«القارة الإفريقية في حاجة للمغرب، البلد الذي يحظى بالاحترام، وكلمته مسموعة من قبل المجتمع الدولي». بهذه العبارات الواضحة والقوية تفاعل السلك الدبلوماسي الإفريقي المعتمد بجنوب إفريقيا مع الإعلان الأخير لعودة المملكة إلى أسرتها المؤسسية، ممثلة في الاتحاد الإفريقي. وقال سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية وعميد السلك الدبلوماسي في بلد نيلسون مانديلا، بيني مبوكو، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء بجوهانسبورغ، «نحن في حاجة لمساهمة بلد جد مؤثر مثل المغرب من أجل إسماع صوت إفريقيا الصاعدة». كما أكد العديد من سفراء البلدان الإفريقية، بمناسبة عيد العرش ، الحمولة التاريخية لقرار عودة المغرب للمنظمة الإفريقية، والذي أعلن عنه جلالة الملك محمد السادس في رسالة تاريخية موجهة إلى القمة ال27 للاتحاد الإفريقي، التي انعقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي. وشدد السفراء الأفارقة، بالخصوص، على السياسة الشجاعة والرائدة التي ينهجها جلالة الملك في إفريقيا، وهي سياسة ترتكز على التضامن، والنهوض بالشراكة جنوب - جنوب، وفق منطق رابح - رابح. فهذه الرؤية الصادقة من أجل إفريقيا مندمجة بشكل جيد وقادرة على التكفل بنفسها لا يمكن إلا أن تحظى باهتمام الجميع في هذه القارة التي تتطلع إلى التغلب على المآزق والحسابات السياسية الضيقة، لتفرض نفسها كأرضية مستقبلية للنمو الاقتصادي على صعيد العالم. وتعد جنوب إفريقيا من بين هذه البلدان التي يبدو أنها استوعبت صواب ونجاعة هذه الرؤية المغربية. وفي هذا الصدد، قال المدير العام لإفريقيا الوسطى والشمالية بوزارة الشؤون الخارجية بجنوب إفريقيا، غراهام ميتلاند، إنه «على أساس هذه الرؤية المشتركة من أجل إفريقيا مندمجة، تواصل جنوب إفريقيا الإعراب عن الأمل في أن يتم تعزيز علاقاتها مع المغرب». كما استحضر المسؤول الجنوب إفريقي المد التضامني، الذي شكل على الدوام حجر الزاوية في السياسة الإفريقية للمغرب، مذكرا بتضامن المملكة مع بلاده، منذ مطلع ستينيات القرن الماضي، عندما استضافت فوق أرضها أبطال نضال شعب جنوب إفريقيا من أجل التحرر من نظام الميز العنصري (الأبارتاهيد)، بمن فيهم نيلسون مانديلا، الأب المؤسس لجنوب إفريقيا الجديدة. وأضاف أن «جنوب إفريقيا تتقاسم روابط صداقة تاريخية مع المغرب، منذ أن استضافت المملكة فوق أرضها أبطال نضالنا التحرري مطلع ستينيات القرن الماضي». كما أن السمعة القوية التي يتمتع بها المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، كقوة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي، والتزامه الراسخ لفائدة السلم والأمن في العالم، أصبحت تفرض نفسها في أعين عدة بلدان إفريقية، باعتبارها مؤهلات يتعين أن تعود بالنفع على القارة برمتها، باعتبارها الامتداد الطبيعي للمملكة. وقال سفير جمهورية الكونغو الديمقراطية بجنوب إفريقيا «إننا في حاجة اليوم إلى المغرب، ونعتقد أن عودة المغرب للاتحاد الإفريقي ستقوي هذه المنظمة، وستمثل عودة عضو هام يتمتع باحترام كبير في مختلف أرجاء العالم». وبالنسبة لهذا الدبلوماسي، فإنه من الطبيعي جدا أن تعود المملكة، وهي من الأعضاء المؤسسين لمنظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا)، إلى حظيرة هذه المنظمة، لأن الأمر يتعلق بفاعل رئيسي في القارة. وأضاف أن «المغرب بلد قوي يتوفر على العديد من المؤهلات التي يمكنها أن تساهم بشكل كبير في تطور القارة في مجالات عدة»، مؤكدا أن الاحترام الذي يحظى به المغرب على الساحة الدولية سيكون مكسبا هاما بالنسبة لإفريقيا في مفاوضاتها مع بقية العالم. وتابع أنه «يتعين على البلدان الإفريقية أن تتحد في ما بينها من أجل رفع التحديات المطروحة عليها، ومن المؤكد أن للمغرب دورا رئيسيا على صعيد إفريقيا الجديدة هذه». وتجدر الإشارة إلى أن العديد من رؤساء البعثات الإفريقية، وانطلاقا من عاصمة جنوب إفريقيا، يقدرون حق قدره هذا الانخراط المغربي الحازم لفائدة بروز تعاون متجدد ومتطور بين بلدان القارة الإفريقية، يرتكز على روابطها الحضارية والروحية والبشرية والاقتصادية. وفي هذا السياق، أكد سفير السنغال في جنوب إفريقيا، مومار ديوب، أن «المغرب بلد كبير، وذو حضارة عريقة، وتم استشعار غيابه دائما على مستوى الاتحاد الإفريقي». وأضاف «سنبذل كل ما في وسعنا لمساندة عودة المغرب، البلد العزيز على جميع الأفارقة. إنه جزء منا، نحن الأفارقة، يعود إلى كنفنا»، مؤكدا أن المملكة كانت على الدوام حاضرة في العديد من البلدان الإفريقية، ومن بينها السنغال، حيث تقدم مساهمتها القيمة في تنمية أشقائها الأفارقة. ولم يفت الدبلوماسيون الأفارقة التأكيد على أن المؤهلات الكبيرة التي تزخر بها المملكة، وخبرتها، وثقلها الدولي ورؤيتها من أجل إفريقيا جديدة، عوامل حملتها المكانة المرموقة لجلالة الملك محمد السادس عبر أرجاء القارة، وتجعل من المغرب بلدا يتم اللجوء إليه من أجل تحقيق حلم إفريقيا قوية وموحدة ومتحررة من قيود الماضي.