خلد معهد سيرفانتس بمراكش مساء الثلاثاء 20 دجنبر 2016 الذكرى المئوية لميلاد الشاعر الشيلي الكبير غونثالو روخاس، بتقديم الطبعة المزدوجة ل»ديوان المستنير» الذي ترجم إلى العربية من طرف سناء الشعيري وسمير مودي وعلي بونوا وإمام اللجام . الاحتفال تميز بحضور نوعي يتقدمه سفير دولة الشيلي بالرباط أليكس خيخر، و مديرة معهد سيرفانتس بمراكش يولاندا سولير أونيس وعدد من الشعراء والفنانين والنقاد والأكاديميين الذين لم يفوتوا لحظة الاحتفال بقامة كبيرة من قامات الشعر العالمي ممثلا في غونثالو روخاس المزداد في 20 دجنبر 1916 و الحائز على جائزة سيرفانتس سنة 2003. يولاندا سولير أونيس أوضحت أن هذه الطبعة التي تلقت دعم مؤسسة أبيرتيس، هي أولى ثمار تجربة ‘'بوثينار- شعراء ثيربانتيس بالعربية'' مبادرة معهد ثيربانتيس بمراكش التي تم تنظيمها خلال سنة 2016 بشراكة مع سفارة إسبانيا بالمغرب ومؤسسة دار المامون ، و تهدف من جهة أولى إلى تعريف القراء في الدول العربية بأعمال شعراء حاصلين على جائزة ثيربانتيس، ومن جهة أخرى إلى تسليط الضوء على أعمال مترجمين مغاربة شباب وتشجيع الحوار الثقافي، حيث تلقت مبادرة ‘'شعراء ثيربانتيس بالعربية'' في نسختها الحالية دعما متميزا من سفارة دولة الشيلي بالمغرب، بالإضافة إلى مؤسسة غونثالو روخاس و مركز محمد السادس لحوار الحضارات. وأكدت مديرة معهد سيرفانتس بمراكش أنه من خلال دورة 2016، قام بوثينار بإرساء دعائم تعاون مستدام لإنتاج و نشر أعمال شعراء ثيربانتيس بالعربية، في ظروف تضمن بالإضافة إلى جودة الترجمات المقدمة، تكوينا ودعما لجيل جديد من المترجمين الشباب المغاربة. أجواء الاحتفال كانت فاتنة ومدهشة بمقدار فتنة عوالم روخاس الشعرية التي قدمتها أصوات مترجمي هذا المشروع، حيث انسلت القصائد كالحرير متموجة، وصادمة كالبرق مهاجمة البداهات الكسولة الرابضة في الأعماق، لتجر الروح إلى ملاقاة ذاك الذي تساءل ذات مرة» أيها العبث: ما عسانا نفعل؟» الحفل كان أيضل بحجم شاعر كروخاس الذي قال إن الحقيقة صفقته الوحيدة، حيث الشعراء يظهرون فجأة ويملكون ألف عين وألف أذن، ترافقهم النبوة، و يسيرون إلى جبهة العواصف الفوضوية . النَفَس، و الإلهام، و الإقدام، والحب المجنون، هكذا قدم المنظمون غونثالو روخاس بيثارو، الشاعر الشيلي الذي ينتمي إلى سلالة الشعراء الرحل. اكتسب غونثالو، حسب تعبيره الشخصي، وعيا نقديا بلغته عبر دروب العالم- كدبلوماسي و كشاعر منفي ثم كأستاذ- بعد أن ترك راسية على الساحل الشيلي قراءاته لكبار الأدباء و لِكِتابِ ‘'بؤس الإنسان'' الذي يعَد بمثابة النص المؤسس لأعماله والنص المرجعي بالنسبة لأجيال شعراء أمريكا اللاتينية اللاحقين. ترتكز شعرية روخاس على الحوار الدائم بين نصوصه و بين نصوص أهم الأدباء العالميين، بين المعاصرة و التراث. ألف روخاس ما يناهز عشرين ديوانا شعريا نذكر منها، بالإضافة إلى ‘'بؤس الإنسان (1948)، ضد الموت (1964)، قاتم (1977)، للصاعقة (1981)، المُستنير (1986)، مادة وصية (1988) أو رييو توربيو (1996)، و إصدار أعماله الكاملة، مسخ نفس الشيء (2003) و الكاملة (2013) توجت مسيرته الأدبية بعدة جوائز كجائزة الملكة صوفيا للشعر الأمريكي اللاتيني، جائزة الشيلي الوطنية للأدب، جائزة خوسي إيرنانديث للأرجنتين، جائزة أوكتابيو باث للشعر و المقالة، جائزة ألتاثور أو جائزة والت ويتمان. وُصف روخاس بالشاعر المحوري، صاحب الرؤيا المستقبلية، الشاعر المطلق، الطفل-الشيخ الدائم ، إنه من طينة أولئك الشعراء الذين وصفهم في إحدى قصائده قائلا « أنهم سمو ويحترقون سموا». رحل روخاس الذي يعتبر من أقوى أصوات الشعر المكتوب بالإسبانية بسانتياغو في 25 أبريل 2011، مجابها سؤال العالم بتهمه التي عرضها في قصيدة بعنوان « بماذا يتهمونك أكثر يا غونثالو روخاس؟ فأجاب «... بأنني قاربت المائة و مازلت أعيش كمجنون دون أن أكون أبولينير، بأنني ماض في كتابة ما لا يُكتب على تلك الآلات القارصة التي تُقتنى بالبطاقة، بأنني نسيت قلم الحليب وكراسة الدروس، بأنني لم أولد في المكسيك بل شبعت جوعا فيه، بأنني كسرت المجاذيف مرة واحدة، بحثا عن الانتحار لفضح النوارس، لكن الرصاصة لم تنطلق، بأنني أزمر للأفاعي لعل النجوم تأتيني، بأنني لم أضاجع تسفيتايفا، ليتني فعلتها، بأنني وصلت إلى العشرة آلاف و ليغرق العالم. بهذا قد يتهمونني».