وصف بيان صادر عن المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للتعليم ( فدش) بمراكش وضعية المدرسة العمومية بمختلف نيابات الجهة بالكارثية . و أشار البيان إلى ما تميز به الدخول المدرسي لهذه السنة بنيابات جهة مراكش من ظواهر «تثبت ضعف تنزيل المخطط الاستعجالي» ، والمتمثلة أساسا في «استمرار ظاهرة الاكتظاظ و الأقسام المشتركة و تأخر في إتمام بناء المؤسسات و اختلال في بعض البنايات و التأخر في عملية الإطعام المدرسي و ضعف التجهيزات وسوء تدبير الموارد البشرية ( نقص ، تكريس الفائض مقابل تعميق الخصاص ،انتقالات من أجل المصلحة قبل التعيين ، تكليفات عشوائية .... ناهيك عن التعثر في بناء المؤسسات و في بناء قاعات التعليم الأولي والابتدائي و الإعدادي و التأهيلي و الداخليات ، إهمال الصيانة ، وضعف الاهتمام بالتكوين والدعم التربوي و بالمكتبات ،و هزالة النتائج المحققة في الحياة المدرسية ،و ضعف التوجيه و الإعلام المدرسي ، وتراجع في التعليم الأولي ، واستمرار الهدر المدرسي خصوصا في الإعدادي ، وضعف التمدرس في الثانوي التأهيلي ».... و أكد بيان المكتب الجهوي على «غياب معطيات دقيقة حول صرف الميزانية الضخمة المرصودة للمخطط الاستعجالي» ، معبرا عن «استيائه من الوضع الكارثي الذي تعيشه المدرسة العمومية على مستوى الجهة ، و عن بالغ قلقه من ضعف تنزيل البرنامج الاستعجالي جهويا و إقليميا». و طالب بفتح تحقيق في ملف الموارد البشرية ، منوها بالمجهودات المبذولة من طرف مسؤولي النقابة الوطنية للتعليم ( ف.د.ش) في اللجن المشتركة جهويا وإقليميا «من خلال العمل على دمقرطة الحركة الانتقالية و التصدي للأشباح و التكليفات المشبوهة و الاستفادة غير المشروعة من المناصب الإدارية ومن الترقية باعتبار ذلك مدخلا أساسيا لإعادة الثقة لنساء و رجال التعليم» . و جدد المكتب الجهوي مطالبته « بفتح تحقيق في ملف التربية غير النظامية بالجهة مع التأكيد على ضرروة حل مشكل السكنيات وفق المساطر المنظمة إعمالا للقانون و حفاظا على تكافؤ الفرص ». كما طالب« بافتحاص مالي دقيق للميزانية المخصصة لبرنامج الاستعجالي خلال مدة التنفيذ حفاظا على المال العام و تحديدا للمسؤوليات» . وندد بيان النقابة بالاعتداءات التي يتعرض لها نساء و رجال التعليم مع استنكاره قرار رئاسة جامعة القاضي عياض حرمان نساء و رجال التعليم من متابعة دراستهم . وبعد إعلان دعمه لنضالات الفئات المتضررة من نساء و رجال التعليم ، طالب الوزارة بتنفيذ التزاماتها و الاستجابة للمطالب المشروعة للشغيلة التعليمية بكل فئاتها ، معبرا عن رفض المكتب الجهوي لمضمون المذكرة 70 . و قرر المكتب الجهوي تنظيم مسيرة احتجاجية جهوية دفاعا عن المدرسة العمومية، و ذلك يوم الأحد 30 أكتوبر 2011 بمدينة مراكش داعيا جميع نساء و رجال التعليم و جميع المنظمات السياسية و النقابية و الحقوقية و الثقافية والتربوية و جمعيات آباء وأمهات التلاميذ و جميع الجمعيات المهتمة بالشأن التعليمي، إلى المشاركة بكل وعي و مسؤولية في إنجاح هذه المسيرة . و تأتي هذه الخطوة بعد تفاقم مظاهر الغضب إزاء ما يعرفه تدبير الشأن التعليمي من اختلالات تعمقت حدتها بعدما أصبحت الإدارة المسؤولة عن القطاع «راعيا مباشرا للأشباح الذين تكاثر عددهم بشكل لافت مقابل ارتفاع حدة الخصاص بالمؤسسات التعليمية و ما يلازمه من اكتظاظ و سوء تدبير للموارد البشرية» ، و مما زاد هذا الاحتقان حدة ، «اتهام الإدارة التعليمية بالدفاع عن هؤلاء الأشباح بل و استعمال كامل نفوذها لتمتيع بعضهم بترقيات غير مستحقة رغم انقطاعهم عن العمل لسنوات متواصلة و استعمال أسلوب إدراجهم ضمن الفائض للتغطية على وضعهم ، وهو ما اعتبر تلاعبا في الترقيات» . وفي ظل سيادة ظاهرة الأشباح التي تعتبر نتيجة لتقصير الإدارة المكلفة بتسيير شؤون قطاع التعليم التي مازالت مصرة على تفادي أي تحرك لتخليص القطاع من تبعاتها ، لا يجد عدد كبير من التلاميذ أساتذة لتدرسيهم ، ففي بعض الابتدائيات لم تجر امتحانات الأقسام النهائية ( القسم السادس) كماهو الحال بالنسبة لمجموعة مدارس الشعبة و مجموعة مدارس أولاد نجيم بجماعة المنابهة بسبب انعدام الأستاذ الذي سيدرس هذا المستوى فاضطر التلاميذ إلى تكرار القسم الخامس . كل ذلك في ظل تركز عدد كبير من الأساتذة من ذوى القربى و المستفيدين من تغطيات المحسوبية بمدارس بعينها مستفيدين من حصص مخففة. و تعيش نيابة مراكش في الأسابيع الأخيرة على إيقاع احتجاجات متوالية لآباء و أولياء التلاميذ الذين تتقاطر وفودهم على مقر الإدارة المذكورة لإيصال غضبهم من تعثر انطلاق الدراسة ببعض المدارس بفعل خصاص الأساتذة . ولا يطالب هؤلاء بشيء آخر غير تحمل إدارة التعليم بالمنطقة مسؤوليتها لتسهر على إعادة الأشباح إلى أقسامهم و الكف عن منح ذوي القربى امتياز العطالة المؤدى عنها شهريا من جيوب المغاربة البسطاء، بل تمتيعهم بترقيات كمجازاة لهم عن «تبطلهم» مقابل إنهاك زملائهم بعدد لا يحتمل من الحصص و إلزام التلاميذ بتحمل تبعات الأقسام المكتظة أو ضرب حقهم في التعليم بسبب انعدام من يدرسهم. وبسبب ظاهرة الأشباح المتفاقمة بالقطاع التعليمي بمراكش ، توجد الإدارة التعليمية بالجهة في مأزق غير مسبوق بعدما تحولت ظاهرة الأشباح إلى «ماركة مسجلة» خاصة بأكاديمية الجهة و النيابات التعليمية التابعة لها . هي علامة تدل على المجهود الذي يبذل لتفريخ الأشباح و ضمان استمرار قتل المدرسة العمومية من خلال أساليب ملتوية تشير إلى مجالات تفريغ «الذكاء الإداري» ابتداء بمنح تكليفات وهمية للقيام بمهام لا تنجز أبدا و لن يسال عنها أحد ، أو تحرير الأستاذ المرشح ليغدو شبحا من التزامه بالمدرسة المعين فيها أصلا بتكليفه بالالتحاق بمدرسة أخرى لن يصل إليها أبدا ، و إغراق المقرات الإدارية للنيابات والأكاديمية والمصالح التابعة لها بموظفين موجودين فقط في قوائم الأجور ولا وجود