احتقان كبير تعيشه مدينة مراكش و ضواحيها منذ انطلاق الدخول المدرسي لهذه السنة. إذ تعرف المدينة احتجاجات يومية بأبواب المدارس وبمداخل المديرية الإقليمية للتعليم و مقر ولاية مراكش، من قبل آباء وأولياء التلاميذ بسبب الأوضاع المزرية التي رافقت البداية المتعثرة للموسم الدراسي. الاكتظاظ والخصاص يشكلان الموضوعين الرئيسيين لشكاوى أولياء التلاميذ واحتجاجاتهم، و المصدر الأساسي لحالة التذمر التي تعم الأطقم التربوية بالمدارس التي أضحى الكثير منها يصلح لأي شيء آخر سوى أن يكون فضاء تربويا. حيث وصلت حدة الاكتظاظ إلى مستوى خطير عطل فاعلية المدرس وأعدم أي أمل في الاستفادة لدى التلاميذ. وتشير الوضعية الميدانية بالفصول والمدارس إلى أرقام قياسية من حيث الاكتظاظ، تجاوزت ستين تلميذا في القسم الواحد. وقال والد أحد التلاميذ بمدرسة توجد بمنطقة تمنصورت، إن الفصل الذي يدرس فيه ابنه قد تحول إلى ما يشبه مكان لاحتجاز الأطفال أكثر منه فصلا دراسيا بسبب حدة الاكتظاظ وما يرافقها من مشاكل ، بل إن المدرس يحول مجهوده بكامله إلى محاولة ضبط القسم و التقليل من حدة الفوضى فيه عوض التدريس . حيث أن آخر شيء يُرجى في ظل هذا الوضع المزري هو المردودية التربوية ول وفي أدنى شروط جودتها. حالة الخصاص الحاد الذي تعانيه المدارس التابعة للمديرية الإقليمية بمراكش على مستوى الأساتذة فاقمت حالة الاحتقان، وأججت الاحتجاجات اليومية. بل إن بعض أولياء التلاميذ الذين يرغمون على العودة إلى منازلهم بسبب عدم وجود من يدرسهم ، قد اضطروا إلى اللجوء إلى بعض الصيغ الاحتجاجية كالاعتصام أمام المدارس، وتنفيذ المسيرات في الشارع العام، ونقل الاحتجاجات إلى الإدارة الترابية. ووصف بعض أولياء التلاميذ دخول هذه السنة بأسوأ دخول مدرسي ، يناقض فيه الواقع ما رُفع من قبل المسؤولين من شعارات للإصلاح، إلا إذا كان ما يقصدونه بهذه الكلمة هو الزيادة في تأزيم المدرسة العمومية بتقليص مواردها البشرية وإضعاف بنياتها وتحويلها إلى بنايات من دون محتوى تربوي أو تعليمي. وصار صدى بعض الشعارات المرفوعة من قبل التلاميذ وآبائهم مألوفا بشكل يومي في الكثير من مناطق مراكش ونواحيها وقبالة بعض إداراتها، من قبيل «المحفظة هاهي والأساتذة فينا هوما».. لكن دون أن تجد لذلك أي أثر أو صدى لدى المسؤولين الذين أضحوا عاجزين بشكل مطلق عن حل هذه الوضعية إلا بخطوات ارتجالية تزيد الواقع تأزيما. وقال نقابيون إن سوء تدبير الموارد البشرية من قبل المصلحة المعنية بالمديرية الإقليمية ، يعد من أسباب هذه الأزمة التي تشكل علامتها الفارقة هذه الازدواجية المتمثلة في خصاص كبير في المؤسسات و تستر مستمر على الأشباح. وفي سياق هذه الأوضاع المحتقنة التي تحيط بالمدرسة العمومية بمراكش ، دعت ثلاث نقابات تعليمية هي الجامعة الحرة للتعليم، والنقابة الوطنية للتعليم (فدش) ووالجامعة الوطنية للتعليم، الشغيلة التعليمية بجهة مراكشآسفي إلى المشاركة المكثفة في المسيرة الاحتجاجية المقرر تنظيمها يوم 16 أكتوبر الجاري. وحسب هذه الهيئات تأتي هذه المسيرة استمرارا في الاحتجاج على الوضع الكارثي للمدرسة العمومية وما تعرفه من خصاص مهول في الموارد البشرية وسوء تدبيرها، والاكتظاظ وضعف التجهيزات والوسائل التعليمية.. إضافة إلى الاحتجاج على ما سمي بإصلاح التقاعد والتشغيل بالعقدة وعلى استهداف الحق في الإضراب ومحاولة الاستيلاء على مدخرات المتقاعدين والرصيد العقاري للتعاضديات..