يُعد غلاء ثمن الدواء؛ العنوان الأبرز للواقع الطبي والصحي في سوريا، والذي يشهد تدهورا كبيرا في الآونة الأخيرة، بسبب استمرار سياسة الحصار، ومنع النظام إدخال المساعدات الطبية اللازمة لعلاج المرضى، في كثير من المدن والبلدات، مما فاقم من معاناة المرضى، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة، كالقلب والسكري والضغط. وارتفعت أسعار الدواء في مناطق ريف حمص الشمالي المحاصرة من قبل حواجز النظام، خلال العام الماضي وحتى الآن بما نسبته 400 بالمئة تقريبا، وخصوصا مع محاولات قوات النظام المدعومة بغطاء جوي روسي، اقتحام الريف. وأوضح الناشط الإعلامي باسل عزالدين، أن التجار و»شبيحة النظام» استغلوا هذه المحاولات برفع أسعار الأغذية والأدوية، التي كانت تدخل من مناطق ريف حماة الجنوبي، «وهي المنفذ الوحيد المتصل مع ريف حمص الشمالي، إضافة إلى فرضهم أتاوات بمبالغ مرعبة وهائلة، بحيث تدفع بالدولار لحواجز النظام، بالتعاون مع ما يسمى بتجار الدم». وأضاف عزالدين أنه «على سبيل المثال؛ ارتفع ثمن ظرف حبوب الالتهاب إلى 340 ليرة سورية، بعد أن كان سعره منذ عام تقريبا 75 ليرة»، مشيرا إلى أن «ارتفاع الأسعار طال حتى أدوية الأطفال حديثي الولادة، والأكبر سنا، لتصل إلى مستويات تفوق المعقول». مساعدات أممية بلا أدوية وكانت مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، شهدت الأسبوع الماضي دخول ما يقارب ال52 شاحنة مساعدات عن طريق وفد من الأممالمتحدة، محملة بمواد غذائية، ومنظفات، وأدوية خاصة بأمراض «الجرب والقمل» فقط، بعدما تم استثناء المواد والمستلزمات الخاصة بالعمليات الجراحية «بأمر من قوات النظام» وسط عجز أممي واضح، وفق مدير المكتب الإعلامي للمجلس المحلي، يعرب الدالي. إبرة الأنسولين ب2500 ليرة في غوطة دمشق ولا يختلف واقع الحال كثيرا بالنسبة للريف الدمشقي، وخاصة في الغوطتين الشرقية والغربية، بسبب غياب كثير من الأدوية، وغلاء أسعارها، وخاصة مادة «الأنسولين» التي يحتاجها مرضى السكري. وقال الصيدلي «عبدالله» إن «تأمين مادة الأنسولين صعب جدا؛ لأن هذه المادة يجب أن تخرج من مشافي النظام الحكومية حصرا، كما أنها تحتاج إلى موافقات أمنية». وأضاف أن مريض السكري يحتاج يوميا لأخذ ثلاث جرعات تقريبا من مادة الأنسولين، كونه لا يوجد أي دواء آخر ينفع المريض، مشيرا إلى أن سعر إبرة الأنسولين الواحدة وصل إلى ما بين ألفين وألفين و500 ليرة سورية، «وعلى المريض أن يدفع يوميا خمسة آلاف ليرة سورية». دير الزور من دون أدوية ويعاني المحاصرون في مناطق سيطرة تنظيم الدولة بدير الزور وريفها، من ارتفاع أسعار الأدوية الوطنية بنسب متسارعة وكبيرة قد تصل إلى 300 بالمئة لبعض الأصناف الدوائية، بالإضافة إلى فقدان أكثر من 400 صنف محلي ومستورد، بحسب نشطاء. ووفقا للناشط الإعلامي عامر هويدي؛ فإن أدوية القلب والسكر، وأدوية داء الكلب، ولقاحات شلل الأطفال، وأدوية اللاشمانيا؛ من أهم الأدوية المفقودة، وإن وجدت فهي بأسعار يعجز المواطن عن دفعها، حيث يباع «الظرف» الذي يحوي 10 حبات من البنادول بسعر 500 ليرة، وأحيانا بخمسة آلاف ليرة، وأحيانا أخرى تباع الحبة الواحدة منه ب200 ليرة أو 500 ليرة. وقال هويدي إن عيادات جراحة الأسنان تمر في وضع سيئ للغاية، وخصوصا أنها تستهلك أدوية التخدير بكثافة، مثل «بروبوفول، وثيوبنتال، وكيتامين، وهالوثين للأطفال»، لافتا إلى أن «جميع أطباء وصيادلة المنطقة الشرقية يشتكون من أن غياب أدوية التخدير يؤدي لوقف إجراء العمليات للمرضى، والمصابين جراء عمليات القصف اليومي».