أبت جمعية «تايمات» هذه السنة أيضا إلا ان تشارك نزيلات السجن المحلي بخنيفرة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، ولإعطاء المبادرة طابعها النسائي نساء مسؤولات من الجمعية، «سعيدة» و»نزهة» و»حياة»، وهن من الفاعلات في الميدان الاجتماعي والاقتصادي، شاركن نزيلات السجن المحلي بخنيفرة اليوم العالمي كي لا تشعر هذه «الشريحة السجينة» بنقص أو «حكرة» بالمقارنة مع أخواتهن النساء المتواجدات خارج أسوار المعتقل، علما بأن الظروف المسيرة للإنسان وحدها دفعت بهن إلى هذا المكان الداكن بعيدا عن نسيم الحرية، والأساسي أن تشعر السجينات أن المجتمع لا ينبذهن، وأنهن موضع عناية ورعاية من طرف المجتمع المدني، وفي مثل مبادرة «تايمات» ما يروم إعادة إدماجهن في المجتمع بروح جديدة من النبل والصفاء ونعومة الأنثى. ب»الفضاء المتعدد الوسائط» بحي النساء بالسجن المحلي بخنيفرة، نظمت جمعية «تايمات» حفلا دافئا على الطريقة المغربية الأصيلة، استدعت إليه جميع السجينات القابعات خلف القضبان الحديدية، حيث أقامت على شرفهن مأدبة غذاء تضمنت وجبات من الطبخ المغربي من «الدجاج» و»البسطيلة» حتى تكون الأجواء أشبه بعرس حقيقي تطبعه الحميمية والأسرية، وبينما حضرت بعض النزيلات بالقفطان المغربي والجلباب الأصيل، لم تفارق الابتسامة شفاه أخريات، وأغلبهن جميلات لم يتوقعن خلال وجودهن في الحياة أن «الحبس» سيقتطع جزءا من عمرهن في يوم من الأيام. وفي لحظات شبيهة ب»حفل زفاف» لا تنقصه إلا العريس والعروس و»العمَّارية» فقط، نسيت النزيلات أنهن ما زلن خلف أسوار السجن، ولو لزمن قصير تحطمت عليه رتابة الاعتقال وأصوات المفاتيح وأوامر الحراس والحيطان العالية، حيث حضرن حفلا موسيقيا فنيا شاركت فيه الفنانة «خديجة» التي هزتهن بمختاراتها الغنائية، من الفن المغربي الأصيل إلى العربي الخالد، فيما تمكن الجوق الموسيقي المتوهج بأنامل «إلياس» و»طارق» و»مسعودي» من حمل هؤلاء النزيلات في فضاءات ساخنة، وكم برع «مسعودي» في استنطاق كمنجته التي اعترفت بما لديها من إيقاعات سايرت أغانيه الأمازيغية النابعة من عمق جبال الأطلس الشامخة، ولم تتوقف النزيلات عن التصفيق لها بعفوية حارة، ولحظتها كان «زايد» المشرف الاجتماعي «يقتنص» صورا للذكرى والتوثيق. وبينما لم تتوقف غالبية النزيلات عن الرقص والمرح، وإسدال بعضهن لشعورهن من باب إحساسهن المطلق بالسعادة، لم تجد بعضهن بدا من إطلاق الزغاريد، حتى أن مسؤولة من جمعية «تايمات» عجزت عن إيقاف دموعها من شدة التأثر باللحظات التي شعرت فيها النزيلات بالسعادة، ومن أجمل المشاهد تلك التي انصهرت فيها بعض موظفات السجن المحلي مع أجواء الحفل وشاركن النزيلات ابتهاجهن ورقصهن، ولإعطاء الحفل قيمته الأصيلة تم تخليله بكؤوس من الشاي المنعنع على طريقة الطقوس والتقاليد الشعبية. وفي فورة الحفل الفني زادت «نجمة الحفل» الفنانة خديجة البوهالي فألهبت الجميع بسفرها عبر مختارات غنائية من خالدات عربية ومغربية، فغنت بصوتها القوي للسيدة أم كلثوم وإبراهيم العلمي ومحمد فويتح والمعطي بلقاسم، واستطاعت هذه الفنانة أن تستحوذ على إعجاب الحاضرات والحاضرين، وأن تستقطب إليها تصفيقات ورقصات حارة للنزيلات، بل أن طفلتين لأُمَّين معتقلتين لم يتوقف فرحهما بأجواء الحفل، وإحداهن كانت كلما تعبت عادت إلى أحضان والدتها وعانقت دميتها الجميلة.