حين تقول غالبية ساكنة الدارالبيضاء، إن «استقرار المدينة أصبح مهددا بفعل التسيير المختل لشؤونها» لم يكن ذلك عبثا، بل جاء مبنيا على وقائع وأدلة خالية من كل لبس أو افتراء مجاني. فقد صرح بعض المحتجين في الأسبوع الماضي للجريدة أن «العديد من مسيري هذه المدينة التي تعتبر قاطرة اقتصادية للوطن، آخر شيء يفكرون فيه هو مصلحة الساكنة، بدليل أن عدة مشاريع معطلة بجل المقاطعات الموجودة بالمدينة، بالاضافة إلى إهمال شبه تام للبنية التحتية». و«إذا ما حاولنا يضيف هؤلاء البحث عن الوسائل التي سُخرت لهؤلاء المسيرين نجدها أكثر من كافية لتسيير بلد بكامله وليس مدينة فقط»! وللاقتراب أكثر من واقع تدبير الشأن المحلي البيضاوي، لابد من إطلالة على جوانب من «الهيكلة القائمة». فكما هومعروف لمجلس المدينة 7 لجان، ولكل لجنة رئيس ونائبه، ومُنحت لكل رئيس لجنة سيارة ومبلغ شهري 2000 درهم واحب المحروقات، أيضا لكل نائب رئيس لجنة سيارة مع نفس المبلغ الشهري (وهو 2000 درهم)! بمعنى أن هناك 14 سيارة اكتراها رئيس الجماعة الحضرية ويؤدي واجب هذا الكراء من المال العمومي، كذلك مبلغ 2000 درهم يؤدى في بداية كل شهر ل 14 منتخبا مسؤولا في التسيير، أي أن 2000 درهم 14 مرة للشهر الواحد، وللمرء كامل الحرية في وضع عملية حسابية لمعرفة مصاريف السنة الواحدة، ثم بعد ذلك مصاريف ولاية هذا المجلس، مع إمكانية مضاعفته مرتين لمعرفة كم بُذر من أموال اليبيضاويين ! ولم يكن عبثا أن تحمل لافتات المحتجين طلب «مغادرة ساجد، وصَحْبه، وابتعادهم عن شؤون مدينتهم، لأنهم لم يعودوا قادرين على احتمال وتحمل المزيد من الهدر»! إن التسيير الحالي ساهم في تأجيج احتجاجات ساكنة الدار البيضاء في مختلف مقاطعاتها، لأن المشاكل كثيرة والاصلاحات قليلة والحلول منعدمة: «اختلالات سوق الجملة للخضر والفواكه أصبحت معروفة عند الجميع ، وكذا أسماء أصحابها»، تفويتات «فالصو» لشركة ليدك، شركات النظافة، شركات اللوحات الاشهارية... قطاع النقل الحضري كله مشاكل رغم ما ضُحت فيه من أموال، مرافق عمومية مُنحت لأثرياء ليزدادوا ثراء عوض منحها لمجموعة من المقاولين الشباب، المحطة الطرقية أولاد زيان، مثلا، والتي تغيرت العديد من ملامحها الأصلية الموجودة في دفتر التحملات، حيث أضاف إليها من رست عليه صفقة كرائها، والتي لا تتجاوز حسب بعض المصادر 600 مليون سنتيم، ومردوها المالي يفوق المليارين، العديد من المحلات بالمركز التجاري وبمدخلها وتم تحويل عدة مرافق عمومية إلى محلات تجارية أو مطاعم صغيرة! أما الأسواق النموذجية فتلك حكاية أخرى، حيث لم تعد خاصة لحل مشكل «الفراشة» والباعة الجائلين وأصحاب العربات، بل «فُوتت» غالبية المحلات لأسماء معينة، منهم موظفون، رياضيون بعض المستشارين (مقاطعة مرس السلطان نموذجا)! ونعود مرة أخرى إلى رؤساء اللجن أو نوابهم لإعطاء مزيد من الأمثلة، فنائبة رئيس إحدى اللجن زيادة على حصولها على السيارة ومبلغ 2000 درهم لمحروقات سيارتها، جاد عليها الرئيس بتدخله لدى الجهات المسؤولة لمنحها التفرغ من عملها بالتعليم، علما بأن قطاع التعليم بجهة الدار البيضاء يعاني من نقص فظيع في الأساتذة، أكثر من ذلك تم منحها تفويضا لتمثيل الرئيس في المجلس الاداري للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين! وإذا كان سبب حصولها على هذا التفرغ من أجل تمثيل الرئيس في المجلس الاداري للاكاديمية، فإن هذا الأخير لا يجتمع يوميا، بل في بداية الموسم الدراسي وفي نهايته! إنها مجرد نماذج تشكل عناوين ل«التدبير» غير الرشيد المنتهج من قبل الماسكين بزمام «الشأن المحلي» على صعيد العاصمة الاقتصادية!