديد في علاقة بلادنا مع إفريقيا المؤسساتية أولا من أقوى ما سيسجله المستقبل أن جلالة الملك يحضر بالعاصمة الإثيوبية أديس أبيبا، على هامش اجتماع القمة الافريقية، بالعاصمة الاثيوبية، بعد أن غاب المغرب عن هذا المحفل، في ذات العاصمة منذ 33 سنة خلت؛ وهو حضور، ثانيا، يعد تتويجا لمسار طويل، مفكّر فيه، وتم الإعداد له بتؤدة وعمق ومسؤولية، من أجل توفير كل شروط النجاح وبناء جسور الثقة الدائمة مع دول القارة، والتي كان بعضها في صف الخصوم، وفي مناهضة دائمة لحقوق المغرب. ثالثا، تنعقد القمة في الدولة التي سبق لها أن خاضت حربا ضد المغرب، وقد سالت مياه كثيرة تحت الجسر منذ ذلك الاثنين 12 نونبر 1984، وأصبحت إثيوبيا دولة شريكة للمغرب في أكبر مشروع فلاحي صناعي، يتعلق بالأسمدة في القارة، ينبني بعلاقات على المدى البعيد، مستقرة في الزمان والمكان. رابعا، من العناصر التي لا يمكن أن يغفلها التاريخ الديبلوماسي للدولة، كما للقضية الوطنية الأولى، أن هذه القمة تأتي في سياق إفريقي، يعرف تراجع الدول التي اعترفت أو تعترف بدولة الوهم، بل تقلص عددها حتى في المنظمة الوحيدة التي تعتبر ˜عضواŒ فيها، أي الاتحاد الإفريقي. وواضح أيضا أن هذه القمة، تعتبر في بعض حيثياتها امتدادا لمؤتمر الأشغال الذي احتضنته مراكش على هامش الكوب 22، وقد اعتبر وقتها المؤتمر التمهيدي لقمة إثيوبيا، وهو ما يفسر في جزء كبير منه، الهجمة الشرسة لخصوم وحدتنا الترابية، وعلى رأسهم السيدة ديلاميني زوما، رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، التي جندت نفسها لمحاربة الحق التاريخي والشرعي للمغرب. والمغاربة يتابعون مجريات القمة التي تنطلق اليوم، يتطلعون إلى أن تكون القضايا التي نذر لها المغرب نفسه، قضايا التنمية والتطور والأمن والهجرة والتقدم المشترك، هي رافعة المستقبل، عوض النفق والفخ الذي أقحمتهم فيه الدول المناهضة بهذه المؤسسة الإفريقية منذ تأسيسها،كما يتطلعون إلى إنصاف دولة مؤسسة، تعاملت دوما، بوتيرة أكبر وأعلى، منذ اعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه، مع إفريقيا، تعاملا مبنيا على الندية والاحترام والحرص المشترك على مصالح الشعوب. ومن المحقق أن المكائد والعراقيل التي دأبت عليها دول المناهضة لن تتوقف، سواء في القمة أو بعدها، وهو ما يفرض علينا العمل الدؤوب مع شركائنا ومجموع الدول الإفريقية، لإحقاق الحق والرفع من درجة المسؤولية والقوة الخلاقة في هذه الهيئة، وريثة منظمة الوحدة التي نسفتها جهود الخصوم الدائمين، وسيكون على الجميع إعادة التاريخ إلى جادة الصواب،بما ينفع الإنسان الإفريقي والكيانات الإفريقية جمعاء.