من المقرر أن يكون نظر قاضي التحقيق باستئنافية الرباط، أمس الأربعاء 10 أكتوبر 2012، في ملف مواطنة من مريرت بإقليم خنيفرة تتابع مسؤولا عن البعثة الأمنية المغربية بغينيا الاستوائية تتهمه بالاعتداء عليها وإهانتها بأشكال فظيعة، وبممارسة تصرفات غير مقبولة في حقها، وتحرشات جنسية على هاتفها، وسلوكات استفزازية ليس أقلها قيامه، رفقة عنصرين من رجاله، بتعنيفها وصب الخمر على جسدها في الشارع العام، ولما صممت على مقاضاته تمت محاولة مساومتها ماليا بشهادة السفير المغربي، حسب شهادتها، ولما رفضت تم ترحيلها بادعاء أنها تسير أكبر شبكة للدعارة بإفريقيا، فضلا عن أحداث أخرى قالت الضحية إن جرحها لن تندمل آثاره بسهولة من حياتها ونفسيتها، ويكبر تخوفها كل يوم من ضياع حقها في الظلام بالنظر لمكانة المتهم ونفوذه المادي والمعنوي، وكان أن ترصدته إلى حين تأكدت من التحاقه بالتراب المغربي، خلال شهر أبريل المنصرم، فسارعت إلى إشعار الوكيل العام لدى استئنافية الرباط بالأمر. واستنادا لعدة معطيات، سبق للجنة أمنية مغربية أن حلت بغينيا الاستوائية من أجل التحقيق في بعض الشكايات المرفوعة ضد المسؤول عن البعثة الأمنية المغربية الموفدة إلى هذا البلد الإفريقي، غير أن نتائج التحقيق ظلت معلقة في ظروف غامضة، وفي الوقت الذي سبق أن أفادت فيه بعض المصادر بانتهاء فترة اعتماد المتهم بغينيا، انتشر ما يفيد استفادته من فترة جديدة تمتد إلى سنتين أخريين، الأمر الذي جعل القضاء يسهر على مجريات الملف بجدية، حسب مصادر «الاتحاد الاشتراكي»، فيما دخلت الفرقة الوطنية للشرطةالقضائية بدورها على الخط للاستماع لأقوال المشتكية، هذه الأخيرة التي لم تفتها مكاتبة مختلف الجهات المسؤولة في الموضوع، وكم من مرة تقدمت لمقابلة المدير العام للأمن الوطني لاستعراض قضيتها بالتفصيل، إلا أنها لم تتمكن بسبب رفض السماح لها بهذه المقابلة على أساس أن التحقيقات جارية، وأن الملف بيد القضاء. ولم يفت المعنية بالأمر، في لقاء لها ب»الاتحاد الاشتراكي»، واسمها ميمونة محتان (53 سنة)، استعراض روايتها المؤلمة، انطلاقا من هجرتها إلى غينيا الاستوائية للعمل لدى حرم الرئيس الغيني بأحد مستشفيات هذه الأخيرة، قبل أن تفاجأ في إحدى الليالي بالمسؤول عن البعثة الأمنية المغربية (ب. عمر) وهو يحاول اقتحام سكناها بحثا عن صديقة له (زبيدة)، ورغم نفيها لوجود هذه الأخيرة لديها بالشقة، عاد المسؤول المذكور للاتصال بها عبر هاتف العمارة بطريقة جنونية، فجددت له عدم وجود الصديقة المبحوث عنها، ما جعل الرجل يستشيط غضبا ويمطرها بوابل من الشتم والسب بألفاظ نابية يندى لها الجبين، ولم تكن ميمونة محتان تتوقع أن يرتقي هذا المسؤول بهستيريته إلى نحو تهديدها بشتى الأفعال الترهيبية. وصلة بالموضوع، لم يكن في حسبان المعنية بالأمر أن الرجل سيرغمها على الخروج من شقتها، لتتعرض إلى ما يشبه الاختطاف من طرف هذا المسؤول الأمني الذي حاول إجبارها، رفقة عنصرين من رجاله (م. محمد وي. كريم)، على الركوب صحبته بسيارته تحت القوة والعنف، وهو في حالة غير طبيعية، ولما قاومت المحاولة باستعطافه والتوسل إليه، أطلق للسانه العنان بعبارات فاحشة أمام مرأى ومسمع من عدد من المواطنين الغينيين الذين منعهم من الاقتراب منه، قبل ان يقدم على ضربها ورفسها، رفقة مرافقيه، بصورة وحشية. وارتباطا بالموضوع، لم يقف المعتدي عند هذا الحد بل هددها باغتصاب جماعي، وأنه سيعرضها لانتقام شديد، قبل أن يعمد إلى صب قنينة خمر على كامل جسدها، بينما قام زميلاه بشدها من ذراعيها في سبيل إذلالها وترهيبها، إلا أن الرعاية الالهية ساعدتها في التمكن من الإفلات نحو القصر الرئاسي القريب من عين المكان، ليتعقبها المسؤول بسيارته، محاولا دهسها لولا قفزها جهة الرصيف، لتحتمي بأفراد من الأمن الغيني