لم تتوقف المواطنة ميمونة محتان من مريرت، إقليمخنيفرة، عن طرق مختلف الأبواب قبل أن تضطر إلى التوجه إلى جلالة الملك برسالة استعطاف لأجل الوقوف إلى جانبها في في ملف قضيتها الصادمة، التي من المقرر أن تشرع استئنافية الرباط (حي الرياض) في فتح أطوارها، خلال جلسة الأربعاء 25 شتنبر الجاري، وتلتمس من جلالته التدخل "من أجل رد الاعتبار لكرامتها وانسانيتها التي أهينت ومسحت بها الأرض من طرف رئيس البعثة الأمنية المغربية بغينيا الاستوائية سابقا"، هذا الذي تتهمه بالاعتداء عليها وإهانتها بأشكال فضيعة، وبتحرشات جنسية على هاتفها، وسلوكات استفزازية ليس أقلها قيامه، رفقة عنصرين من رجاله، بتعنيفها وصب الخمر على جسدها في الشارع العام. ولما صممت حينها على مقاضاة المتهم تمت مساومتها ماليا بشهادة السفير المغربي، حسب شهادتها، ولما رفضت تم ترحيلها بادعاء أنها تسير أكبر شبكة للدعارة بإفريقيا، فضلا عن أحداث أخرى لن تندمل أثارها بسهولة من حياة ونفسية المعنية بالأمر، وكم كبر تخوفها من ضياع حقها في الظلام بالنظر لمكانة المتهم ونفوذه المادي والمعنوي، وحين تأكدت يوما من التحاقه بالتراب المغربي، سارعت إلى إشعار الجهات المسؤولة، وقد سبق لقاضي التحقيق باستئنافية الرباط أن نظر في ملف القضية (ملف جنائي تحت عدد 103/2012) والمؤكد أن تعرف القضية تطورات مثيرة. . واستنادا لعدة معطيات كانت جريدتنا قد أشارت لبعضها، سبق للجنة أمنية مغربية أن حلت بغينيا الاستوائية من أجل التحقيق في بعض الشكايات المرفوعة ضد المسؤول على البعثة الأمنية المغربية هناك، غير أن نتائج التحقيق ظلت معلقة في ظروف غامضة، وفي الوقت الذي سبق أن أفادت فيه بعض المصادر انتهاء فترة اعتماد المتهم بغينيا، انتشر ما يفيد استفادته من فترة جديدة تمتد إلى سنتين أخريتين، الأمر الذي جعل القضاء يسهر على مجريات الملف بجدية، حسب مصادر "الاتحاد الاشتراكي"، فيما دخلت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بدورها على الخط للاستماع لأقوال المشتكية. ولم يفت المعنية بالأمر، ميمونة محتان (54 سنة)، في لقاء لها ب"الاتحاد الاشتراكي"، استعراض روايتها المؤلمة، انطلاقا من حصولها أواخر عام 2009 على عقدة عمل قانونية بجمهورية غينيا الاستوائية، عن طريق سفارة هذا البلد الإفريقي في الرباط من أجل العمل لدى حرم الرئيس الغيني بأحد مصحات هذه الأخيرة (مصحة غوادالوب)، علما أن البعثة الأمنية المكلفة بالحماية المقربة لشخصية رئيس الجمهورية والإقامات الرئاسية، هي بعثة مغربية تحت إمرة العميد (ب. عمر)، تقول المعنية بالأمر، حيث فوجئت في إحدى الليالي بهذا المسؤول وهو يحاول اقتحام سكناها بحثا عن صديقة له (زبيدة)، ورغم نفيها لوجود هذه الأخيرة لديها بالشقة، عاد المسؤول المذكور للاتصال بها عبر هاتف العمارة بطريقة جنونية، فجددت له عدم وجود الصديقة المبحوث عنها، ما جعل الرجل يشتط غضبا ويمطرها بوابل من الشتم والسب والتهديد بألفاظ نابية يندى لها الجبين. وصلة بالموضوع، لم يكن في حسبان المعنية بالأمر أن الرجل سيرغمها على الخروج من شقتها، بعد منتصف الليل من يوم 4 يونيو 2010، لتتعرض إلى ما يشبه الاختطاف من طرف هذا المسؤول الأمني الذي حاول إجبارها، رفقة عنصرين من رجاله (م. محمد وي. كريم) على الركوب صحبته بسيارته تحت القوة والعنف الشديد، وهم جميعا في حالة سكر طافح، حسب المعنية بالأمر، هذه التي قالت إنها قاومت المحاولة باستعطاف الرجل والتوسل إليه، إلا أنه أطلق للسانه العنان بعبارات فاحشة