يبدو أن مشاورات تشكيل الحكومة، قد دخلت في نفق حقيقي، عبّر عنه رئيس الحكومة، المعين، عبد الإله بنكيران، بمصطلح «الأزمة»، في تسجيل بالصوت والصورة، بينما توالت التعليقات والتصريحات في الصحافة، في إطار سجال، يحاول البعض من ورائه، ترجيح كفة وجهة نظر معينة، بل سارت بعضها إلى التهجم على حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية، بعد إجتماع لجنته الإدارية. لا نريد الردّ على هذه الكتابات والتصريحات، وأن ندخل في سجال، بقدر ما نريد توجيه دعوة صريحة لإعمال العقل، وتحليل الخطاب، على ضوء الواقع، لا التأويلات التي لا سند لها. ما يهمنا أكثر، هو مناقشة منهجية مشاورات تشكيل الحكومة، حيث لم يقم بنكيران، لحد الآن، سوى بجولة واحدة، ظلت يتيمة، وقبل الشروع في الجولة الثانية، التي ستكون أكثر وضوحا، بعد أن إستمزج آراء الأحزاب، أعلن أن هناك أزمة، وشُنت حملة على حزب الإتحاد الإشتراكي، لاتهامه بأنه يعرقل تشكيل الحكومة. فماذا قال الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية؟ أولا، صرح كاتبه الأول، إدريس لشكر، علانية، عقب لقاءه الأول مع بنكيران، أن حزبه سيسعى لتيسير مهمة رئيس الحكومة المعين. وزيادة في التوضيح، أعطى إستجوابا بجريدتي الحزب، كشف فيه أنه إتفق مع بنكيران، مبدئيا، على المشاركة في الحكومة، لكن هذا الأخير هو الذي طلب منه أن يبقي هذا الإتفاق سريا. وقد إضطر لشكر لكشف ذلك، رفعا للبس الذي أخذ يبثه البعض للإدعاء بأن الإتحاد الإشتراكي يعرقل تشكيل أغلبية. ثانيا، عقد هذا الحزب، إجتماعا لهيأته التقريرية، اللجنة الإدارية الوطنية، لعرض هذا الإختيار عليها، حتى تتخذ القرار المناسب، وهو ما أكدته، في بلاغها، الذي ربط المشاركة، بشروط التوافق على برنامج حد أدنى وتحديد الأولويات والتفاهم على هندسة الحكومة. ولم تفعل اللجنة الإدارية، إلا ما يمليه عليه واجبها، لأن أي حزب يحترم نفسه، لا يمكن أن يعلن عن المشاركة في أبسط لقاء أوندوة أو مؤتمر، مادام يجهل برنامجه وأهدافه، فمابالك إذا كان الأمر يتعلق بحكومة تتحمل مسؤولية جسيمة في تدبير الشأن العام والسياسيات. فحزب الإتحاد الإشتراكي لا يستخف بمثل هذه المسؤولية، التي تتطلب الوضوح في إطار احترام المواطنين، ولذلك ينتظر من رئيس الحكومة، الذي كلفه جلالة الملك، طبقا للدستور، أن يعرض البرنامج والأولويات والهندسة، التي يقترح، بناءا على نتائج الجولة الأولى من المشاورات.