من المحتمل أن تكون أسرة القذافي قد أودعت ملايير الدولارات في أبناك سرية بدبي، أو بدول جنوب شرق آسيا والخليج العربي. أموال، يقول محللون مختصون في شؤون الشرق الأوسط، إن أسرة القذافي حصلت عليها من مداخيل النفط الهائلة. ولقد سجل البروفيسور تيم نيبلوك، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بجامعة إكستر، وجود فارق كبير بقيمة ملايير الدولارات بين ما تجنيه ليبيا من أرباح مبيعاتها من النفط وما صرفته الحكومة، وهو ما ساهم ولا يزال في مراكمة ثروة القذافي وأبنائه التسعة. يقول نيبلوك، الذي يترأس في نفس الآن الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط: «إنه من الصعب للغاية التأكيد على مجموع الثورة التي تتوفر عليها الأسرة، لأن النخبة الحاكمة تعمل على إخفائها في مختلف الأماكن. لكن أقل تقدير يمكن الحديث عنه هو أن المبلغ يصل إلى ملايير الدولارات، وقد تكون هذه الثروة مجسدة في أشكال عدة، ومن المحتمل أن تكون أكبر بكثير مما هو متوقع، لكنني لا أريد حقا أن أخمن كم ستكون.» ومن جهته، يتفق أليستير نيوتن، محلل سياسي بمعهد نامورا، على أنه من الصعب وضع إطار لثروة القذافي، لكن قد يكون من المفاجئ لو اتضح أنها لا تتجاوز ملايير الدولارات. ويظل المكان الذي تخفي فيه أسرة القذافي ثروتها مفتوحا أمام تخمينات المتتبعين، رغم أن نيبلوك يتوقع أن القسم الأعظم منها مودع في «حسابات بنكية وعلى شكل سندات في دبي والخليج وجنوب شرق آسيا»، وهي دول تتميز أنظمتها المصرفية بشفافية أقل مما هو معمول به في المملكة المتحدة، حيث استثمرت ليبيا في العقار بلندن وفي بعض الشركات كمجموعة ‹بيسرن»، التي تملك صحيفة «فاينانشل تايمز». ورغم أن أسرة القذافي اذخرت الكثير من مداخيلها من النفط، إلا أنها صرفت الكثير على امتداد السنوات الأخيرة سيما من خلال تمويل مجموعة من الأنظمة الإفريقية، من قبيل الرئيس الزمبابوي روبيرت موغابي، الذي يعتبر أحد أكبر المستفيدين من تمويلات القذافي. وخلال سنوات التسعينات، كان يقال إن القذافي كان قد أعطى المال لقبيلة زغوان في إقليم دارفور، حيث يقول نيبلوك: «أعتقد أن بعض أهالي تلك القبيلة يوجدون ضمن المرتزقة الأفارقة الذين يحاربون المدنيين في ليبيا.» ولقد مكن التطور السريع الذي عرفته الثروة النفطية الليبية البلد من الانخراط في استثمارات كبرى في مختلف مناطق العالم، وإلى جانب سلسلة كبريات الشركات الخاصة بالقذافي، فإن الدولة استثمرت ما يقارب 62 مليار جنيه إسترليني في دول أجنبية. وتشرف وكالة الاستثمارات الليبية، التي تم تأسيسها سنة 2006، على أغلب استثمارات الدولة التي تصل إلى حوالي 70 مليار دولار، حيث اشترت هذه الوكالة 3 بالمائة من رأس مال مجموعة بيرسن بقيمة 224 مليون جنيه إسترليني، مما جعل ليبيا من أكبر المساهمين في المجموعة. وكان رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني قد استضاف قمة مجموعة الثمانية سنة 2009 ووجه الدعوة للقائد الليبي للحضور كضيف خاص. وفي طريقه إلى بلدة أكويلا، التي اختارها برلوسكوني لاحتضان القمة، لم يتمكن القذافي من الوصول إلى البلدة بسبب الدمار الذي خلفه الزلزال الذي ضرب المنطقة. وخلال الاجتماع، قال برلوسكوني: «لم يتمكن الكثير من الأشخاص من الوصول إلى منطقة أنترودوكو، فما بالكم بالأخ الزعيم قائد الثورة.» كانت تلك الكلمات كافية لتدفع القذافي إلى الإعلان فور عودته إلى البلدة أنه سيعمل على توفير المال الكافي لإعادة الإعمار. وخلال شهر شتنبر الماضي، تم توقيع اتفاق يقضي بإنشاء فندق فخم ومصنع لتعبئة المياه، حيث قال عمدة المدينة إن قيمة الاستثمار الليبي في المنطقة بلغ 15 مليون دولار.