ترفع هيفاء سبعة من اصابع يديها، لتقول انه عدد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية الذين باعوها واشتروها في اطار الاستعباد الجنسي لاكثر من عامين. وتقول "كانوا سبعة" بينهم رجال من مصر والمغرب وفلسطيني واحد. وهيفاء (36 عاما) وعائلتها كانت بين الالاف من ابناء الاقلية الايزيدية العراقية الذين قبض عليهم جهاديون هاجموا مناطق في العراق عام 2014. وبينما تتحضر القوات العراقية لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل من قبضة التنظيم، يتخوف الايزيديون على مصير الاف من ابناء طائفتهم ما زالوا هناك. في العام 2014، قتل عناصر تنظيم الدولة الاسلامية اعدادا كبرى من الايزيديين في سنجار في محافظة نينوى في شمال العراق، وارغموا عشرات الالاف منهم على الهرب، فيما احتجزوا الاف الفتيات والنساء كسبايا حرب. وأصدرت الأممالمتحدة تقريرا في يونيو الماضي أشارت فيه إلى ان تنظيم الدولة الإسلامية "يسعى إلى محو الأيزيديين من خلال عمليات القتل والاستعباد والعبودية الجنسية والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة". والايزيديون اقلية ليست مسلمة ولا عربية، تعد اكثر من نصف مليون شخص ويتركز وجودها خصوصا قرب الحدود السورية في شمال العراق. ويقول الايزيديون ان ديانتهم تعود الى الاف السنين وانها انبثقت من الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، في حين يرى آخرون ان ديانتهم خليط من ديانات قديمة عدة مثل الزردشتية والمانوية. ويناصب تنظيم الدولة الاسلامية هذه المجموعة الناطقة بالكردية عداء شديدا باعتبار ان افرادها "كفار". وكانت هيفاء واختها بين الفتيات اللواتي احتجزن كسبايا حرب. وتستذكر هيفاء، وهو اسم مستعار، في حديث لوكالة فرانس برس السوق الذي عرضها فيه مسلحو التنظيم. وتقول "كان هناك مكان اشبه بالسوق حيث توضع النساء الايزيديات وياتي المسلحون لشرائهن". وتتابع "اشترى احد المسلحين 21 امرأة مرة واحدة". واقتيدت هيفاء من بلدتها سنجار الى مدينة الموصل، المعقل الرئيسي للجهاديين في العراق، قبل نقلها مرة اخرى الى مدينة الرقة في سوريا. وفشلت هيفاء في الهرب مرتين. وتروي قائلة "تعاملوا معنا بطريقة قاسية للغاية. وفعلوا بنا اشياء سيئة للغاية". وتمكنت قبل ايام من الهرب، مؤكدة انها تلقت مساعدة من "اشخاص طيبين" دون المزيد من التفاصيل. وتمكنت بعض الايزيديات من الهرب من تنظيم الدولة الاسلامية، بينما تم شراء حرية اخريات. وأطلقت القوات العراقية عملية واسعة في اكتوبر لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل، ما أعاد الامل للطائفة الايزيدية بتحرير المزيد من ابنائها. ويتولى رجل من الطائفة الايزيدية يدعى حسين القائدي مهمة تعقب اثار ابناء الطائفة. وهو يدير "مكتب شؤون المختطفين" في مبنى مؤلف من طابقين في مدينة دهوك التابعة لاقليم كردستان في شمال العراق. ويقدر الرجل انه ما زال هناك نحو 3 الاف ايزيدي من نساء واطفال ورجال في قبضة تنظيم الدولة الاسلامية من اصل ستة الاف احتجزهم التظيم. ويعتقد ان الجهاديين يأخذون اسراهم من الايزيدين معهم كل مرة يتراجعون فيها من المدن التي تشهد عمليات عسكرية وتخرج عن سيطرة الجهاديين. وقطعت القوات العراقية الطريق الرئيسي الذي يربط بين الموصل والاراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم في سوريا، ما يعني ان المدينة اصبحت محاصرة الان. ويقول القائدي انه قد يكون هناك الاف من ابناء الطائفة الايزيدية داخل الموصل، ويأمل ان يتمكن ابناء الطائفة من الاستقرار واعادة البناء من جديد. ويضيف "كانت هناك حملة شرسة ضدنا. لا يتوقع احد في القرن الحادي والعشرين ان تأتي جماعة ارهابية لاغتصاب نسائنا وقتل الرجال والاطفال". واضاف "نحن الايزيدية نتمسك بأرضنا". وتواجه هيفاء الان تحديا صعبا ببناء حياتها التي تحطمت بعد فرارها من أشهر طويلة من التعذيب. وعادت هيفاء الى بلدتها ولكنها خجلة من الحديث مع الاصدقاء القدامى والاقارب. كما وتعاني من