ندد العديد من الخبراء والناشطين الدوليين، يوم الأربعاء بنيويورك، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، بالأشكال المتعددة للإيذاء النفسي والاعتداءات الجسدية والحرمان من حقوق الإنسان الأساسية، التي يعاني منها السكان المحتجزون في مخيمات تندوف. وأعربوا عن أسفهم ل»المأساة التي تضرب منذ أزيد من 40 عاما السكان المحتجزين في ظروف غير إنسانية بالمخيمات، جنوب غرب الجزائر، والذين يعيشون أيضا في ظروف مناخية ومعيشية قاسية.» وانتقد المتدخلون النظام الجزائري وقراراته بتطويق المخيمات بميليشيات، حيث لا يستطيع أي أحد الهروب، تاركين إياهم «يعانون في صمت». وتطرقوا في هذا السياق إلى العديد من حالات الاختفاء والتعذيب على أيدي الانفصاليين، بما في ذلك مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، الذي أعلن صراحة عن تأييده لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب، مضيفين أنه تم عزل ولد سيدي مولود وتعريضه للتعذيب لعدة أيام قبل طرده، تحت ضغط الرأي العام الدولي، إلى موريتانيا. وحذروا من أن مخيمات تندوف أضحت مجالا خصبا للتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية المنتشرة في منطقة الساحل والصحراء، والشبكات التي تعمل في الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة. ودعا المتدخلون إلى تقديم مرتكبي هذه الانتهاكات «الدنيئة» التي يخضع لها على الخصوص النساء والأطفال وكبار السن، إلى العدالة. وتطرقت مداخلات أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الأربعاء، إلى التهديد الذي تمثله البوليساريو على استقرار شمال إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء. وفي كلمة أمام اللجنة، حذر الخبير الدولي في قضايا الأمن، خوسي ماريا خيل غاري، من أن «جبهة البوليساريو تهدد بتفاقم العنف بهذه المنطقة من إفريقيا، التي تعرف سلفا درجة كبيرة من عدم الاستقرار». وذكر في هذا الصدد بأنه خلال العديد من المرات أمام اللجنة ذاتها، حذر العديد من الخبراء والملاحظين الدوليين المحايدين من «التواطؤ الجلي بين البوليساريو وشبكات الجريمة الدولية والتنظيمات الإرهابية.» ولاحظ أن إسبانيا «لم تسلم بدورها من إرهاب البوليساريو»، مشيرا في هذا السياق إلى أنه «بإسبانيا، نحن واعون بالعواقب الوخيمة لتورط البوليساريو في هجمات ضد مواطنين إسبان». وخلص إلى أن «الدولة الاسبانية تعترف اليوم بأن ضحايا البوليساريو هم بمثابة ضحايا للإرهاب». وأكد العديد من المتدخلين أمام اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، الأربعاء بنيويورك، أن مبدأ تقرير المصير ينبغي أن ينظر إليه من زاوية جديدة تراعي التحولات التي يشهدها العالم، مشددين على أن الحكم الذاتي بالصحراء يمثل في الواقع شكلا من أشكال تقرير المصير. وأبرز البروفيسور عبد اللطيف أيدرا، عضو مرصد التهديدات الإرهابية والتطرف والمخاطر الإجرامية، الذي يوجد مقره في دكار، أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي بالصحراء تمثل «شكلا من أشكال تقرير المصير تتلاءم مع الواقع الدولي». وشدد هذا الجامعي على أنها مبادرة «تقر بحق مغاربة الصحراء في تدبير شؤونهم بشكل ديمقراطي»، كما سهلت بالفعل عودة العديد من الصحراويين، الذين كانوا محتجزين في مخيمات تندوف، إلى منازلهم. وبالعودة إلى الأمثلة المؤسفة لما يسمى بتقرير المصير في إفريقيا، قال أيدارا إن «آخر تقرير للمصير أبعد ما يكون عن النجاح»، مشيرا إلى نموذج جنوب السودان، التي تعاني من الحرب الأهلية وشبح الإفلاس. وأضاف أن أفريقيا «لم تعد قادرة على تحمل المزيد من عمليات تقرير المصير المرفوقة دوما بمزيد من انعدام الأمن والحروب». من جانبه، أكد الخبير رافاييل مارتينيز كامبيلو على تفوق الحكم الذاتي والتزام الشعب المغربي والمؤسسات لفائدة هذا الحل «السياسي والذكي والموثوق والمتلائم مع الواقع». ولاحظ هذا الخبير الدولي أن الحكم الذاتي يروم أيضا تحقيق التنمية السوسيو اقتصادية، وتوسيع مجال الحريات، وضمان التنوع والغنى الثقافي للمملكة، مع تأمين مسيرة لا رجعة فيها نحو المزيد من الدمقرطة والحرية، ومبدأ دولة الحق والقانون. ومن جهته، أبرز أفا ماري مارينو، عن (سيتي كوليج أوف نيويورك)، أن الحكم الذاتي يعد «الحل الوحيد القادر