يعد ميلود وحداني، المعروف ب «ميلود مسناوة»، إحدى الركائز الأساسية في الفرقة الشعبية الشهيرة (مسناوة)، منذ تأسيسها إلى جانب عدد من الأسماء المتميزة داخلها، مثل مصطفى أطاسي (عازف فرقة تكدة الآن)، رشيد وحميد باطمة (انتقلا إلى ناس الغيوان)، وآخرين.. وقد اعتبرت مجموعة مسناوة هي الامتداد الشعبي الصرف للظاهرة الغيوانية، نظرا للحمولة التي تمتلئ بها أغانيها التي لاقت نجاحا واسعا في المغرب وخارجه، وذلك بحكم نوعية المواضيع المستوحاة من واقع الملاحم التراثية المغربية، كأغنية (حمادي، النسر، امحمد أوليدي، عادوي الازرك.. وغيرها)، وهي أعمال موقعة في المجمل من طرف المرحوم السي محمد باطمة.. في هذا الحوار يرافقنا ميلود إلى دهاليز المجموعة وأسرارها: الحديث عن فريق الاتحاد البيضاوي حديث طويل لا يمكن أن ألخصه في عدة سطور أو عدة صفحات فقط، وعند الحديث عن هذا الفريق العظيم الذي زود جل الأندية المغربية باللاعبين، لابد من الرجوع إلى الوراء ،وتذكر الحي المحمدي وكيف كان في هذه الحقبة الزمنية الزاهية من سنوات السبعينيات، كنت حينها لا أتجاوز السادسة عشر من عمري ،بطبيعة الحال، وكنت ألعب ضمن فريق الفتيان، وكان المرحوم، بّاعربي الزاولي يراقبنا ويتفقدنا شخصيا،فهذا الرجل الطيب الذكر الذي كافح وناضل من أجل الرياضة بصفة عامة ،ومن أجل فريق " tas " ضحى بالغالي والنفيس، وربى أجيالا كثيرة،كما كان له الفضل على فئة عريضة من الشباب بتوظيفهم سواء في الأبناك أو في معمل السكر أو في المكتب الوطني للشاي، أو المكتب الوطني للكهرباء . " بّا عربي" رجل لن تنساه الأجيال،ولن ينساه التاريخ. - كان فريق الاتحاد البيضاوي بقسم الكبار، وكانت مجموعة ناس الغيوان ومجموعة لمشاهب في قمة العطاء الفني،حدثنا عن ذلك. - بالفعل، كان فريق الاتحاد البيضاوي في القسم الأول وكان من الفرق العتيدة والقوية التي يحسب لها ألف حساب، وكان بمثابة المدرسة الكروية الأولى في المغرب التي كانت تزود جل الفرق المغربية باللاعبين الموهوبين كالغزواني، والريشي (الجيش الملكي)عبد الخالق الملقب بفريفرا آنذاك (الوداد البيضاوي) العلوي (الوداد البيضاوي) والقائمة طويلة جدا. و كان يطعّم الفريق الوطني كذلك باللاعبين، كالغزواني الذي شارك في مونديال 1970 بمكسيكو وسجل إصابة ضد بلغاريا. كان العربي باطما رحمه لله "يموت ويفنى" على فريق"tas "وكان يتتبع جميع المقابلات سواء بملعب "الحفرة" أو خارجه ، وكان رحمه الله منخرطا كمسير في الفريق، و ساهم ماديا ومعنويا فيه، وفي هذه الحقبة من الزمن عاش الحي المحمدي أبهى أيامه، فكنا نفتخر بفريقنا وبفُرُقنا الموسيقية كالغيوان ولمشاهب ،وحتى لا أنسى، لابد هنا من التذكير برياضة الملاكمة بالحي المحمدي التي أعطت بطلا أولمبيا هو البطل الأخ والصديق عبد الحق عشيق، هذا البطل الذي كان يتدرب معي ضمن فتيان فريق الاتحاد البيضاوي، وفي نفس الوقت، يمارس رياضة الملاكمة في دار الشباب. - أين كانت تقام السهرات؟ - هذا سؤال جميل، ففي تلك الحقبة لم يكن هناك مسرح أو مركب ثقافي أو ما شابه ذلك، كانت هناك "سينما السعادة" فقط ، هذه المعلمة التاريخية التي ساهمت بشكل كبير في تطوير شباب الحي المحمدي، كيف ذلك؟ سينما السعادة كانت حقا متنفسا لأبناء الحي المحمدي و كانت تخلق السعادة لفئة عريضة من الشباب الطموح والمولع بالفن، مثل المرحوم سمحمد السوسدي، الذي كان يتقن الأغاني الهندية، وسمحمد باطما الذي كان يلحن بطريقة هندية، وإن صح القول، فإن سينما السعادة هي التي أعطت مجموعة لمشاهب. فليرحم لله، البهجة اوباي، وأتمنى أن يمد لله في عمر الأخ مصطفى، هؤلاء كانوا شاهدين على هذا العصر الذهبي. - هل كانت "سينما السعادة" تستوعب الجماهير أثناء السهرات الغنائية؟ - هذه السينما كانت بمثابة مسرح ثان بعد مسرح الدارالبيضاء خلال السبعينيات، حيث كانت تتوفر على ركح أو خشبة إن صح التعبير من الحجم الكبيرة، مثل "سينما ريالطو" حاليا، وكانت تتوفر على أكثر من 1000 مقعد، لهذا كانت تساهم بشكل كبير في إحياء السهرات الغنائية. - وماذا عن "سينما شريف"؟ - حينما تتحدث عن "سينما شريف" لابد أن تمر ببالك ذكريات كانت ومضت، سوف تتذكر "»خوخا«" و أفلام رعاة البقر والغرب الأمريكي، وسوف تتذكر درب مولاي الشريف وحانوت علال الغيوان. إنها ذكريات رائعة ستبقى راسخة دائما في الذاكرة.