عاشت فرنسا سنة2016 على وقع التعبئة الشاملة ضد الإرهاب،ففي كل شوارع باريس وأمام المؤسسات الكبرى كانت هذه التعبئة بارزة، خاصة في المطارات ومحطات القطار، وساهمت فيها كل القوات، من شرطة ودرك وجيش، يصل عددها ،حسب السلطات الفرنسية إلى 91 ألف شخص، ورغم ذلك تعرضت فرنسا إلى عمليات إرهابية متعددة كان أخطرها بمدينة نيس، والتي أدت إلى أكثر من 80 قتيلا. حلفاء فرنسا هم الآخرون لم يسلموا من هذه العمليات سواء الأوربيين: بلجيكاألمانيا أو الأفارقة: الكوت ديفوار وبروكينا فاصو. أما على المستوى السياسي فقد كانت السنة ساخنة،وأهم ما ميزها هو النقاش الصاخب والمثير للجدل حول سحب الجنسية والذي كان يستهدف الفرنسيين من أصول أجنبية، المتهمين بالإرهاب، وهو القانون الذي تسبب في استقالة وزيرة العدل واستحالة تطبيقه لغياب أغلبية تسانده، المفاجأة السياسية الكبرى أيضا هي قرار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند عدم التقدم إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة بسبب تدهور شعبيته وتعدد الخيانات السياسية في أوساط المقربين منه ووزيره الأول مانييل فالس.خروج فرنسوا هولند كان سابقة بالمشهد السياسي الفرنسي بالنسبة لرئيس منتخب منذ تأسيس الجمهورية الخامسة،كما تميزت هذه السنة أيضا بالنسبة لليسار، برحيل ميشيل روكار أحد أقطاب اليسار الفرنسي وزعيم تيار اليسار الجديد وأحد أصدقاء الاتحاد الاشتراكي. المفاجأة الكبرى في المشهد السياسي أيضا هي خروج نيكولا ساركوزي من السباق في الانتخابات التمهيدية لليمين والوسط في الدور الأول، وخروج آلان جيبي رئيس الحكومة السابق وأحد الورثة السياسيين لجاك شيراك في الدور الثاني، ونجاح الليبرالي المحافظ فرنسوا فيون الذي لم يكن أحد يتوقع نجاحه في هذا السباق الذي نظمه اليمين الفرنسي لأول مرة من أجل اختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية،وهو ما سيجعل السنة المقبلة مليئة بالمفاجآت السياسية، خاصة أن فرنسا سوف تعرف الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شهر ماي المقبل، في ظل تزايد قوة اليمين المتطرف وسط الرأي العام الفرنسي الذي أصبح التهديد الإرهابي يرعبه ويؤثر على اختياراته السياسية ويمس الثقة في نظامه السياسي الحالي. الإرهاب يضرب فرنسا عدة مرات هذه السنة رغم حالة الاستثناء تعيش فرنسا حالة استنفار قصوى واستمرار التعزيزات الأمنية الكبيرة بكل المناطق الحساسة بفرنسا، فتنظيم داعش الذي يستهدف فرنسا بشكل كبير، تمكن من تنفيذ عدة عمليات،كان أخطرها العملية التي استهدفت مدينة نيس بمناسبة العيد الوطني لفرنسا في 14 من يوليوز، حيث لجأ محمد لعوج بوهلال إلى دهس 86 شخصا من نساء وأطفال كان يتجولون بشارع «لبروموناد دو لونجلي» ونصف الضحايا الفرنسيين من أصول مسلمة تقريبا بالإضافة إلى 200 جريح، هذه العملية التي خلفت عددا كبيرا من الضحايا ورعبا كبيرا وتبناها تنظيم داعش و لم تتطلب وسائل كثيرة إلا كراء شاحنة نقل من أجل تنفيذ هذا الهدف الإرهابي. عملية أخرى قام بها صلاح لعوج ضد الشرطة بباريس