عضو سابق بالبوليساريو يحمل الجزائر مسؤولية المأزق الذي تشهده قضية الصحراء أدان العديد من الخبراء والفاعلين الجمعويين، أول أمس الثلاثاء بنيويورك، في إطار اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، اختلاس البوليساريو، تحت أنظار حاميتها الجزائر، للمساعدة الإنسانية الموجهة لساكنة مخيمات تندوف، داعية المجموعة الدولية إلى التدخل الفوري ضد هذه الفضيحة. وقدم المتدخلون شهادات قوية حول تورط البوليساريو في تحويل المساعدات الإنسانية الموجهة إلى الصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف على نطاق واسع، لتنتهي في آخر المطاف في حسابات قادة البوليساريو، بتواطؤ مع النظام الجزائري. واعتبر إيريك كاميرون عن منظمة "وورلد أكشن فور ريفيجيز" أنه "لسوء الحظ، يتم انتهاك حقوق الصحراويين بمخيمات تندوف من قبل أولئك الذين من المفروض أن يحمونهم"، مذكرا بالخلاصات الصادمة لمكتب مكافحة الغش للاتحاد الأوروبي. وأشار إلى أن هذه التقارير كشفت التحويلات المكثفة للمساعدات الإنسانية، التي تتدفق على الأسواق المحلية أو يتم تهريبها بشكل منهجي منذ سنة 1990. وأبرز كاميرون أن البوليساريو تلجأ إلى تضخيم أعداد الأشخاص الذين يعيشون في المخيمات من أجل الحصول على أكبر قدر من المساعدات، متهما قادة البوليساريو بفرض الحصار على هذه المخيمات، ورفض أي إجراءات لإحصاء أو تسجيل هؤلاء المدنيين، لأن "تحديد عدد ما يسمى باللاجئين هام جدا لكشف الحقيقة". وأشار من جانب آخر إلى أنه "من صالح البوليساريو فرض مراقبة صارمة على هذه المخيمات، التي تحرم ساكنتها من حقوقها في حرية التعبير والتجمع والتنقل، وكذا في الحصول على المواد الغذائية بكميات كافية". واعتبر الخبير الدولي في مجال حقوق الإنسان، نيكوس ليغيروس، أن هذه الفضيحة تثبت، في الواقع، الطبيعة الإجرامية لجبهة البوليساريو، خصوصا بعد رفضها المنهجي وغير المفهوم السماح بإحصاء ساكنة تندوف كما أوصت بذلك المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وأضاف أن "الفضيحة التي كشف عنها المكتب الأوروبي لمكافحة الغش يقودنا إلى التساؤل حول العدد الحقيقي لما يسمى ب(اللاجئين الصحراويين) وما إذا كان هؤلاء يعتبرون أن البوليساريو ممثلهم الحقيقي". وفي نفس الاتجاه، أشار ستيفان رودريغيز، من هيئة محاماة بروكسل، إلى أن "محققي المكتب الأوروبي لمكافحة الغش الذين اشتكوا مرارا وتكرارا من رفض البوليساريو السماح بدخول المنظمات الإنسانية أو الإشراف على خدمات التوزيع واللوجستيك، طالبوا الأممالمتحدة والسلطات الأوروبية بضرورة معرفة على وجه الدقة عدد الأشخاص الذين يحتاجون حقا لهذه المساعدات ". وحسب رودريغيز، فإن غياب مثل هذا الإحصاء يضر بالصحراويين المحتجزين بمخيمات تندوف التي توجد تحت وصاية الجزائر في انتهاك صارخ لأبسط حقوقهم في المساعدة والكرامة الإنسانية. من جانبه، أشار إبراهيم الأحمدي إلى أن "على السلطات الجزائرية أن تتحمل كامل مسؤوليتها بعد فضائح اختلاس أموال المساعدات الدولية"، مبرزا أن قادة البوليساريو يبذلون قصارى جهدهم لمنع أي حل نهائي لهذا النزاع الإقليمي. من جهته، اتهم حمادة البيهي، باسم المنتدى الاجتماعي للتنمية البشرية بالعيون، قادة البوليساريو باستخدام المساعدات الانسانية "كتجارة مربحة" على الرغم من سوء التغذية التي يعاني منها ساكنة المخيمات التي عاش فيها إلى غاية سنة. وفي سياق متصل، حمل أحمدو احمين، قاضي سابق بما يسمى "المحكمة العسكرية" للبوليساريو بتندوف، مسؤولية المأزق الذي تشهده قضية الصحراء إلى مناورات الجزائر الرامية إلى نسف كل تسوية ممكنة وإدامة النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية إلى ما لا نهاية. وأوضح احمين، في كلمة أمام اللجنة الرابعة، أن تجربته الطويلة كقاض تحت قيادة البوليساريو مكنته من التوصل إلى خلاصة مفادها أن حل النزاع يوجد في يد الجزائر، معربا عن الأسف لكونها اتخذت من "التهرب" استراتيجية لمعالجة هذه القضية. ولاحظ أنه "إذا كانت سلطة اتخاذ القرار بمخيمات تندوف بين يدي الصحراويين، فإن قضية الصحراء كانت ستجد طريقها إلى الحل منذ سنوات عديدة"، لافتا إلى أن "البلد الذي يحتضن المخيمات لا يريد التوصل إلى تسوية، لأن استدامة النزاع تدخل ضمن استراتيجيته للابتزاز". بهذا الصدد، أدان احمين إقصاء "العنصر الصحراوي" من معادلة النزاع، مؤكدا أن غياب التسوية يعد نتيجة طبيعية لهذا الإقصاء، ومعربا عن الأسف لكون الأشخاص المعنيين بالنزاع لم تتم استشارتهم أو اللجوء لمساهماتهم في القرارات التي تهمهم بشكل مباشر. وبعد أن أشار إلى تجربته ب "المحكمة العسكرية" للانفصاليين، ذكر احمين، الذي التحق بأرض الوطن قبل عدة أشهر، أنه خلال مساره الطويل، كان مجبرا على تنفيذ أوامر قيادة البوليساريو، تحت طائلة إيقاع عقوبات صارمة في حقه وفي حق عائلته. وقال أمام العشرات من ممثلي الدول والمنظمات غير الحكومية والمتدخلين .. "لقد كنت رهينة لقادة البوليساريو ومن يحركونهم"، مضيفا أن هذا الوضع جعله يندم كثيرا لدرجة أنه "فضل أن يكون وراء القضبان".