يعتبر الحق في العطلة بالنسبة للأطفال واليافعين والشباب، مسالة لا تخلو من اهمية في حياتهم والمساهمة في تكوينهم وتعلمهم مبادئ الحياة والعيش المشترك، كما تعتبر فضاءات التخييم مكملة لدور الاسرة والمدرسة في التنشئة الاجتماعية ومكون اساسي للمنظومة التربوية لا يمكن الاستغناء عنها. في المغرب فقط طفل واحد من ثلاثين طفلا يذهبون الى المخيمات التي تنظمها وزارة الشباب والرياضة بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم, من مجموع ستة ملايين طفل الذين هم في سن التخييم . لقد جاءت فكرة الرفع من عدد المستفيدين من المخيمات الصيفية انطلاقا من ملاحظة ومعاينة العجز البين الذي كان يطبع عملية التخييم سابقا حيث كان عدد المستفيدين بعيدا جدا عن تلبية حجم وحاجات طفولتنا وشبيبتنا. فبالرغم من زيادة عدد المستفيدين من انشطة التخييم في اطار برنامج عطلة للجميع, فإن الحيف يطال العديد من الاطفال واليافعين والشباب ، وان سياسة الدولة في هذا المجال لم تتوفق في جعل العطلة حق يتمتع به الاطفال والشباب، وعجزها عن تعزيز وتطوير نوعية التخييم ببلادنا بناء على استراتيجية واضحة المعالم تقودها رؤية محددة ودقيقة الاهداف والاجراءات تقطع مع التجاوزات والنظرة الدنيوية التي حولت انشطة المخيمات الى فرصة انتهازية على حساب المصلحة الفضلى للأطفال. فاستمرار عدم المساواة في تعميم خدمات البرنامج على كافة مناطق المملكة ، وعدم التركيز على المناطق المهمشة والنائية والقروية يحرم الكثير من الاطفال بسبب القيود المالية لكلفة التخييم مقارنة مع اوضاعهم الاجتماعية و في غياب تام لدعم وتحفيز الجمعيات التي تتكفل بأطفال هذه المناطق بوضع شروط تفضيلية محفزة في شكل منحة دعم العطلة على غرار بعض التجارب التي تجعل من انشطة العطل خدمة عمومية من صيم مسؤولية الدولة . لم تستطيع المخيمات تجاوز هذه الوضعية المثقلة بإرث التراكمات السلبية التي يجرها قطاع الشباب والرياضة, جراء السياسات المتعاقبة وعجزه على تبني استراتيجية اجرائية عملية محررة من كل الادبيات التي اصبحت مجرد وثائق تحتفظ بها الوزارة منذ الوقفات التأملية التي عرفها قطاع التخييم ابتداء من سنة 1963 تاريخ انعقاد المناظرة الوطنية الأولى للتخييم وما واكبها من مناظرات أخرى سنوات 1973 و1978 و1982 و المناظرة الخامسة سنة 1987، ثم تنظيم منتدى وطني للتخييم سنة 2008 والاعلان عن استراتيجية وطنية تم اقبارها في حينها ,رغم تأكيدات المجلس الاعلى للحسابات التي كانت واضحة .وتحث الوزارة على نهج سياسة في مجال التخييم برؤية محددة واجراءات وتدابير وقوانين تعزز حكامة تنظيم قطاع التخييم وتعيد الاعتبار لهذا النشاط التربوي دون مزايدة سياسية او جمعوية، وبالرغم من تنامي الخطاب حول حقوق الاطفال وتعميم منافع السياسات العمومية على المواطنين بموجب المقتضيات التي ينص عليها الدستور، فان قطاع التخييم ظل على هامش البناء والحكامة والمحاسبة، عرض وطني بدون نفس ترابي يعمم الاستفادة على جهات المملكة ، ضعف الترسانة القانونية ضعف الميزانيات، غياب التنسيق الحكومي في تدبير البرنامج ،قلة الفضاءات، انفلات تنظيمي يكرس الفوضى واستغلال الاطفال و تهريب مقاعد التخييم على حساب دوي الحق في هذه العطلة تأسيسا على التزامات الحكومة نفسها التي تحدد من هم المستفيدين من هذا العرض . وفي غياب الخبرة الوطنية التي يمكن الاعتماد عليها في تدبير السياسات العمومية لقطاع الشباب والرياضة وفق ما يتطلبه توصيف المهام والمسؤوليات وتحدده الجدارة والكفاءة العلمية القادرة على انقاد هذه السياسات من اجترار اساليب لا تزيد وضع التخييم الا تأزما وتجعله رهينة ممارسات انتهازية لا تربط العمل بالنتائج بقدر ما هي اعادة انتاج نفس لممارسات والوصفات التي ابانت عن فشلها في مواجهة المشاكل الحقيقية للقطاع التخييم من البرمجة الى توزيع الاعتمادات الى تنسق جهود القطاعات الحكومية الى العلاقة بين الوزارة والجامعة الوطنية للتخييم . فلسنا في حاجة إلى إبراز عوارض مثل هذه السياسة التي ساهمت بشكل كبير في إضعاف التأطير الاجتماعي, مما أدى إلى بروز عدة ظواهر هي غريبة عن المجتمع المغربي ان اصلاح اوضاع التخييم لا يمكن فصلها عن السياق المجتمعي الحالي وتحديد نطاقه ووضعه في خدمة القضايا التربوية الوطنية تقطع مع كل استهلاك للبرامج المنمطة والبائدة، وتفتح المجال للمبادرة المتجددة بناء على منتوج تربوي وثقافي وترويحي يجعل من المخيم فضاء للتربية على المواطنة والسلوك المدني، والتربية على قيم حقوق الانسان ، فضاء يعلي من قيام الابتكار والأبداع والحياة الجماعية ، ويغرس في الاطفال والشباب قيم التسامح والتضامن والعيش المشترك وتحفيز قدراتهم ومواهبهم ومبادراتهم وتوسيع اختياراتهم في التواصل والتفاعل مع محيطهم وبيْتهم . وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا بنهج إستراتيجية حكومية بكفاءات وطنية و جمعوية قادرة على قيادة الإصلاح المنشود .