بين أعمدة الأطلس وأروقة برلين .. شراكة اقتصادية تولد من رحم التحديات    مندوبية التخطيط: تراجع قيم الواردات مدفوع بانخفاض أسعار الطاقة والمواد الغذائية    توجيه الاتهام إلى ثلاثة رجال في قضية خطف معارض للنظام الجزائري في فرنسا    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بنسعيد: المغرب يخطو بثبات نحو الحداثة والتقدم    أمسية فنية استثنائية للفنان عبد الوهاب الدكالي بمسرح محمد الخامس    رغم قرار المقاطعة... استنفار أمني كبير يحيط بمركب محمد الخامس قبيل مباراة الديربي بين الوداد والرجاء    فتح تحقيق تقني جراء حادث سقوط طائرة بفاس    ‪المغرب يبادر إلى تصدير أول "شحنة بلدية" من غلة القنب الهندي الطبي    مناهضو التطبيع يدعون لمسيرة شعبية في اتجاه ميناء البيضاء رفضا لرسو "سفن الإبادة"    انتشار أمني يواكب "ديربي البيضاء"    منع الدوزي من دخول أمريكا رغم دعوة رسمية من جامعة هارفارد    تزامنا مع المعرض الدولي للكتاب.. قضايا الصحافة والخطأ القضائي والعدالة الرقمية في صلب اهتمامات العدد الجديد من مجلة "محاكمة"    التكنولوجيا تفيد في تجنب اختبار الأدوية على الحيوانات    "واتساب" تطلق 12 ميزة جديدة لتحسين الأداء وسهولة الاستخدام    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    إقليم الحسيمة.. هزة أرضية بقوة 4.0 درجات تضرب تارجيست    حزب المغرب الحر يعزز وجوده في مدينة العرائش من خلال تأسيس فرع محلي جديد    غموض يكتنف انتشار شائعات حول مرض السل بسبب الحليب غير المبستر    تداولات بورصة الدار البيضاء تتخطى حاجز 4 مليارات درهم    تشريح ثلاثي يفجر مفاجأة في وفاة الممرضة فاطمة الزهراء بخنيفرة    عبد الصمد المنصوري يحصل على شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا    أهازيج الرمال توحد القلوب في محاميد الغزلان    بحضور سفير الهند.. الإخوة بلمير يطلقان فيديو كليب 'جاية'    الصناعة التقليدية بإقليم العرائش في قلب تنظيم المغرب لكأس العالم 2030 سبل النهوض وتجاوز الإكراهات والمعيقات التحديات والفرص    مدرب المنتخب الإسباني: حظوظ ريال مدريد لا تزال قائمة لتحقيق ريمونتادا ضد أرسنال    مسؤول بوزارة الاتصال: المنصات الرقمية الدولية تحظى ب7 مليارات درهم من الإشهار المغربي    عودة الديربي إلى "دونور": ملعب محمد الخامس يحتضن الكلاسيكو البيضاوي بعد الإصلاحات    المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم داخل القاعة يفوز وديا على نظيره الصيني (8-0)    ميسي يقترب من تجديد عقده مع إنتر ميامي    الغابون تفتح مراكز الاقتراع الرئاسي    باعة إيرانيون جوالون يتلمسون الأرزاق في جنوب العراق    فرنسا توجه الاتهام لموظف في قنصلية جزائرية باختطاف أمير ديزاد.. قنبلة دبلوماسية في قلب باريس    فراقشية الصحافة.. من يوقف هذا العبث؟    "كارولينا الجنوبية" تواصل تنفيذ أحكام الإعدام بالرصاص    عشرات الجيوش تلبي دعوة المغرب وأمريكا للمشاركة في "الأسد الإفريقي"    الولايات المتحدة وفرنسا تمران للسرعة القصوى بتنسيق مع المغرب لإغلاق ملف الصحراء المغربية بشكل نهائي    كيوسك القناة | جيتكس إفريقيا المغرب.. نسخة ثالثة كبرى لبناء مشهد رقمي إفريقي    العيون .. حرق وإتلاف كمية مهمة من المخدرات و الأقراص المهلوسة    العصبة المغربية لحقوق الإنسان تراسل وزير الداخلية بشأن حرمانها من وصل الإيداع    الوداد يحتفل بمشاركته في مونديال الأندية بمهرجان فني    ترامب يستبدل صورة أوباما في البيت الأبيض بلوحة تظهره وهو ينجو من محاولة اغتيال    الوداد الرياضي يستقبل درع كأس العالم للأندية بحفل في الدار البيضاء    تونس: عريضة تطالب قيس سعيد بالتنحي وتحذر من خطر انهيار الدولة    حملة أمنية واسعة بطنجة لمواجهة الجريمة وتعزيز الشعور بالأمن        الدرهم يرتفع بنسبة 3% مقابل الدولار بين فبراير ومارس 2025    الذئب الرهيب يعود من عالم الانقراض: العلم يوقظ أشباح الماضي    شراكة بين "اتصالات المغرب" و"زوهو"    الدول المنتجة للنفط في مأزق.. أسعار الخام تهوي لأدنى مستوى منذ الجائحة    الذهب يرتفع ويسجل مستوى قياسيا جديدا    السلطات الصحية بجنوب إسبانيا تتأهب لمواجهة "بوحمرون" القادم من شمال المغرب    سلطات مليلية تحتجز كلب "مسعور" تسلل من بوابة بني انصار    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدل والاحسان من جديد

يوم كانت الأحزاب الديمقراطية تناضل في المعارضة من أجل بناء دولة المؤسسات وترسيخ معالم تعددية سياسية حقيقية وإعلاء شأن القانون، خرج عبد السلام ياسين عن صمته ووصف هذه الأحزاب بأنها «مجرد مقاولات سياسية».
