من المرتقب أن تواصل استئنافية الرباط نظرها، يومه الأربعاء 13 يوليوز 2016، في الملف 24/ 2643/ 2015 المتعلق بثلاثة أمنيين كانوا ضمن بعثة مغربية سابقة بغينيا الاستوائية، تتهمهم مواطنة من مريرت، إقليمخنيفرة، ميمونة محتان، بالاعتداء عليها وإهانتها بشكل فظيع، كما تتهمهم بتحرشات جنسية وسلوكات استفزازية أقلها قيامهم،وهم رئيس البعثة شخصيا رفقة عنصرين آخرين من رجاله، بتعنيفها وصب الخمر على جسدها في الشارع العام، وتهديدها بالاغتصاب ومحاولة دهسها بسيارة دبلوماسية، قبل تمكنهم من ترحيلها من البلد الإفريقي المذكور، مما تسبب لها في حياة نفسية وصحية صعبة، وحملها على طرق مختلف الأبواب للمطالبة بمساءلة المتهمين الذين تم توزيعهم على مقرات أمنية داخل الوطن. والمثير للاستغراب أن صوت القانون يتم «خنقه» كلما تعلق الأمر بهذا الملف المثير،لا سيما في ما يتعلق بالشهود الذين تطالب المشتكية بإحضارهم دون جدوى، وقد عادت في 25 من شهر ماي الماضي إلى رفع مذكرة للوكيل العام لدى استئنافية الرباط تشدد فيها على استدعاء هؤلاء الشهود للجلسة المقبلة، وكلهم أمنيون، أحدهم (م. ع) يمارس عمله حاليا بالجديدة، و(م. ب) بمدينة خنيفرة ثم (م. ز) بالدار البيضاء، والذين سبق أن استمع إليهم قاضي التحقيق وأصر على إحضارهم من جديد، في حين لم تتوقف المشتكية ودفاعها عن المطالبة بإحضار السفير المغربي آنذاك بغينيا الاستوائية (ج. ه) الذي يعلم جيدا بجزء هام من تفاصيل الحادث. وكانت المعنية بالأمر، ميمونة محتان (57 سنة)، قد استعرضت، في لقاء لها ب»الاتحاد الاشتراكي»، روايتها الصادمة، انطلاقا من حصولها، أواخر عام 2009، على عقدة عمل قانونية بجمهورية غينيا الاستوائية، من أجل الاشتغال لدى حرم الرئيس الغيني بأحد مصحات هذه الأخيرة (مصحة غوادالوب)، علما أن البعثة الأمنية المكلفة بحماية رئيس الجمهورية والإقامات الرئاسية، هي بعثة مغربية تحت إمرة العميد (ب. عمر)، حسب المعنية بالأمر التي فوجئت، في إحدى الليالي، بهذا العميد وهو يحاول اقتحام سكناها بحثا عن صديقة له (زبيدة)، ورغم نفيها لوجود هذه الأخيرة بالشقة، عاد المسؤول المذكور للاتصال بها بطريقة جنونية، ما جعل الرجل يستشيط غضبا ويمطرها بوابل من الشتم والسب والتهديد. وفي ذات السياق، لم يكن في حسبان المعنية بالأمر أن الرجل سيرغمها على الخروج من شقتها، بعد منتصف الليل من يوم 4 يونيو 2010، لتتعرض إلى ما يشبه الاختطاف من طرف هذا المسؤول الأمني الذي حاول إجبارها بالقوة، رفقة عنصرين من رجاله، على الركوب صحبته بسيارته، وهم جميعا في حالة سكر طافح، حسب قولها، مضيفة أنها قاومت المحاولة باستعطاف الرجل لإخلاء سبيلها، إلا أنه أطلق للسانه العنان بعبارات فاحشة أمام مرأى ومسمع من عدد من المواطنين الغينيين، قبل أن يقدم على ضربها ورفسها، رفقة مرافقيه، بصورة وحشية. ولم يقف المعتدي عند هذا الحد بل زاد فهددها باغتصاب جماعي، قبل أن يعمد إلى صب قنينة خمر على كامل جسدها، بينما قام زميلاه بإذلالها وترهيبها، إلا أنها تمكنت من الإفلات نحو القصر الرئاسي القريب من عين المكان، ليتعقبها المسؤول بسيارته، محاولا دهسها لولا احتمائها بأفراد من الأمن الغيني الذين تدخلوا لحمايتها، ذلك قبل أن تفاجأ بقرار ترحيلها استنادا لتقرير أنجزه المسؤول الأمني يتهمها فيه بأنها تسير شبكة لتهجير النساء إلى بلدان الشرق الأوسط وأخرى للدعارة في غينيا الاستوائية، وتم ترحيلها ظلما رغم أنه لم يمض على عقد عملها إلا نصف سنة من أصل سنتين. وقد سبق للجنة أمنية مغربية أن حلت بغينيا الاستوائية من أجل التحقيق في الشكايات المرفوعة ضد مسؤول البعثة الأمنية المغربية، بينما دخلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حينها على الخط للاستماع لأقوال المشتكية. وسبق للمواطنة ميمونة محتان أن كشفت ل»الاتحاد الاشتراكي» عن شكاية تقدمت بها للسفارة المغربية هناك، ما حمل المشتكى به إلى نهج مختلف الأساليب لإسكاتها، تمهيدا لاختبار محاولة مساومتها بمبلغ مالي كبير، قدره ستة آلاف أورو، مقابل التنازل عن متابعته، ومن أجل إثبات الواقعة اشترطت عليه تسلم المبلغ في حضور السفير المغربي، وهو ما تم فعلا، ليشهد السفير المغربي بنفسه على تفاصيل الحادث، حسب قولها، وأمامه رفضت تسلم المبلغ كما رفضت التنازل، ولم يفتها الإشارة ،بمرارة كبيرة، إلى طبيب تونسي (كريم) قالت المشتكية إنه هو أيضا أبلغها تهديدات العميد في حال لم تقبل بتسلم مبلغ السكوت، غير أنها أصرت على موقفها الشيء الذي وضعها على كف المعاناة. وفات لمصادر «الاتحاد الاشتراكي» أن أكدت إدانة استئنافية الرباط، يوم 25 فبراير 2015، للعناصر الأمنية المذكورة بخمس سنوات سجنا، سنتان منها نافذة وثلاث سنوات موقوفة التنفيذ، وغرامة 15 ألف درهم، في حق العميد رئيس سابق للبعثة، (ب. عمر)، وعنصرين أمنيين (م. محمد) و (ي. كريم)، وبينما شددت النيابة العامة على إنزال أقصى العقوبات ضد المتهمين، أسرعت باستئناف قرار الحكم (763/ 3101/ 2014)، مع تعويض مدني لفائدة المطالبة بالحق المدني بمبلغ قدره 30 ألف درهم، قام دفاع هذه الأخيرة بالاستئناف عليه، إلا أن الحكم ظل عالقا في ظروف مستفهمة، و»السراح المؤقت أضحى سراحا مطولا» على حد تعليق المعنية بالأمر التي لم تتوقف عن صب سخطها حيال «تهرب» المتهمين من حضور الجلسات، ليبدأ التماطل بفعل تعنت المتهمين في الامتثال للقانون.