امراض. وتقول "انا منهكة جدا". وعلى الرغم من تمكنها من الفرار، فانها ما زالت تبحث عن معلومات حول مصير ايزيديات اخريات ما زلن في قبضة التنظيم الجهادي، بينهن شقيقتها الصغرى التي تبلغ من العمر 20 عاما. وتقول "اطلب من الجميع، من كل العالم المساعدة في تحريرهن"، مضيفة "ما زلن هناك، وما زلن يعانين". عائلة من الرقة السورية تحاول بناء مستقبل في الريف الفرنسي تحاول عائلة الفخري بعد فرارها من الرقة، المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، بناء مستقبلها في احدى القرى الصغيرة في منطقة غار الفرنسية بعيدا عن الحرب التي دمرت بلادها. ويقول اسعد الذي كان يملك مكتبة في الرقة، "لقينا ترحيبا حارا هنا ووجدنا مكانا يتيح لنا الاستراحة بعد الصعوبات التي مررنا فيها". ويضيف هذا الرجل (63 عاما) الذي يحتل التنظيم المتطرف منزله وتدمرت مكتبته "بلدنا لم يعد موجودا، لقد تدمر كل شيء.نعرف انه يتعين علينا بناء مستقبلنا في فرنسا". وفي كيساك التي تبعد مسافة 35 كلم شمال غرب مدينة نيم، استعدت مجموعة غير دينية من 15 شخصا لاستقبال العائلة في 30 ايلول/سبتمبر. والعائلة مكونة من اسعد، وشعار زوجته (50 عاما) وابنهما هيثم (23 عاما) والبنتان ريهام (21 عاما) وريم (20 عاما). ووضع منزل القس القديم والجميل الواقع عند مدخل الشارع التجاري بتصرفهم. وقالت احد اعضاء المجموعة كارولين كوزينييه قسيسة القرية من الكنيسة البروتستانتية المتحدة "قررنا استضافة عائلة سورية بعد بث صورة الصغير ايلان" الذي عثر على جثته على شاطئ تركي في سبتمبر عام 2015، و"استجابة ايضا لدعوة الحكومة الفرنسية". وبعد مرور بضعة اشهر، كانت الاسرة السورية التي كانت ستصل من خلال "اتحاد المساعدات البروتستانتية" لا تزال في باريس. واضافت كوزينييه "بعد عام، طلب منا ان نستضيف خلال مدة 48 ساعة آل الفخري". وخلافا لبعض الجماعات التي كانت على استعداد لاستقبال المسيحيين فقط، رحبت كيساك بعائلة مسلمة بأذرع مفتوحة. وتابعت "نحن نرسخ تقاليد الترحيب في المنطقة" التي كانت ملجأ للبروتستانت خلال الحروب الدينية والجمهوريين الاسبان او اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. المنفى ساهم في تشتت العائلة وبانتظار تفعيل اجراءات طلب اللجوء، تلبي المجموعة احتياجات عائلة الفخري وتدعمها في مساعيها. يتعلم الاهل والاولاد الفرنسية. هيثم فقط يتكلم قليلا من الانكليزية ويتولى الترجمة لافراد الاسرة، فحاجز اللغة واقع يومي. تقول كوزينييه "يتم التعويض عن ذلك بحركات الاعين"في حين يضاعف الفخري وزوجته الابتسامات والايماءات الودية. فالانتقال من مدينة تضم 250 الف نسمة على امتداد نهر الفرات الى بلدة تضم 3300 نسمة يعبرها نهر صغير ليس امرا سهلا، وخصوصا بالنسبة للشباب. ويقول هيثم ان البلدة "صغيرة وليس لدي علاقات كثيرة مع الشبان" مؤكدا انه يحلم باستئناف دراسته في الرياضيات والاقتصاد في مونبلييه. اما ريهام، فانها تبدي رغبتها في الالتحاق بكلية الفنون الجميلة في مونبلييه. وبانتظار ذلك، تقوم بالتعبير عن اهوال الحرب من خلال رسوماتها باسم "غرنيكا سوريا"، في اشارة الى لوحة بيكاسو الشهيرة حول الحرب الاهلية الاسبانية. بدورها، تريد ريم وهي اصغرهم سنا الذهاب الى المدرسة. لكن ايا من الثلاثة لن يكون قادرا على استئناف دراسته قبل ايلول/سبتمبر. ويضيف هيثم متنهدا "لقد اضعت الكثير من الوقت". هربت العائلة من الرقة اواخر عام 2013، قبل وقت قصير من سقوط المدينة بايدي تنظيم الدولة الاسلامية اثر معارك ضارية. ولجات العائلة الى مدينة اورفا في تركيا مدة سنتين. وساهم المنفى في تشتت الاسرة، فهناك اربع بنات وسبعة احفاد من عائلة الفخري يعيشون في تركيا ولبنان والسعودية. ويقول هيثم هامسا "لا نعرف متى سيمكننا ان نلتقيهم". والمجموعة الفرنسية مستعدة لمساعدتهم على المدى الطويل من اجل تخفيف معاناة المنفى. وللاعراب عن شكرها لهم، تقدم شعار في كثير من الاحيان اطباقا سورية تستعيد معها بنكهاتها الخاصة ذكرى بلادها.