لعل ما يسترعي الانتباه و يشد الأنفاس و يطرح العديد من التساؤلات بالجهة الشرقية على مدى شهور, هو حالات القتل و الانتحار التي تم تسجيلها في عدد من المدن و الجماعات الترابية بالجهة, التي تحولت شوارعها و أزقتها إلى ساحة وغى تزهق فيها أرواح بريئة بأسباب أقل ما يقال عنها أنها تافهة, و لا تبرر بالمطلق هذا الإجرام الذي يدق ناقوس الخطر و يستدعي منا جميعا وقفة تأمل حول دوافعه و أسبابه و نتائجه الكارثية على أسر الضحايا و عائلاتهم ، من الناظور إلى زايو مرورا بوجدة تاوريرت ثم جرادة إلى تندرارة بأقصى نقطة من الجهة الشرقية, تم تسجيل حالات عديدة لشبان و شابات و مواطنين فضلوا الانتحار على المواجهة, بعد أن سئموا مرارة العيش من وضع اجتماعي و اقتصادي مرير و أفق مغلف بأمل طال انتظاره، اختاروا الانتحار كفعل احتجاجي على الظلم و الاستبداد و الحكرة واستهداف حقوقهم من طرف بعض السماسرة و التي يكفلها القانون و الدستور معا ، من الشنق إلى تناول الأقراص السامة إلى حرق الذات, أساليب من بين عشرات الأساليب الأخرى اختارها البعض لإنهاء حياته دون التفكير في تداعيات هذا الفعل المرفوض شرعا و أخلاقا على محيطه الأسري و على مجتمعه ككل . في الاتجاه الآخر, نجد شباب يافعين يشهرون أسلحتهم البيضاء و من مختلف الأحجام و الأنواع في واضحة النهار يزرعون الرعب في نفوس الآمنين ، القتل عندهم و كأنه نزهة أو هواية يمارسونها بدم بارد ، يصولون و يجولون دون أن يوقفهم أحد ، يقتلون تارة و يغتصبون تارة أخرى يهددون و يتوعدون كل من يقف في طريقهم ، اعتداءات متكررة تترك ندوبا و جراحا على أجساد الضحايا و على نفسيتهم ، البعض يمارس إجرامه تحت تأثير الأقراص المهلوسة التي تغرقنا بها الجارة الجزائر ,و النتيجة هلع و خوف و ضحايا, البعض أنصفهم القضاء و البعض الآخر لازال يمني النفس بأحكام على مقترفي هذه الجرائم علها تخفف من أثار الجراح . إننا اليوم أمام شبح تنامي ظاهرتي الانتحار و التشرميل كما يجمع الجميع على تسميته, أصبحا اليوم الغول الذي يتهدد شبابنا و شاباتنا و يهدد في عمقه مجتمعنا ما لم تتضافر الجهود و تتكاثف من اجل الحد من الظاهرتين و قراءتهما في أبعادهما الاجتماعية التي كانت سببا في تناميهما .