سجلت أسعار النفط ارتفاعات قياسية خلال الأشهر الثلاثة الماضية مرتفعاً بما لا يقل عن 10%، بدعم التحركات التي سبقت توصل منظمة «أوبك» إلى اتفاق خلال اجتماع عقد بالجزائر خلال الأيام الماضية. لكن هل يكفي الاتفاق الذي لم تعلن كافة تفاصيله حتى الآن لاستقرار أسواق النفط وتحولها إلى الانتعاش في ظل التحركات الفردية لبعض الدول وخاصة إيران والسعودية والعراق وليبيا ؟ العراق يتجاهل أوبك صباح اليوم الأحد، دعا وزير النفط العراقي، جبار اللعيبي، الشركات المحلية والأجنبية العاملة في العراق إلى مواصلة العمل لزيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي في عام 2017، متجاهلاً ما أعلنته منظمة أوبك قبل أيام بشأن اتفاق النفط الذي من المقرر أن يتم إقراره بشكل رسمي من قبل المنظمة خلال شهر نوفمبر المقبل. وفي تقرير حديث، توقع بنك قطر الوطني، أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها لتسجل نحو 55 دولاراً خلال العام المقبل، على أن تصل إلى 58 دولاراً في عام 2018. وأرجع البنك توقعاته إلى تحليل المعلومات التي أصدرتها الوكالة الدولية للطاقة والتي حذّرت فيها من أن الضعف المتصاعد في أساسيات سوق النفط قد يؤخّر عملية إعادة التوازن لسوق النفط، وربما إلى ما بعد عام 2017، إضافة إلى ما أعلنته منظمة أوبك بشأن اتفاق أعضائها من حيث المبدأ على خفض الإنتاج، وهو أول اتفاق من نوعه منذ عام 2008، ويؤكداستمرار التقدّم المضطرد لعملية إعادة التوازن في السوق. تخمة المعروض وقد أثارت تقديرات وكالة الطاقة الدولية القائلة باستمرار تخمة إمدادات النفط حتى 2017 قلق الأسواق، فانخفض سعر خام برنت بنحو 5% خلال يومين من تاريخ صدور التقرير، كما راجعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب على النفط وخفّضتها بمقدار 0.1 مليون برميل في اليوم لكل من عامي 2016 و2017، وهو ما أرجعه البنك إلى ضعف نمو الطلب من الصين والهند. وفيما يتعلق بالمعروض، لا يزال إنتاج الدول من خارج أوبك في انخفاض حاد.كما انخفض إنتاج النفط الخام في الولاياتالمتحدة بأكثر من 1.1 مليون برميل في اليوم منذ أن بلغ ذروته في أبريل 2015، غير أن هذا الانخفاض قابله ارتفاع أكبر بلغ مستويات قياسية في إنتاج النفط من دول الأوبك، فقد بلغ الإنتاج في الكويت والإمارات العربية المتحدة أعلى مستوياته على الإطلاق، كما أن إنتاج السعودية اقترب من مستواه القياسي، واستمر نمو الإنتاج في العراق، ووصل إنتاج إيران إلى ذروته لفترة ما بعد رفع العقوبات. اتفاق الجزائر ولكن في 28 سبتمبر، فاجأت منظمة أوبك الأسواق بخبر اتفاق أعضائها من حيث المبدأ على خفض الإنتاج إلى نطاق بين 32.5 و 33.0 مليون برميل في اليوم. وبالنظر إلى أن الإنتاج من أوبك قد بلغ 33.5 برميل في اليوم في أغسطس، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإن الحدود الجديدة تستدعي خفض الإنتاج بمقدار 0.5-1.0 مليون برميل في اليوم، في حال تم تنفيذ هذه الحدود. وقد أنعشت هذه الأخبار أسواق النفط، فتجاوز سعر خام برنت حاجز 50 دولاراً للبرميل وارتفع حالياً بأكثر من 10% منذ الإعلان عن الاتفاق. غموض تفاصيل الاتفاق ورغم أن هذا الاتفاق يمكن أن يسرّع عملية إعادة التوازن في سوق النفط، لكن لا يزال هناك عدم يقين بشأن تفاصيله الدقيقة، إذ لا يُتوقع أن تتم المصادقة على الاتفاق قبل اجتماع أوبك المقبل في 30 نوفمبر، وبالتالي يمكن أن يتأخر تنفيذه حتى عام 2017. كما لا تزال هناك قضايا يجب أن تتم مناقشتها والاتفاق عليها فيما يتعلق بالحصص المستقلة لكل بلد، وهي مشكلة شائكة لسببين، أولاً، لا تزال العراقوإيران تطمحان إلى زيادة إنتاجهما، ثانياً، ترغب كل من ليبيا ونيجيريا في رفع إنتاجهما بعد اضطرابات العام الحالي. ضغوط مالية وفي حال تم إعفاء هذه البلدان من تجميد أو تخفيض إنتاجها، سيتعين على أعضاء أوبك الآخرين تخفيض حصص إنتاجهم بقدر أكبر للحفاظ على الإنتاج ضمن الحد المستهدف. وقد يكون ذلك أمراً صعباً نظراً للضغوط المالية التي تعاني منها العديد من دول أوبك. وإلى أن تتم المصادقة على الاتفاق ويتم تنفيذه، فإن توقعاتنا الأساسية هي أن أوبك سوف تُبقي إنتاجها عند المستويات المرتفعة شبه القياسية التي سُجلت في شهر أغسطس. وهذا التوقع يوازن بين التخفيض المشار إليه في الاتفاق وتقديراتنا السابقة بشأن استمرار نمو إنتاج أوبك. وتوقع التقرير استمرار عملية إعادة التوازن في سوق النفط، مدفوعةً في الأساس باستمرار نمو الطلب على الرغم من الزيادة المعتدلة في معروض المنتجين الرئيسيين حول العالم. ولذلك نتوقع أن يبلغ متوسط أسعار النفط 55 دولاراً للبرميل في عام 2017 وأن يستمر في الصعود باتجاه 60 دولاراً للبرميل على المدى المتوسط.