قال عبد الإله بنكيران ،رئيس الحكومة المعين، أن الملك كلفه رفقة عبد الواحد الراضي، بجمع الأحزاب الممثلة في البرلمان يوم أمس الجمعة 13 يناير الجاري، من أجل عقد اجتماع للنظر في طرق تفعيل مخرجات المجلس الوزاري الأخير، خصوصا قرار توجه المغرب للعودة إلى الاتحاد الإفريقي، حيث ينبغي المصادقة من قبل البرلمان على وثيقة تدعم موقف المغرب بالعودة للاتحاد الإفريقي. وأوضح بنكيران ، في تصريح صحفي، أن الملك سيتجه إلى أديس أبابا لدعم عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، مبينا أن مصلحة الوطن تقتضي عقد هذا اللقاء بينه وبين رؤساء الأحزاب الممثلة في البرلمان، من أجل التشاور بخصوص تجاوز بعض الإشكاليات القانونية. و أضاف بنكيران : «حين تكون القضايا الكبرى والمصالح العليا للوطن وتكون الأمور من طرف الملك، كل واحد يساهم بالقدر الذي يستطيع لكي تسير الأمور في الاتجاه الصحيح لإيجاد الحلول». ويبدو أن بلاغ "انتهى الكلام" لرئيس الحكومة المعين عبد الإله بنكيران، قد دفع بالمشاورات إلى عتبة الباب المسدود، ما جعل الأطراف الأخرى المتمثلة في الأحزاب الأربعة، التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري وحزب الاتحاد الاشتراكي، والتي أصدرت بلاغا واضحا في رسائله السياسية لبنكيران، تنشغل بقضية أخرى لا تقل أهمية عن تشكيل الحكومة، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمصلحة العليا للوطن والمجهودات الكبيرة التي يقوم بها جلالة الملك من خلال الجولات المنظمة في عدد من الدول الإفريقية. وكان الملك قد أكد في المجلس الوزاري المنعقد مؤخرا، ضرورة المصادقة على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي من طرف مجلسي البرلمان، خاصة وان المدة التي تفصل تاريخ انعقاد مؤتمر الاتحاد الإفريقي الذي سيكون ما بين 22 و 30 من الشهر الجاري قليلة جدا، مما يستلزم من جميع الفرقاء السياسيين أن يستحضروا المصلحة العليا للبلاد وترك النزعة السياسوية والنظرة الضيقة جانبا، لأن الأمر يهم الوطن بأكمله. فالضرورة السياسية والزمنية لانتخاب هياكل مجلس النواب، أصبحت مطروحة موضوعيا، ومرتبطة بالقضايا الحيوية بالبلاد، كما لا يجب أن يغيب عن الأذهان أن مجلس النواب قد مر على انتخابه أكثر من 100 يوم وهو في عطالة كاملة، وتعطيل المؤسسات الدستورية لا يخدم البلاد في شيء أكثر ما يضر بمصالحها وقضايا مواطنيها، فمن يرضيه أن يستمر وضع مجلس النواب وبرلمانيي الأمة الذين يكلفون ميزانية مهمة للدولة رغم وضعية العطالة التي يوجدون فيه، على ما هو عليه الآن؟ ألم يردد بنكيران، حين واجه النقابات التي كانت تخوض إضرابات، مقولة "الأجر مقابل العمل" ليبرر الاقتطاعات التي طالت النقابيين المضربين، وماذا نقول عن البرلمانيين والبرلمانيات اليوم الذين مر على انتخابهم أكثر من ثلاثة أشهر، ومن سيتحمل مسؤولية هذا الوضع، الذي له تكلفته السياسية والاقتصادية والمالية؟ فإذا بادرت هذه الأحزاب وطالبت باستعجال انتخاب هياكل مجلس النواب فهي تقوم بعمل يدخل في صلب وصميم مهامها السياسية والوطنية، ووعيا منها أن المصلحة العليا للبلاد فوق كل اعتبار، كما أن الدستور واضح في هذا الباب الذي يدعو لفصل السلط وتوازنها وتعاونها، وهذا ما أكده أحمد مفيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، الذي يرى أنه ليس هناك أي مانع قانوني أو دستوري في انتخاب رئيس مجلس النواب، لكن الإشكال السياسي الذي سيكون مطروحا، هو من هي الأحزاب المحسوبة على المعارضة ومن هي الأحزاب المشكلة للأغلبية، بما أن القانون التنظيمي لمجلس النواب يعطي بعض الحقوق للمعارضة، كرئاسة لجنة التشريع والعدل وانتخاب مستشار وأمين من المعارضة في مكتب مجلس النواب. ويجمل مفيد القول في هذه القضية التي تهم الأغلبية البرلمانية والأغلبية الحكومية أن انتخاب هياكل مجلس النواب لا تطرح أي إشكال قانوني ودستوري إلا الإشكال السياسي، والسياسة فن الممكن، وكل ما هو سياسي فهو خاضع للتوافق ما بين الفرقاء السياسيين المكونين للمؤسسة الدستورية.