يزخر التراث العربي بقصص وأخبار الأولين التي تم تدوينها، في كتب ومجلدات عديدة، متناولة حيوات أو أحداثا وقعت لهذا الشاعر أو هذا الأديب أو لذاك الوالي أو ذاك الحكيم أو هذا المجنون، أو هذا الطماع وذاك المحتال إلخ.. وهي قصص وأخبار انتمت في غالبها إلى الأدب العربي، الفصيح العالم منه، أو الشعبي، مما ظل الحكاة والرواة يرددونه في مجالس أنسهم، أويطالعه المهتمون بالأدب لإغناء قاموسهم اللغوي، لما تنطوي عليه بعض هذه القصص من مفردات مُفعمة بنداوتها الأولى وطراوتها البدئية، أو لما تشمله من عبر وحكم وأمثال أو لمجرد متعة القراءة والترفيه عن النفس. لذلك، اخترنا منتخبات من هذا التراث ليصاحبها القارئ الكريم، عله يجد فيها من البلاغة والفصاحة وحسن القول وسرعة البديهة، وخفة الظل والدم ومن مهارات الخطابة وأساليب المكر والحيل لبلوغ الغاية ومن الامتاع والمؤانسة، ما يملأ به وقته استفادة ومتعة. العرب والأعراب اختلف الناس في العرب لمَ سموا عربا فقال بعضهم: أول من أنطق الله لسانه بلغة العرب، يعرب بن قحطان وهو أبو اليمن كلهم، وهم العرب العاربة (الخلص) ونشأ إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام معهم، فتكلم بلسانهم، فهو وأولاده العرب، المستعربة (أي الدخلاء) وقيل إن أولاد إسماعيل نشأوا ب »"عربة«" وهي من تهامة فنسبوا إلى بلدهم. وروي عن النبي (ص) أنه قال: خمسة أنبياء من العرب وهم. محمد وإسماعيل وشعيب وصالح وهود، وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب، وكل من سكن بلاد العرب وجزيرتها ونطق بلسان أهلها فهم عرب. وروي عن أبي بكر أنه قال: قريش هم أوسط العرب، في العرب دارا وأحسنهم جوارا، وأعربهم ألسنة، وقال قتادة، كانت قريش تجتبي أفضل لغات العرب، حتى صار أفضل لغاتها لغتهم فنزل بها القرآن. والعربي من كان نسبه في العرب ثابتا وإن لم يكن فصيحا. والأعرابي إذا كان بدويا صاحب نجعة وارتياد للكلأ وتتبع مساقط الغيث، سواء كان من العرب أو مواليهم. و الأعرابي إذا قيل له: يا عربي فرح بذلك وهش له، والعربي إذا قيل له: يا أعرابي غضب له. * *"عن »ملح الحديث« " لأحمد الطيب