مع انتشار خبر اعتقال قياديين بارزين بجماعة التوحيد و الاصلاح بتهمة الخيانة الزوجية و الرشوة بعد ضبطهما في حالة تلبس بسيارة قرب شاطئ بمنطقة المنصورية ، تعمدت عدم التعليق على الخبر أو كتابة أي شيء بخصوصه ، لاعتبارات متعددة ، منها ضرورة الانطلاق من البراءة كأصل و انتظار ما سيقرره القضاء بخصوص هذه الواقعة من جهة ، و الإيمان بحرية الأشخاص في ممارسة حياتهم بالشكل الذي يريدون ما دام ليس في ذلك مساس مباشر بحياة و حريات باقي الاشخاص أو سلامتهم الجسدية من جهة ثانية ، و نزوع شخصي صوب تجاوز زلات الآخرين و عدم اقتناص الفرص في مجتمع لا يرحم ، للتشهير بالآخر و النيل من شرفه و سمعته خاصة عندما يرتبط الامر بأخطاء ذات صبغة أخلاقية من جهة ثالثة .. لكن ، و بتواتر التعليقات و ردودها من اطراف متعددة بخصوص حيثيات الخبر و تبعاته ، توقفت مليا عند مسألة جوهرية لم يكن من الممكن المرور عليها مرور الكرام ، بالنظر إلى خطورة حمولتها الايديولوجية و القانونية ، و ثقل تأثيرها على سلوك فئة كبيرة داخل المجتمع المغربي .. يتعلق الأمر بوجه بشع من اوجه الدفاع عن القياديين بجماعة التوحيد و الاصلاح ، التي و إن أصدرت بلاغا ملتبسا ينهي علاقتهما بها ، فإنها عملت من باب نصرة أعضائها على تصريف موقف آخر بلباس ديني صرف و بأقلام موجهة للقول بواقعة الزواج العرفي بين المسميين عمر بن حماد و فاطمة النجار و بالتالي إضفاء طابع شرعي على الفعل المرتكب من قبلهما في محاولة ملتبسة هي الأخرى لخلط العديد من الأوراق ، و ترك الباب مشرعا أمام إمكانات توظيف سياسوي جديد لجناحها السياسي المتمثل في حزب العدالة و التنمية انطلاقا من نظرية المؤامرة و هواية التباكي عند كل محطة انتخابية .. لا يخفى على أحد ، حتى لا نكون متحاملين على الجماعة و قيادييها المتابعين بتهمة الخيانة الزوجية ، بأن العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج هي أمر واقع داخل مجتمعنا ، و أن بحثا إحصائيا دقيقا سيخلص لا محالة أن أولى التجارب الجنسية لشريحة كبيرة من الشباب تبدأ في مرحلة التعليم الثانوي أو الجامعي على أبعد تقدير ، و بالتالي تصبح عملية شرعنة تصرف قياديي التوحيد و الاصلاح ، على كبر سنهما ، بمبرر وجود زواج عرفي يجمعهما على سنة الله و رسوله ، أمرا ذي خطورة كبيرة ستكون له و لا شك عواقب كبيرة ارتباطا بمؤسسة الزواج في مغربنا العزيز . ذلك أن منطلق التربية المحافظة ببلادنا ، في شقه المرتبط بكل ما هو أخلاقي ، الرامي إلى تقويم سلوك الناشئة و تجنيبها كل ما من شأنه المساس بنظام الاسرة في شكلها الحالي ، لا يحول دون قدرة الناشئة على الالتفاف على كافة النصوص المحذرة من العديد من التصرفات و المانعة للكثير منها ، و طرح الكثير من الوقائع لتبرير أي تجاوز للنص المانع ، و إن نفسيا للهروب من تأنيب الضمير الذي لا يلبث أن يستسلم نهائيا أمام تكرر الفعل و تحوله إلى حق مكتسب ... هنا ، و مع هرولة أتباع الجماعة و