بالمقاطعة الثامنة عشر والتي انتهت بمقتله دون أن تخلف ضحايا، وتمت هي الأخرى باسم التنظيم الإرهابي «داعش». وما يميز هذه العلميات التي أطلقها هذا التنظيم بأوروبا وفرنسا هو استعمال ما يسمى « الذئاب المنفردة» وهي تقنية تعتمد على استعمال أفراد منفردين اعتمدوا وسائل كالشاحنات من أجل دهس الحشود أثناء التجمعات التي ترافق بعض الأعياد والاحتفالات كما وقع بنيس وبرلين. عملية إرهابية أخرى استهدفت رجل دين أعزل وهو الراهب «جاك هاميل» بإحدى الكنائس «بسانتيتين دو روفري» الذي اغتاله إرهابيان، وتم قتلهما من طرف الشرطة. أحد أنصار داعش «لعروسي ابالله «قام هو الآخر بقتل شرطيين بمنزلهما قبل أن تقوم الشرطة بالقضاء عليه أثناء هذه العملية. تميزت هذه السنة أيضا بإلقاء القبض على صلاح عبد السلام الذي كانت تبحث عنه كل الشرطة الأوروبية ببروكسيل بحي «مولا نبيك»، وهو المتهم في العمليات التي استهدفت باريس في شهر نوفمبر 2015، والذي تم تسليمه إلى فرنسا و مازال معتقلا بباريس على ذمة التحقيق ويرفض الحديث مع المحققين حتى الآن. أصدقاء وحلفاء فرنسا لم يسلموا من العمليات الإرهابية كبلجيكا التي تعرضت لأكبر العمليات الإرهابية على ترابها، والتي مست المطار الدولي وإحدى محطات المترو بالعاصمة الأوروبية،وخلفت31 قتيلا و260 جريحا، بالإضافة إلى الكوت ديفوار وبوركينا فاصو وهي بلدان إفريقية كانت بعيدة عن موجة الإرهاب التي ضربت بلدان أوروبا والبحر المتوسط. عاشت باريس هذه السنة مشهدا سياسيا مليئا بالمفاجآت لقد كانت سنة ساخنة على المستوى السياسي ،أهم ما ميزها هو النقاش الصاخب والمثير للجدل حول سحب الجنسية، والذي كان يستهدف الفرنسيين من أصول أجنبية المتهمين بالإرهاب، وقد تسبب في استقالة وزيرة العدل «كريستين توبيرا» واستحالة تطبيقه لغياب أغلبية مع هذا القانون التمييزي، المفاجأة السياسية الكبرى أيضا هي قرار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند عدم التقدم إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، بسبب تدهور شعبيته وتعدد الخيانات السياسية في أوساط المقربين منه ووزيره الأول مانييل فالس.فخروج فرنسوا هولاند كان سابقة بالمشهد السياسي الفرنسي بالنسبة لرئيس منتخب منذ تأسيس الجمهورية الخامسة.أما بالنسبة لليسار فقد تميزت هذه السنة أيضا برحيل ميشيل روكار أحد أقطاب اليسار الفرنسي وزعيم تيار اليسار الجديد وأحد أصدقاء الاتحاد الاشتراكي. اليسار الجديد بفرنسا يفقد مؤسسه ميشيل روكار الأب الروحي «لليسار الثاني»ترك أتباعه أيتاما دون أن يتمكن من ربح مقاليد السلطة الايديولوجية بالحزب الاشتراكي الفرنسي، وفي آخر تصريحاته اعتبر أن» الحزب الاشتراكي مازال قديما وغير قادر على الانفصال عن الايديولوجية الماركسية من أجل الإصلاح». وحول الصعوبات التي تعرفها فرنسا حول إصلاح قانون الشغل قال «الخمري» في آخر تصريح لمجلة «النوفيل اوبس» إن فرنسا لا يمكن إصلاحها، وهذا وضع يستمر مند 150 سنة وليس جديدا. وبمناسبة هذا الرحيل حيا الرئيس الفرنسي أحد كبار وجوه الجمهورية واليسار