تبذل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل محاولات لاستعادة ثقة الناخبين المستائين من تدفق اللاجئين وتورط ألمانيا العميق في الأزمات الدولية، حيث تلمح المستشارة إلى إحداث تخفيضات ضريبية ومحاولة توسيع قاعدة حزبها من خلال الحصول على المواطنين الألمان من ذوي الأصل التركية. قبل أقل قليلاً من عام على إجراء الانتخابات الاتحادية القادمة، طرحت ميركل خلال مقابلة تلفزيونية عدة أسئلة بشأن تردد شرق أوروبا في قبول اللاجئين المسلمين، والعلاقات مع تركيا والعقوبات المفروضة ضد روسيا واستفتاء المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي، وفي كل مرة، كانت تتراجع قليلاً. وتسعى إلى تقديم نفسها وكأنها تحكم السيطرة وتقدم سياساتها باعتبارها السبيل الوحيد للحفاظ على الاستقرار. وفي مواجهة تحد شعبوي من «حزب البديل لألمانيا»، واستطلاعات الرأي التي تشير إلى أن نصف الألمان لا يرغبون في ترشيح ميركل مرة أخرى، عادت المستشارة الألمانية مرة أخرى هذا الأسبوع إلى تنظيم حملتها في «شفيرين»، عاصمة ولاية «مكلنبورج-فوربومرن»، وطنها السياسي وواحدة من ولايتين ستشهد انتخابات الشهر القادم، ثم تستأنف ميركل جهودها الدبلوماسية الأوروبية في وقت لاحق هذا الأسبوع مع القيام بزيارتين منفصلتين للقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، في إطار استعدادات قادة الاتحاد الأوروبي لعقد أول قمة من دون المملكة المتحدة في «براتيسلافا»، عاصمة سلوفاكيا، في 16 سبتمبر. تلقت ميركل دعماً من وزير المالية «فولفانج شويبله» في دحر حزب «البديل من أجل ألمانيا» المناهض للهجرة، الذي تشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيحصل على نحو 20 في المئة من الأصوات في ولاية «مكلنبورج فوربومرن». وفي مناسبة عامة في برلين، التي من المقرر أن تجري انتخابات الولاية بعد أسبوعين، حث «شويبله» الناخبين الألمان على مقاطعة «الديماغوجيين (الخطباء الشعبويين) الراديكاليين» في كل من اليمين واليسار، كما استضافت ميركل في مقر المستشارية «جيروم بواتينج»، لاعب كرة القدم الذي فاز بلقب أفضل لاعب هذا العام، والذي أخبرها أنه واجه مشاكل عندما كان طفلاً بسبب لون بشرته. وقد انخرط «بواتينج»، الذي ولد في برلين من أب غاني، في السياسة في شهر مايو عندما أشار سياسي من «حزب البديل لألمانيا» إلى أن الناس لا يحبون أن يكون «شخص مثله» جاراً لهم. ميركل تتأهب لحشد تأييد الجماهير، وهو ما بدا واضحاً في انفتاحها على تخفيضات ضريبية بعد الانتخابات القادمة، وحث وزير المالية «شويبله» ووزير الاقتصاد «سيجمار جابرييل»، اللذان يرأسان «الحزب الديموقراطي الاجتماعي»، شريك ميركل في الائتلاف الحاكم، على تخفيف عبء الضرائب، وذلك خلال تصريحات يوم الأحد، ما يدل على وجود ضغط متزايد لتوزيع ثمار الموازنات المالية في ألمانيا. ويخطط نواب من الكتلة التي يقودها «الحزب الديموقراطي المسيحي» بزعامة ميركل للتجمع يوم الخميس للتخطيط للاستراتيجية الانتخابية، مع وضع قضايا اللاجئين وأوروبا والاقتصاد على جدول الأعمال. وفي حين أن ميركل ودعم حزب الاتحاد «الديموقراطي المسيحي» يشهدان تراجعاً في استطلاعات الرأي في خضم أزمة اللاجئين، إلا أن كتلتها ما زالت تتقدم على «الديموقراطيين الاشتراكيين» بنحو 13 نقطة مئوية في استطلاعات الرأي الوطنية. ومن جانبها، قالت ميركل إنها ترحب بالنقاش حول الضرائب، وأشارت إلى أنها ستتخذ موقفاً في الربيع المقبل عندما تحصل على بيانات موازنة عام 2016. وأكدت قائلة: «سأشعر بالشجاعة إذا ما أظهرت الموازنة دلائل صحية في الربيع المقبل. والآن دعونا أولاً نحقق توازناً في الموازنة»، كما أعلن «شويبله» عن تأييده الواضح لإحداث تخفيضات ضريبية في الفترة التشريعية المقبلة، وقال إن دعوة زميل له في الحزب لتخفيض الضرائب بنحو 15 مليار يورو (17 مليار دولار) سنوياً هي «الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، وأنه اتفق معي». وفي ظل علاقات متوترة مع تركيا بعد حملة القمع التي قام بها أردوغان في أعقاب انقلاب عسكري فاشل، دافعت ميركل عن اتفاق اللاجئين، الذي تم إبرامه بين الاتحاد الأوروبي وتركيا واستطاعت التواصل مع الناخبين من أصول تركية. وفي هذا الصدد، قالت لتليفزيون «إيه. أر. دي»: «إنني مستشارتهم أيضاً»، وحثتهم على المشاركة في مستقبل ألمانيا، ورداً على سؤال حول ما إذا كانت ستسعى للترشح لولاية رابعة في العام القادم، لم تلتزم ميركل برد وقالت: «سأخبركم بذلك في الوقت المناسب». محلل سياسي أميركي أرين ديلفز