يبحث مسؤولون وخبراء من 16 دولة عربية بالمغرب استراتيجيات الشمول المالي في المنطقة العربية، وذلك في إطار المؤتمر الإقليمي الأول حول تعزيز التثقيف والتوعية المالية الذي احتضنته مدينة الصخيرات متم الأسبوع الماضي. ولقد وضع المؤتمر، حسب عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب ورئيس الجمعية المالية للثقافة المالية، ضمن أهدافه إرساء إطار إقليمي للتعاون والتنسيق في مجال خطط تعميم الخدمات المالية وولوجية التمويلات في البلدان العربية، خاصة بالنسبة للشباب والنساء والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، إضافة إلى نشر التوعية والثقافة المالية ومباديء التدبير المالي وسط المواطنين. وأضاف الجواهري خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر أن الأوضاع المالية الصعبة التي يجتازها العالم والتي تزداد تعقيدا يوما بعد يوم أصبحت تطرح بإلحاح قضايا الإنصاف في ولوج الخدمات المالية وأهمية الوعي والثقافة المالية لدى عموم المواطنين في ضمان استقرار الدول وتوطيد مناعة الاقتصاد الوطني. وتحدث الجواهري عن التجربة المغربية منذ انضمامه سنة 2010 للتحالف الدولي حول الشمول المالي، ومساهمته في العديد من المبادرات الإقليمية والدولية، مرورا بوضعه لاستراتيجية وطنية للتثقيف المالي، والتب تشمل على الخصوص برامج موجهة للأطفال في المدارس والشباب والمقاولات الصغيرة والصغيرة جدا، بالإضافة إلى برنامج خاص بالحرفيين والصناع التقليديين. من جانبه كشف عبد الرحمان الحميدي، الرئيس المدير العام لصندوق النقد العربي، عن الهوة الكبيرة التي تعاني منها المنطقة العربية مقارنة بالمعايير الدولية في مجال الشمول المالي. وقال إن نسبة السكان البالغين الذين تتوفر لهم فرصة ولوج التمويلات والخدمات المصرفية في المنطقة العربية لا تتجاوز 29 في المائة، في حين تصل هذه النسبة في آسيا إلى 69 في المائة. وأضاف "هذه الهوة تزداد عمقا بالنسبة للنساء، إذ تقل النسبة في البلدان العربية عن 24 في المائة، وتنزل إلى 7 في المائة وسط الفئات الفقيرة وذات الدخل المحدود". ويرى الحميدي أن تعزيز فرص الولوج للخدمات المالية يكتسي طابعا استعجاليا في المنطقة العربية حيث تصل بطالة الشباب إلى 30,6 في المائة، مقابل 13 في المائة على المستوى العالمي. وأضاف أن إشكالية البطالة تزداد حدة عندما يتعلق الأمر بالنساء الشابات في المنطقة العربية، إذ تصل نسبتها بينهن إلى 52,3 في المائة، مشيرا إلى أن هذه الأرقام تتطلب اتخاذ إجراءات حازمة من أجل تسهيل ولوج الشباب والمشاريع المشغلة إلى التمويلات والخدمات المالية، وتعزيز الثقافة والوعي المالي بين السكان. ولقد ناقش المؤتمر على مدى يومين العديد من الخطط والاستراتيجيات المقترحة، ضمنها التجربة المغربية، لاستخلاص خلاصات وتوصيات يرفعها للمسؤولين من أجل تعزيز الشمول المالي في المنطقة العربية وتوسيع ولوجية التمويلات والخدمات المالية ورفع مستوى الوعي المالي وسط السكان، خاصة النساء والشباب.