بفرنسا ، الذي كان رئيس الحكومة السابق(1988و1991) ومن أبرز الوجوه السياسية الفرنسية ،كما كان من أكبر المدافعين عن بناء الاتحاد الأوروبي،ولم يخف تأييده لخروج بريطانيا من الاتحاد «بريكسيت»، التي كان يعتبرها عرقلة في وجه هذا البناء، وتحققت أمنيته بخروج بريطانيا من المنظومة الأوروبية، وهي التصريحات التي أدلى بها أثناء الحملة على الاستفتاء ببريطانيا. فرنسوا هولند يضحي من أجل نجاح اليسار قرار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولند عدم التقدم إلى ولاية ثانية كان حكيما، بل هناك من اعتبره تضحية بمساره الشخصي من أجل تمكين اليسار والحزب الاشتراكي من حظوظ الفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة، فهل اليسار قادر على رفع هذا التحدي وإيجاد الرجل المناسب من أجل ربح تحدي الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ خاصة أن اليمين والوسط ،بعد انتخابات تمهيدية مليئة بالمفاجآت، اختار رجلا محافظا وليبيراليا وهو فرنسوا فيون من أجل قيادة هذه العائلة السياسية في الانتخابات المقبلة، بعد إقصاء شخصيات من العيار الثقيل من هذه العائلة السياسية، مثل رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء السابق آلان جيبي. وبقراره هذا دخل فرنسوا هولند تاريخ فرنسا كأول رئيس بالجمهورية الخامسة لا يتقدم إلى عهدة ثانية، لكنه كان مجبرا على مغادرة السباق بسبب شعبيته المتدهورة منذ انتخابه رئيسا للجمهورية سنة 2012، وذلك راجع إلى عدة قرارات منها تغيير اختياراته السياسية أثناء عهدته، من سياسة اقتصادية واجتماعية قريبة من اليسار، إلى أخرى أكثر ليبرالية في ما يخص قانون الشغل «الخمري» الذي أثار احتجاجات كثيرة وخروج النقابات إلى الشارع واللجوء إلى ظهير من أجل فرض هذا القانون بدل البرلمان. إقصاء نيكولا ساركوزي يفاجئ الجميع المفاجأة الكبرى في المشهد السياسي ،أيضا، هي خروج نيكولا ساركوزي من السباق في الانتخابات التمهيدية لليمين الوسط في الدور الأول، وخروج آلان جيبي وهو رئيس حكومة سابق وأحد الورثة السياسيين لجاك شيراك، خلال الدور الثاني، ونجاح الليبرالي المحافظ فرنسوا فيون الذي لم يكن أحد يتوقع نجاحه في هذا السباق الذي نظمه اليمين الفرنسي لأول مرة من أجل اختيار مرشحه للانتخابات الرئاسية. الفوز الكبير لفرنسوا فيون كممثل عن اليمين والوسط في الانتخابات التمهيدية قلب كل الأوراق الداخلية والخارجية حول هذه الانتخابات، والتي أفرزت المرشح الأكثر حظا للظفر ببطاقة الدخول إلى الإليزي على اعتبار المشاكل المتعددة التي يعيشها اليسار وممثله الطبيعي فرنسوا هولند، الذي يريد عدد من أنصاره إجباره على إجراء انتخابات تمهيدية داخل الحزب الاشتراكي، وهي سابقة لم يتعرض لها أي رئيس منتخب سابق بفرنسا، بالإضافة إلى التصريحات المتناقضة لمانييل فالس، رئيس الوزراء وأنصاره حول إمكانية تقدمه ضد الرئيس، وهو الأمر الذي يلمح له المعني بالأمر أو المقربون منه قبل أن ينفيه، وهي كلها أحداث ترجح حظوظ ممثل اليمين فرنسوا فيون، خاصة أنه تمكن من إقصاء أحد