تناقلت وسائل الإعلام العالمية والعربية وعلى رأسها قناة «الجزيرة» الفضائية صورا وشهادات حية لما يجري في تونس ومصر وليبيا ... منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد ، سجلتها أجهزة الهواتف النقالة لمواطنين تحولوا إلى مراسلين غير معتمدين طيلة شهر كامل، من أجل إيصال حقيقة ما يحدث إلى ملايين المشاهدين عبر العالم فيديوهات وشهادات حية عن غضب الشارع ، قاموا بأخذ صورها المهربة بواسطة كاميرات الهواتف النقالة التي كانوا يحملونها معهم في قلب الحدث ، وهم يتصدون للرصاص الحي ، ويسارعون إلى تحميلها عبر موقع « الفايس بوك » الذي تحول إلى منصة لهؤلاء المراسلين غير المعتمدين ، في نقل آخر التطورات في البلاد ، والتي تتسابق كبرى المحطات الفضائية إلى بث صورها ، حيث لم يعد يجد المشاهد اختلافا كبيرا فيما يبث على العديد من الشاشات ، وهي تحمل إشارة نقلها عبر الأنترنت. فهذا الجهاز الصغير الذي يمكن حمله بكل سهولة في الجيب ، أفلت من الرقابة ، وحقق ما عجزت عنه وسائل الإعلام حتى المعتمدة منها ، وهو يواصل رسالته إلى جانب المحتجين إلى اليوم في نقل حقيقة ما يحدث في الشارع ، بالتقاط الصور في لحظة حدوثها والإسراع بتحميلها عبر « الفايس بوك » والمدونات الإلكترونية ، التي تعمل حاليا على تكثيف الجهود من أجل تجاوز هذه المحنة. وقد شاهدنا في نشرات أخبار «الجزيرة » تلك الأم التي قالت أنها التحقت بمستشفى « شارل نيكول » للمساعدة في إسعاف الجرحى ، بعد أن أعلمتها إبنتها من باريس بالنداء المنشور عبر « الفايس بوك » الذي يطلب متطوعين لإنقاذ أرواح مئات الجرحى الذين ينتظرون أمثالها ، بعد أن عجز طاقم المستشفى عن التكفل بهم. وكلنا يتذكر ماقام به جهاز الهاتف النقال ، الذي كشف لحظات إعدام الرئيس العراقي صدام حسين ، والصدمة التي حملتها الصور السادية المرعبة التي فضحت ما يجري داخل أسورا سجن أبو غريب ، حتى وإن كانت من أجل التشفي أو التسلية ، والتي تؤكد جميعها أن للحقيقة هاتف محمول ، وتكنولوجية متطورة لم يعد بالإمكان حجب صورها عن العالم ، حولت المواطن البسيط إلى صحفي تعتمد عليه أهم المحطات التلفزيونية الإخبارية في الكثير من الأحداث في العالم .