هذا التصريح شكل صدمة للنخب السياسية، لكنها ما انفكت تدافع عن تأمين حرية عبد السلام ياسين في التعبير عن أفكاره، وظلت تفرق بين مظاهر الاختلاف الفكري والإيديولوجي، وبين الالتزام المبدئي بالدفاع عن القيم المشتركة.
مناسبة التذكير بهذه الوقائع أن جماعة العدل والإحسان ظلت تقدم نفسها دائما على أساس أنها مظلومة وتتعرض للقمع ولا يسمح لها بالتعبير عن وجودها، إلا أنها في ذات الوقت لم تكلف نفسها أبدا عناء القيام بما يتطلبه العمل المشروع، ودأبت تروج لخطابين متناقضين أحدهما موجه للاستهلاك الخارجي، خصوصا الهيئات الدبلوماسية الغربية، مفادها أنها ترغب في أن تتحول إلى حزب سياسي مشروع يركز على رفض منظومة القواعد الديمقراطية في جوهرها، وهو موجه للاستهلاك الداخلي، حيث ترفض الدساتير والانتخابات والمؤسسات التشريعية صراحة.
بين هذا وذاك، ما فتئت الجماعة تقوم بشيء واحد ألا هو اغتنام أية فرصة لعرض عضلاتها في المظاهرات، سواء كان ذلك من أجل القضية الفلسطينية أو نصرة العراق، بل إنها اتخذت من دعوة شباب الفيسبوك لتظاهرات 20 فبراير، حصان طروادة.
لم تطرح عبر أدبياتها أسئلة حول ما يريده هؤلاء الشباب وحول سقف مطالبهم الإصلاحية التي تعتبر عادية في سياقها التاريخي والمجتمعي، ولم تتحدث عن نقاط اختلافها أو اتفاقها معهم، بل سارعت، منذ الإعلان عن تلك التظاهرات، إلى التأكيد أنها ستشارك فيها، ولعلها المرة الأولى التي تشارك فيها الجماعة في تظاهرات من غير تلك التي تحظى بالإجماع حول قضايا عربية صرفة. أما السبب في ذلك فيعود أساسا إلى كونها تزعم لنفسها دورا ليست مؤهلة للقيام به، أي دور قيادة موجة الاحتجاجات، يقينا منها عن خطأ أو صواب، أن المناسبة حانت للانتقام من الأحزاب الديمقراطية ومن المجتمع المتنور الذي لا يسايرها في طروحاتها الغيبية.
وإذا حدثت تراجعية مكونات حركة 20 فبراير عن دعواتها إلى التظاهرات، بعد أن تأكدت من أن الرسائل وصلت، فلا شك أن الجماعة ستغامر وحدها بالدعوة إلى تظاهرات. من جهة لأنها لا تريد لهذه الحركة أن تقف عند السقف الواقعي الذي عبرت عنه، وستظل تدفع في اتجاه إشاعة الفوضى وعدم الاستقرار. ومن جهة ثانية لأنها ستجد نفسها مضطرة لخوض معركتها الخاسرة بنفسها، بعد أن تخلى عنها المجتمع.
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن «البلطجية» الذين يستغلون الانفلات الأمني لممارسة أعمال السرقة والنهب وإضرام الحرائق وإتلاف الممتلكات، غير أن أحدا لم ينتبه إلى أن هناك «بلطجية» من نوع آخر، يحترفون اللااستقرار من أجل إثارة الفتن وتفكيك المجتمعات وتقسيمها إلى طوائف وملل.
جماعة العدل والإحسان، بحكم تكوينها وطبيعة تفكيرها وغموض رؤيتها، لا تختلف كثيرا عن مثيري الشغب. فهي لو كانت تسعى إلى العمل المشروع المنظم، لجربت حظها في التحول إلى حزب سياسي مشروع. وهي لو كانت لا تنزع إلى استغلال الدين في قضايا وملفات اقتصادية واجتماعية محضة، لأبعدت نفسها عن تظاهرات لم تتضمن أي شعار من ذلك الذي يرفعه المنتمون إليها.
المسافة طويلة ومتباعدة بين الأفكار التي تطرحها حركة 20 فبراير على اختلاف مشاربها، وبين المرجعية الظلامية لجماعة العدل والإحسان. كما أن خلافاتها مع التيارات اليسارية بادية للعيان. ومع ذلك، فإنها لم تشأ أن تركن لهذه التناقضات الجوهرية، واعتمدت على خلاف ذلك منهجية التظاهر لممارسة ضغوط دينية وسياسية على كل من يخالفها الرأي. فهي أولا وأخيرا لا تقيم وزنا للاختلاف، بل إنها لا تؤمن به، وكل ما تريده من وراء تأجيج الشارع هو أن تصبح معادلة في الواقع الوطني.
لا يوجد قانون أو أعراف يحرم أية جماعة أو تيار من أن يكون له المكان الذي يستحقه في المشهد السياسي، أو حتى الحقل الديني، شريطة عدم الخروج عن إجماع الأمة، والالتزام بالقوانين المنظمة للمجتمع والدولة. أما السباحة ضد التيار، فقد جربتها جماعة العدل والإحسان منذ سنوات ولم تؤد إلى أية نتيجة، سوى المزيد من العزلة وتراكم الأوهام.
الشارع المغربي مسلح بما يكفي من الوعي الذي يجعله يميز بين النوايا الحسنة ونقيضها، الذي لا يسلم من الخلفيات السيئة. وليست هناك أية جهة يمكن أن تفرض عليه الوصاية. فهو سيد نفسه وقراراته. يعرف ماذا يريد وكيف يحقق طموحاته المشروعة من خلال استنهاض ترسانة المكتسبات، وليس الإجهاز على كل ما تحقق من إيجابيات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.