الذين تدخلوا لحمايتها، ولما صاحت في وجهه عن بعد بأنه سيندم على أفعاله، رد عليها بنبرة من التحدي :»فوتي حكومة غينيا وحكومة المغرب»، في إشارة منه لاستطاعته الدوس على كل القوانين والأعراف، ولحظتها نقلت الضحية إلى مصحة «غوادالوب» لتلقي العلاج. الاعتداء كان كافيا أن يسبب لها انهيارا عصبيا وأضرارا نفسية، وهواجس من الخوف والرعب اليومي، وكم كانت آثار التهديد مفجعة على نفسية جميع المغربيات القاطنات بنفس العمارة التي تقطن بها المعنية بالأمر، على خلفية توعد المسؤول الأمني بجعل حياتهن جحيما حقيقيا، علما بأن هذه العمارة السكنية في ملك حرم الرئيس الغيني، قبل أن تفاجأ الضحية بقرار ترحيلها استنادا لتقرير أنجزه المسؤول الامني يتهمها فيه بأنها تترأس أكبر شبكة للدعارة. وزادت المواطنة محتان فكشفت ل»الاتحاد الاشتراكي» عن شكاية تقدمت بها للسفارة المغربية هناك ضد الاعتداء الذي لقيته على يد المسؤول الأمني بالبعثة المغربية، هذه الشكاية التي حملت المشتكى به الى نهج مختلف الأساليب لإسكاتها، تمهيدا لاختبار محاولة مساومتها بمبلغ مالي كبير، قدره ستة آلاف أورو، مقابل التنازل عن متابعته، ومن أجل إثبات الواقعة اشترطت تسلم المبلغ في حضور السفير المغربي، وهو ما تم فعلا، ليشهد السفير المغربي بنفسه على تفاصيل الحادث، حسب قولها، لتعلن بعد ذلك رفضها القبول لا بالمبلغ ولا بالتنازل، انطلاقا من أن ذلك لن يرد الاعتبار لكرامتها وإنسانيتها المهدورة. وفي سياق هذه التطورات، أخذ المشتكى به يتحرك في كل الاتجاهات بطريقة انتهت بترحيل الضحية من الديار الغينية، وإجهاض لقمة عيشها، رغم أنه لم يمض على عقد عملها إلا نصف سنة من أصل سنتين، وعلى أرض الوطن قامت بتوجيه شكايتها إلى وزير العدل، وزير الداخلية، المدير العام للأمن الوطني، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وموازاة مع ذلك قررت التقدم للقضاء بدعوى قضائية ضد المعني بالأمر، تمت إحالتها على الضابطة القضائية لأجل فتح تحقيق في الموضوع، ووقتها تحركت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي استدعت المشتكية للدار البيضاء للاستماع إلى أقوالها حول حيثيات وملابسات ملف القضية، وبين الفينة والأخرى تحمل إليها أحاسيسها المتردية أن ملفها دخل إلى قلب نفق مجهول. وبداية القضاء من استدعاء توصلت به المعنية بالأمر، يوم 30 غشت الماضي، من طرف محكمة الاستئناف بحي الرياضبالرباط، في شخص قاضي التحقيق الذي استمع لأقوالها، وعاين حالتها السيئة وهي تستعرض أمامه سيناريو ما تعرضت إليه على يد المسؤول الأمني المغربي بالديار الغينية، كما استمع للمشتكى به الذي دخل التراب المغربي بعد ترصد وضغط من المشتكية، وبينما سجلت المشتكية بقلق كبير عدم حضور زميلي هذا الأخير للاستماع إليهما، تعبر في كل لحظة عن تخوفها من نجاح المشتكى به في تحركاته التي يسعى من خلالها إلى تطويق وإقبار ملف القضية، لكنها تقول دائما أن ثقتها في القضاء أكبر من «الحكرة» التي مارسها المعتدي في حقها وهي مهاجرة بأرض غريبة كان من المفروض أن يكون فيها «حاميها» وليس العكس. وحسب إحصائيات للمديرية الجهوية للجمارك بالشمال الشرقي (التي تغطي الناظور ووجدة والحسيمة)، فإن عدد الوافدين في إطار عملية العبور 2012 (ما بين 5 يونيو و15 شتنبر) بلغ 467 ألف و133 شخصا مقابل 497 ألف و952 شخصا سنة 2011 (ناقص 6.19في المائة)، فيما بلغ عدد المغادرين خلال الفترة ذاتها، 423 ألفا و760 شخصا (ناقص 9.92 في المائة). وأضاف المصدر ذاته أن عدد الوافدين والمغادرين عبر باب مليلية بلغ 283 ألفا و16 شخصا، وعبر ميناء الناظور (195 ألفا و51 شخصا)، والحسيمة (24 ألفا و771) ومطارات العروي بالناظور (225 ألفا و416) ووجدة أنجاد (139 ألفا و812) والشريف الإدريسي بالحسيمة (22 ألفا و827).