على وضع حد لمعاناة الصحراويين». وأوضح أن «البوليساريو تريد، بشكل ملتبس، إظهار أن هذا الحل لا يخدم مصالحها، مما يدل على أن هذه المجموعة لا تسعى، في الواقع، إلا لخدمة أغراضها الأنانية وليس مصالح الصحراويين». من جهة أخرى أدانت رئيسة المنظمة غير الحكومية الأمريكية «تيتش ذو تشيلدرن إنترناشيونال»، نانسي هوف، الأربعاء بنيويورك، بشدة الاختلاس الواسع النطاق للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى ساكنة مخيمات تندوف. وأبرزت هوف، التي كانت تتحدث أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الشكوك بدأت تحوم بين سنتي 2000 و 2007، قبل أن تتيقن من أن المساعدات الإنسانية التي كانت تتكلف بها لا تجد طريقها نحو مخيمات تندوف. وذكرت بأنه في سنة 2014، أكد المكتب الأوروبي لمكافحة الغش شكوكها في تقرير مفصل يشرح كيفية قيام قادة البوليساريو منذ سنوات بتحويل المساعدات وإغراق الأسواق السوداء، «ما تسبب في حنق كبير لسكان مخيمات تندوف». وقالت إن «تحويل المساعدات الإنسانية يكشف علنا مدى فساد قادة البوليساريو التي تبحث عن خدمة مصالحها الخاصة»، ومن خلال هذا المعطى تساءلت «هل هناك مفاوضون يتمتعون بالمصداقية داخل مخيمات تندوف». وذكرت بأن تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الغش يحدد بشكل واضح آليات الانفصاليين لتحويل المساعدات الدولية الموجهة إلى المحتجزين بمخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، إذ اختلس قادة البوليساريو ملايين الأورو كل سنة لإغناء حساباتهم كما استنكر رجل القانون البلجيكي المرموق على الصعيد الدولي، ستيفان رودريغيز، يوم الأربعاء أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، الاختلاس «المتواصل» لقادة البوليساريو وحماتهم الجزائريين للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى سكان تندوف. وعبر عن الأسف لأنه على الرغم من تأكيد العديد من المؤسسات الأوروبية على ضرورة تفعيل تدابير الرقابة والتتبع للمساعدات كما طالب بذلك البرلمان الأوروبي لوضع حد للتهريب والغش، فإن عمليات الاختلاس لا تزال تتم في هدوء، وفقا لآخر التقارير الواردة. وذكر بأنه «خلال عملية مراقبة روتينية للدرك الموريتاني، تم اعتراض بمنطقة الزويرات في المناطق الحدودية مع الجزائر، كميات كبيرة من المواد الغذائية والأدوية قادمة من مخيمات تندوف»، مضيفا أنه «تبين أن المهربين مقربون من قيادة جبهة البوليساريو». وأكد رودريغيز أنه تم تنبيهه بخصوص هذا الموضوع في شتنبر الماضي من قبل جمعيتين تدافعان عن حقوق الإنسان، الإيطالية (بروتيا هيومن رايتس)، ومنتدى الكناري الصحراوي (فوكاسا)، الذي يوجد مقره في إسبانيا، اللذين دعيا إلى توجيه هذه المساعدات مباشرة إلى سكان المخيمات. وذكر المتدخل بأن المفوضية الأوروبية أعلنت في 19 غشت الماضي، أنه خلال الفترة ما بين 2010 و2014، فرضت السلطات الجزائرية ضريبة القيمة المضافة على المشتريات المحلية من السلع الموجهة إلى اللاجئين الصحراويين» وهو ما يعادل مليون يورو.» وأعرب الخبير القانوني عن الأسف أنه «كما لو أن الغش في توزيع المساعدات غير كاف للإساءة لسكان المخيمات». وأشار رودريغيز، في هذا السياق، إلى أن تقرير مكتب مكافحة الغش التابع للاتحاد الأوروبي يؤكد، بما لا يدع مجالا للشك، على وجود اختلاس واسع النطاق، ويسلط الضوء على «الفروع المنظمة والمسيرة من قبل عدد من كبار القادة بالبوليساريو، ودون تدخل السلطات الجزائرية لمنع هذا الغش». وفي هذا الصدد، حثت جمعية الوكالة الدولية للتنمية، وهي منظمة غير حكومية معترف بها من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، المؤسسات الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، على «منع الأشخاص الجزائريين والصحراويين الذين أدانهم تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الغش من الوصول إلى المساعدات الممولة من دافعي الضرائب الأوروبيين، وإطلاق المساطر والإجراءات المناسبة لمحاكمتهم ومعاقبتهم»، و»تحديد كميات المساعدات الإنسانية بشكل أفضل من خلال تسجيل وإحصاء سكان المخيمات». وأشار رودريغيز، في هذا الصدد، إلى أنه تلقى إجابات من رئيس البرلمان الأوروبي ورئيس المجلس الأوروبي، اللذين «أكدا أنهما يتقاسمان انشغالاتنا».