جناحها السياسي ، رغم بيان الأخيرة و تدوينة رئيسها ، صوب التبني المدروس لواقعة الزواج العرفي بين القياديين البارزين بجماعة التوحيد و الاصلاح ، نكون أمام مبرر ذي حمولة نفسية مثيرة في علاقة بالنص الديني و بحث المواطنين المستمر عن الفتوى المحددة لشرعية الفعل من عدمه ، إذ سيجد عامة الناس ، و منهم شريحة كبيرة من الشباب ، خاصة منهم المنتمين للجماعات المستغلة للدين ، الباب مشرعا أمام علاقات جنسية خارج مؤسسة الزواج بمفهومها القانوني ، إنطلاقا من الزواج العرفي كدخيل جديد على مجتمعنا المغربي و كفعل مستورد شأنه شأن العديد من السلوكيات و التصرفات القادمة من الفكر الإخواني بشرق عالمنا العربي كما هو الحال بدولة مصر التي أصبح فيها الزواج العرفي إشكالا حقيقيا يقض مضجع الدولة قبل الأسر .. الخطورة تكمن في تجاوز النص المنظم لفعل الزواج بما يترتب عنه من حقوق و واجبات قانونا ، و الدخول في دوامة الزواج العرفي في صورته السرية التي لا شك تشكل حلا سريعا للعديد ممن يحول الخوف من الفضيحة دونهم و دونهن من ممارسة حياتهم الجنسية خارج مؤسسة الزواج . و لعل من يتخذون من قياديي التوحيد و الاصلاح قدوة سيعتبرون سلوكهم و دفاع البعض عنهم بالحديث عن الزواج العرفي ، فتوى كاملة الاركان تسمح لهم بتجاوز كافة الاعراف و القوانين المغربية بالدخول في انماط زواج دخيلة على مجتمعنا بغطاء ديني صرف لا يمتثل لسلطة القانون و لا يعترف بكافة الإجراءات القانونية اللازمة لاستيفاء كافة أركان الزواج الصحيح طبقا لمدونة الاسرة .. الأمر هنا ، إن لم يكن واقعا خفيا تحترفه الجماعة من خلال اتباعها في صمت ، فهو بحق جرس إنذار حقيقي يكشف طبيعة الافكار التي يؤمن بها أمثال عمر بن حماد و فاطمة النجار ممن يستغلون الدين ليل نهار لتحقيق اغراض مختلفة في غفلة من مريدي جماعتهم و بسطاء الناس اللذين يسهل النصب عليهم بإسم النص الديني في غياب تام للعقل و المنطق في التعاطي مع قضايا المعيش اليومي .. قد يقول قائل بأن الامر ليس بهذه الصورة السوداء ، لكننا نؤمن حقيقة بأن بعض الأحداث الصغيرة عادة ما تكون سببا في الكشف عن قضايا كبيرة و خطيرة لم يكن المجتمع لينتبه لها لولا ذلك الحدث الصغير .. تذكرون فيلم عادل إمام المعنون بالنوم في العسل ؟ لقد اختار عمر و فاطمة فضاء خارج أسوار المنزل لاقتناص بعض لحظات المتعة ، لأسباب وحدهما يعلمان كنهها ، رغم كبر سنهما و موقعهما كقياديين بجماعة التوحيد و الاصلاح المستغلة للدين صباح مساء ، و اختارت جماعتهما سلوك طريقين في التعاطي مع سلوكهما هذا من باب فصل علاقتهما بها من جهة و الدفع بالأتباع ، سرا ، للدفاع عنهما بالحديث عن زواجهما العرفي من جهة ثانية .. تريدون حقيقة النوم في العسل ؟ الجماعة و قيادييها أخذوا لأنفسهم العسل و تركوا النوم لعقول معطلة لا يرغب أصحابها في التفكير ، و لو قليلا ، للوقوف عند الوجه البشع لهؤلاء المتلاعبين بالدين و المتاجرين به . تلكم هي الحقيقة .