فعلي لهم في الحياة اليومية للإدارات المذكورة . .. و الغريب في الأمر أن مدير إحدى المؤسسات التعليمية راسل نيابة مراكش والأكاديمية ليخبرها بوضعية مجموعة من الأطر الفائضة لديه التي لا حاجة للمؤسسة لخدماتهم لاكتفائها الذاتي و وضعهم رهن إشارة النيابة، لكنها طبعا لم تحركهم من مكانهم . وضعية الخصاص في الأطر التعليمية المترتبة عن تضخم الأشباح بمراكش جعلت مجموعة من مدراء المؤسسات يطلبون إعفاءهم من مهمتهم بسبب المشاكل اليومية الناجمة عن مواجهة آباء وأولياء التلاميذ الذين لا يجدون جهة يفرغون فيها غضبهم سوى الإدارة التربوية للمدرسة للاحتجاج على تعثر الدراسة بسبب الخصاص . فوجد هؤلاء المدراء أنفسهم في وضعية لا يحسدون عليها بسبب «تلاعبات» ليسوا مسؤولين عنها. هذه السنة تمت الاستجابة لطلبي إعفاء يهم الأول مدير مجموعة مدارس ثلاثاء البور والثاني مدير مجموعة مدارس الشعبة . واضطر عدد من التلاميذ و خاصة بالمناطق القروية إلى التخلي عن مسارهم الدراسي نهائيا و السبب دائما سوء تدبير الموارد البشرية و استفحال ظاهرة الأشباح . بعدما تعبوا من قطع كلومترات طويلة مشيا على الأقدام ليصدموا بفصول بلا أساتذة . هذا وقد لجأت المصالح المعنية لأساليب تزيد الوضع تعقيدا ، منها تلك التي عولج بها خصاص الأستاذ في بعض المدارس بالنسبة لتلاميذ القسم السادس ، حيث يقضي التلاميذ ما يناهز السنة بأقسام بلا أستاذ ، و عندما يقترب موعد الامتحانات بشهر واحد يتم إلحاقهم بالقسم الخامس ، و بناء على ذلك يتم ملء بيانات النقط الخاصة بالمراقبة المستمرة بل و حتى الامتحان الموحد على مستوى المؤسسة ، و بعدها يُدَبَّر أمر الامتحان الإقليمي الموحد بأساليب يعرفها الجميع ! لكن في النهاية فالمحصلة هي منح التلميذ تأشيرة المرور من مستوى تعليمي لا يتوفر عليه ، ليجد نفسه بعد التحاقه بالإعدادي غير قادر على المواكبة فيكون مصيره واضحا .. أما أستاذ المستوى الخامس الذي تكفل بهؤلاء لشهر واحد فيتوصل بمكافأة استثنائية من النيابة هي رسالة شكر .. و كل هذا بسبب لا غبار عليه هو سوء توزيع الأساتذة حيث يجبر التلاميذ على الفشل في مسارهم الدراسي لا لشيء إلا لتمتيع حشد كبير من الأساتذة من حصص مخففة أو تحريرهم نهائيا من الفصل لينعموا بأجر محترم و ترقيات مستمرة بلا عمل و لا مجهود ! ما يقع بمراكش يجعل الإدارة المعنية بتدبير قطاع التعليم أمام خيار دقيق : إما تزكية ودعم الأشباح و تعميق مسلسل إفشال المخطط الاستعجالي وضرب الحق في التعليم لشريحة واسعة من التلاميذ ومواصلة زرع شروط احتضار المدرسة العمومية ، أو التحرك بجدية و سرعة لتطويق الموقف وإنقاذ ما يمكن إنقاذه بإعادة الثقة في نزاهة الإدارة الجهوية للتعليم بشروعها الفوري في اتخاذ إجراءات ملموسة وحازمة لإعادة الأشباح إلى أقسامهم و القضاء على ما يشيع أجواء التذمر في أوساط شغيلة التعليم و تشجيع ما يخلق الأمل في انبعاث جديد للمدرسة العمومية .