أكبر رموز اليمين الفرنسي، وهو الرئيس السابق نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء السابق آلان جيبي، هذا الإقصاء الذي فاجأ الجميع وجعل الكل يعيد قراءة المشهد السياسي بفرنسا، خاصة أن لا أحد كان يراهن على المرشح الجديد. أما فلادمير بوتين رئيس فيدرالية روسيا فلم يتردد في دعم فرنسوا فيون، حتى قبل إعلان النتائج وأثناء الحملة الانتخابية التي رافقت الدور الثاني، وهو ما يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية الحزبية بفرنسا.لكن قيصر روسيا متفائل ومسرور باقتراحات صديقه فرنسوا فيون الذي يريد حل القضية السورية ومواجهة الإرهاب في تعاون مع موسكو، ويريد إقناع باقي الشركاء برفع العقوبات ضد روسيا والتحاور معها حول الأمن بأوروبا وبحل للقضية السورية. وهذا ما سيجعل السنة المقبلة مليئة بالمفاجآت السياسية، خاصة أن فرنسا سوف تعرف الانتخابات الرئاسية والتشريعية في شهر ماي المقبل، في ظل تزايد قوة اليمين المتطرف وسط الرأي العام الفرنسي الذي أصبح التهديد الإرهابي يرعبه ويؤثر على اختياراته السياسية ويمس الثقة في نظامه السياسي الحالي. العلاقات المغربية الفرنسية في أوج التفاهم والتنسيق عرفت العلاقات المغربية الفرنسية أوجها هذه السنة، ولم تحدث أية تجاوزات أو أخطاء من الجانبين، كما تقع في العلاقات بين الأصدقاء أحيانا، بل عرفت أوج التنسيق، سواء فيما يخص مواجهة الإرهاب والتعاون الأمني والقضائي أو ما يخص التعاون خلال الكوب 22 ،فقد كان هناك تنسيق كبير بين البلدين في ما يخص تفعيل قرارات باريس ومساعدة البلدان الإفريقية على الاستفادة من هذا المؤتمر الدولي. ورغم أن السنة المقبلة سوف تكون سنة انتخابات ويمكن أن تتغير الأغلبية وكذا رئيس الجمهورية بفرنسا إلا أن العلاقات المغربية الفرنسية لن تتأثر كثيرا بهذه التحولات والتي كانت في السابق مرتبطة في باريس بنجاح اليسار، لكنها وصلت اليوم إلى مستوى كبير من النضج بين الرباطوباريس، ولم تعد تتأثر بهذه التحولات السياسية الداخلية. ويتابع المغرب ،باهتمام كبير، وصول زعيم جديد لليمين واليسار الفرنسي فرنسوا فيون ،لأهمية العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ولقوة العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية ووجود جالية مغربية جد مهمة، وهي الأكبر من حيث العدد والكيف بالخارج، وهو ما يعكسه وجود ثلاث وزيرات من أصول مغربية في حكومة فرنسوا هولند ،بالإضافة إلى التعاون الوثيق بين البلدين بإفريقيا وفي مواجهة الإرهاب وتقارب وجهة نظر البلدين حول الوضع بسوريا والعديد من بؤر التوتر، بالإضافة إلى الدعم الكبير للمغرب الذي تقدمه باريس على المستوى الأممي لقضية الوحدة الترابية. فهل تتغير هذه السياسية الفرنسية في حالة فوز فرنسوا فيون البرغماتي والذي يريد استرجاع قوة فرنسا بطريقته؟ وهل تدفعه براغماتيته على الطريقة الانجليزية إلى تغيير سياسة فرنسا على المستوى الإقليمي، خاصة بشمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، وهي المنطقة التي تهم بشكل كبير الرباط؟