أمام مرأى ومسمع من عدد من المواطنين الغينيين الذين منعهم من الاقتراب منه، قبل ان يقدم على ضربها ورفسها، رفقة مرافقيه، بصورة وحشية. ولم يقف المعتدي عند هذا الحد بل زاد فهددها باغتصاب جماعي، وأنه سيعرضها لانتقام شديد، قبل أن يعمد إلى صب قنينة خمر على كامل جسدها، بينما قام زميلاه بشدها من ذراعيها في سبيل إذلالها وترهيبها، إلا أن الرعاية الالهية ساعدتها في التمكن من الإفلات نحو القصر الرئاسي القريب من عين المكان، ليتعقبها المسؤول بسيارته، محاولا دهسها لولا قفزها جهة الرصيف، لتحتمي بأفراد من الأمن الغيني الذين تدخلوا لحمايتها، ولما صاحت في وجهه عن بعد بأنه سيندم على أفعاله، رد عليها بنبرة من التحدي :"فوتي حكومة غينيا وحكومة المغرب"، في إشارة منه لاستطاعته الدوس على كل القوانين والأعراف، ولحظتها نقلت الضحية إلى مصحة "غوادالوب" لتلقي العلاج. الاعتداء كان كافيا أن يسبب لها انهيارا عصبيا وأضرارا نفسية، وهواجس من الخوف والرعب اليومي، وكم كانت آثار التهديد مفجعة على نفسية جميع المغربيات القاطنات بنفس العمارة التي تقطن بها المعنية بالأمر، على خلفية توعد المسؤول الأمني بجعل حياتهن جحيما حقيقيا، علما ان هذه العمارة السكنية في ملك حرم الرئيس الغيني، قبل أن تفاجأ الضحية بقرار ترحيلها استنادا لتقرير أنجزه المسؤول الامني يتهمها فيه بأنها تسير أكبر شبكة لتهريب النساء إلى بلدان الشرق الأوسط وأخرى للدعارة في غينيا الاستوائية. وسبق للمواطنة ميمونة محتان أن كشفت ل"الاتحاد الاشتراكي" عن شكاية تقدمت بها للسفارة المغربية هناك ضد الاعتداء الذي لقيته على يد المسؤول الأمني بالبعثة المغربية، هذه الشكاية التي حملت المشتكى به الى نهج مختلف الأساليب لإسكاتها، تمهيدا لاختبار محاولة مساومتها بمبلغ مالي كبير، قدره ستة آلاف أورو، مقابل التنازل عن متابعته، ومن أجل إثبات الواقعة اشترطت عليه تسلم المبلغ في حضور السفير المغربي، وهو ما تم فعلا، ليشهد السفير المغربي بنفسه على تفاصيل الحادث، حسب قولها، لتعلن بعد ذلك رفضها القبول لا بالمبلغ ولا بالتنازل، انطلاقا من أن ذلك لن يرد الاعتبار لكرامتها وانسانيتها المهدورة، ولم يفتها الاشارة بمرارة كبيرة إلى طبيب تونسي (كريم) قالت المشتكية إنه هو أيضا أبلغها تهديدات العميد في حال لم تقبل بتسلم مبلغ السكوت. المشتكى به تحرك في كل الاتجاهات بطريقة انتهت بترحيل الضحية من الديار الغينية، دون علم من السفير المغربي، وذلك رغم انها لم يمض على عقد عملها إلا نصف سنة من أصل سنتين، وعلى أرض الوطن قامت بتوجيه شكايتها إلى وزير العدل، وزير الداخلية، المدير العام للأمن الوطني، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وموازاة مع ذلك قررت التقدم للقضاء بدعوى قضائية ضد المعني بالأمر، تمت إحالتها على الضابطة القضائية لأجل فتح تحقيق في الموضوع، ووقتها تحركت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي استدعت المشتكية للدارالبيضاء للاستماع إلى أقوالها. وبداية القضاء من استدعاء توصلت بها المعنية بالأمر من طرف محكمة الاستئناف بحي الرياضبالرباط، في شخص قاضي التحقيق الذي استمع لأقوالها، وعاين حالتها السيئة وهي تستعرض أمامه سيناريو ما تعرضت إليه على يد المسؤول الأمني المغربي بالديار الغينية، كما استمع للمشتكى به الذي دخل التراب المغربي بعد ترصد وضغط من المشتكية التي تعبر في كل لحظة عن تخوفها من نجاح المشتكى به في تحركاته التي يسعى من خلالها إلى تطويق وإقبار ملف القضية.