توفي أول أمس السبت بباريس، المفكر والكاتب الجزائري مالك شبل عن عمر يناهز 63 عاما، وقد عرف شبل بأفكاره الإسلامية المتحررة ونقده للأفكار الأصولية. وقد كرس شبل، المختص في الأنثروبولوجيا والأديان، حياته لتطوير صورة متحررة عن الدين الإسلامي من خلال نقده للأفكار الأصولية. كما كان أحد الأقلام المستنيرة التي انكبت على تفكيك الخطاب المتطرف لإبراز روح وجوهر الإسلام والنص القرآني، ودعا إلى تبني «إسلام أنوار» في وجه الصيغة الظلامية التي يقدمها المتطرفون على أنها الصيغة الأصلية والصحيحة للإسلام. اهتم مالك شبل بقراءة الإرث العربي ومقارنته بالنتاج الغربي الاستشراقي وبنتاج الحضارة الإنسانية ، فكان فريدا في طرحه، عصريا في نظرته إلى الإسلام والمسلمين كمواطنين فاعلين في بيئاتهم وداخل التاريخ وتأقلم الإسلام مع الحداثة والعلوم العقلانية والاجتماعية. حظي الفقيد بشهرة وسمعة كبيرتين في الوسط العلمي والجامعي بالقارة الأوروبية، وساهم طيلة مشواره الفكري والإبداعي في تدعيم رفوف المكتبات الفرنسية بعدد من المؤلفات والكتب في علم الأديان والأنتروبولوجيا والفلسفة، وقد ولد مالك شبل بمدينة سكيكدة، عام 1953، زاول فيها دراسته الابتدائية وأكمل فيها تعليمه المتوسط، قبل أن ينتقل إلى مدينة قسنطينة، أين زاول تعليمه الثانوي، ثم الجامعي، قبل أن يعيّن أستاذا بذات الجامعة، ومن ثمّ تحول إلى العاصمة الفرنسية باريس، أين أكمل الدراسات العليا، وتمكّن عام 1980 من الحصول على شهادة الدكتوراه الأولى في علم النفس، من جامعة باريس 7، ولم يتوقف عند هذا الحدّ، بل واصل دراساته حتى تحصّل على دكتوراه ثانية في الأنتروبولوجيا والاثنولوجيا وعلم الأديان سنة 1982، ثم ثالثة في العلوم السياسية عام 1984، واشتغل في عدد من الجامعات الفرنسية، كأستاذ باحث ومحاضر في الدراسات العربية والإسلامية، قبل أن يعين في لجنة البحث العلمي في جامعة السوربون. وبالنظر للمكانة المرموقة التي بات يتمتع بها في الأوساط العلمية والفكرية، تمكّن من افتكاك مقعد ضمن مجموعة الحكماء لدى رئيس اللجنة الأوروبية الدكتور رومانو برودي، والمكلفة بالتفكير حول العلاقة بين ضفتي بحر الأبيض المتوسط. وفي سنة 2008 قلده الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بوسام جوقة الشرف. اهتمّ الراحل مالك شبل، بالدراسات الإسلامية، وبلغت كتبه عن الإسلام 20 مؤلفا من بينها «العاشق للإسلام»، «الفكر العربي الإسلامي»، «تغيير الإسلام»، وكذلك «الإسلام والعقل معركة الأفكار»، «قاموس الرموز الإسلامية» و«موسوعة القرآن» و«أبناء أبراهام» و«شرح الإسلام» و«الإسلام والعقل صراع الأفكار» الى جانب دراسات وتحليلات ومقالات صحفية حول الإسلام والعالم الإسلامي. كما كانت له ترجمة مميزة للقرآن إلى اللغة الفرنسية. بحث الراحل وكتب أيضا في مواضيع اعتبرت من المحرمات، مثل شرب الخمر والمثلية الجنسية، ومن مؤلفاته في هذا الباب «قاموس الحب في الإسلام»، و «أسماء الحب المائة» و«موسوعة الحب في الإسلام».