قال البنك الدولي إن الاقتصاد المغربي شهد في 2016 تباطؤا جعل معدل النمو ينخفض في الربع الثاني من العام الجاري إلى 1.4 في المئة عوض 4.2 في المئة من خلال الفترة ذاتها من العام الماضي . وتوقع البنك في تقريره الجديد حول «مؤشرات آفاق الاقتصاد الكلي بالمغرب»، أن يتباطأ نمو الاقتصاد المغربي إلى 1.5 في المئة نهاية 2016 مع تجلي الآثار الكاملة للجفاف الذي أصاب البلاد في خريف 2015، حيث توقع أن يتقلص الناتج الإجمالي المحلي الفلاحي بمعدل 9.5 في المئة عند نهاية السنة قبل أن يسترد عافيته قليلا إلى 8.9 في المئة في عام 2017. وعزا البنك الدولي تباطؤ الاقتصاد المغربي إلى انكماش الإنتاج الفلاحي بأزيد من 12 في المئة ، في حين ظل النمو في القطاعات غير الفلاحية بطيئا هو الآخر عند حوالي 2.5 في المئة بينما ظلت معدلات التضخم متدنية عند أقل من 2 في المئة. وكشف البنك الدولي عن أن معدل البطالة الذي ظل مستقرا في حدود 9 ف ي المئة خلال السنوات الأخيرة ، قد ارتفع كثيرا بين الشباب حتى بلغ في منتصف العام الجاري 38.8 في المئة . وأوضح البنك الدولي في تقريره أن ديون الحكومة ستستقر نهاية العام الجاري عند حدود 64 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، غير أن بلوغ هدف تخفيض العجز في موازنة الحكومة نهاية السنة إلى 3.5 في المئة من الناتج الداخلي الخام، يتوقف على «المزيد من كبح جماح الإنفاق ، ولا سيما للمؤسسات العمومية «. ونبه البنك الدولي إلى تدهور العجز التجاري للبلاد بنسبة 7 في المئة خلال النصف الأول من 2016 ، حيث لم تتمكن الزيادة في الصادرات الصناعية ، وخصوصا الصناعات الجديدة بالمغرب ومن ضمنها صناعة السيارات، من أن تعوض الارتفاع الحاصل في أسعار القمح و الواردات من السلع الوسيطة. كما أثار البنك الدولي الانتباه إلى الانخفاض الشديد الذي شهدته صادرات الفوسفاط في النصف الأول من العام . وقال إن مداخيل السياحة وتحويلات المهاجرين مازالت تشكل موردا هاما للدخل، حيث حققتا في نهاية يونيو نموا بلغت نسبته 3.3 و 3.9 في المئة على التوالي . وعلى النقيض من ذلك، يقول التقرير، وبعد سنوات من الأداء الجيد تناقصت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 11.2 في المئة خلال النصف الأول من العام، ومع ذلك، فقد استمرت احتياطات المغرب من العملات الدولية في الارتفاع لتناهز 25 مليار دولار أمريكي أي ما يعادل كلفة 7.3 شهر من الواردات . وحذر البنك الدولي من أنه في غياب ما أسماه « المزيد من الإصلاحات الهيكلية الحاسمة»، سيظل نمو القطاع غير الفلاحي يدور حول 3 في المئة . وأوصى التقرير الحكومة المغربية بمزيد من تقليص عجز الموازنة ليصل إلى أقل من 3 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي الخام في نهاية 2017 . ودعا البنك الدولي الحكومة المركزية و الحكومات المحلية – أي مجالس الجهات - إلى تنفيذ موازنة متطورة من أجل تقديم خدمات عمومية أفضل، و تحقيق كفاءة في الأداء بما يتلاءم ومقتضيات القانون التنظيمي الجديد للمالية . وفي هذا السياق، توقع البنك الدولي أن يزداد تقلص الحساب الجاري بمعدل 1.5 في المئة في ما تبقى من العام الجاري. وطالب البنك الدولي بزيادة قدرة الاقتصاد المغربي على المنافسة وتعزيز النمو والتشغيل وتدعيم الاحتياطات المالية الوقائية والاستفادة من الاستقرار السياسي . وأفاد التقرير أنه بغض النظر عن الأداء القوي نسبيا للاقتصاد المغربي على مستوى منطقة الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، فقد ظل الاقتصاد يميل هيكليا نحو الأنشطة غير التجارية كالبناء والأشغال العمومية والخدمات المتدنية من حيث القيمة المضافة و الزراعات ذات الإنتاجية الضعيفة التي تعتمد على الأمطار وتتسم بالتقلب . وأوضح البنك الدولي أنه بسبب كل هذه العوامل، لم يحقق المغرب سوى القليل من مكاسب الإنتاجية، بالرغم من ارتفاع مستويات الاستثمار، مؤكدا أن الجهود الاستثمارية التي هيمنت عليها مشاريع البنى التحتية الضخمة بتمويل من الدولة ، لم تفلح في تحقيق النمو حتى الآن. ودعا البنك الدولي المغرب إلى بذل مزيد من الجهود لتدعيم نظم الإدارة الرشيدة والحكامة العمومية وتحسين مناخ الأعمال ومناخ الاستثمار وزيادة الرأسمال البشري . من جهة أخرى، طالب البنك بتعزيز مرونة أسعار الصرف ما من شأنه أن يساعد على امتصاص الصدمات، بما في ذلك، انخفاض النمو في منطقة اليورو و الضبابية المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد.